السيستاني يتّهم الأميركيّين بـ «عدم الجديّة في محاربة الإرهاب»... ونغروبونتي يرى أن توصيات «بيكر ـ هاميلتون» قيد التطبيقتابعت طهران أمس حملة الضغط التي تمارسها على واشنطن استعداداً للمحادثات المقرّرة بين الطرفين في بغداد في 28 من الجاري حول العراق فقط، داعيّةً إيّاها إلى «الإقرار بفشلها» في بلاد الرافدين، فيما رأى وكيل المرجع آية الله علي السيستاني أنّ الولايات المتّحدة «لا تتّبع سياسة جادّة» لمكافحة الإرهاب في العراق.
وقال وزير الخارجيّة الإيراني منوشهر متّكي، للصحافيين في طهران أمس «إذا اعترف الأميركيون بفشل سياستهم في العراق، واذا كانت لديهم إرادة حقيقية في تصحيح الوضع الحالي ومساعدة الشعب والحكومة العراقية على استعادة الأمن، فهذه المناقشات قد تتمخض عن تقدّم»، موضحاً أنّ «سفيراًَ صاحب خبرة» سيترأس وفد بلاده في المحادثات في بغداد، التي يمثل فيها واشنطن سفيرها في بغداد رايان كروكر.
وبشأن الدبلوماسيّين الإيرانيّين الذين اعتقلتهم القوّات الأميركيّة في أربيل في إقليم كردستان العراقي مطلع العام الجاري على قاعدة انتمائهم لـ «حرس الثورة» الإيراني، أوضح متّكي، بعد لقاء مع عائلاتهم في طهران، أنّه قد يُفرج عنهم بحلول 21 من الشهر المقبل، موضحاًَ أنّ وزير الخارجيّة العراقي هوشيار زيباري أبلغ المسؤولين الإيرانيّين ذلك «نقلاً عن مسؤولين أميركيين»، لدى زيارته طهران الشهر الماضي.
وفي السياق، أشار متكي إلى اجتماعه الأخير بأحد كبار المسؤولين في إقليم كردستان العراق، نيجروان بارزاني، في طهران. وقال «أكّدت له أنّ الشعب الإيراني كان يتوقّع أن يقوم البيشمركة الكرد (الميلشيا الكرديّة)، الذين دعمهم الشعب الايراني قبل مرحلة سقوط (الرئيس العراقي الراحل) صدام (حسين) وما بعدها، بمنع اختطاف الدبلوماسيين الايرانيين»، موضحاً أنّ المسؤول الكردي أجاب بالقول «اعتبرنا ذلك من مسؤولياتنا، لكن الهجوم كان سريعاً بحيث اعاق أيّ جهود من الشعب والقوّات الكردية».
وفي هذا الوقت، رأى رئيس مصلحة تشخيص النظام الإيراني هاشمي رفسنجاني، أنّ وضع شروط مسبقة لمباحثات بغداد «دليل على عدم التزام المباحثات نفسها». وقال، خلال خطبة الجمعة في طهران، إنّ «الغربيين لم يقدموا المساعدات التي كان من المفترض تقديمها إلى الشعوب وفقاً للاتفاقيات والمعاهدات الدولية». وأضاف، متوجهاً إلى الأميركيين، «ما الذي حصلتم عليه في العراق؟ ما الذي حصلتم عليه من خلال فرض الضغوط الظالمة على البلدان من خلال مجلس الأمن لكي تواصلوا هذا الطريق؟».
وفي السياق، نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانيّة عن نائب وزيرة الخارجية الأميركي جون نغروبونتي قوله إنّ بلاده «اتخذت أخيراً عدداً من الخطوات التي أوصت بها السنة الماضية مجموعة دراسة العراق، وبالتحديد اللقاءات (التي عقدتها) مع سوريا وإيران بشأن مصير البلاد (العراق)»، وذلك في إشارة إلى التوصيات الذي قدّمها تقرير «بيكر ــــــ هاميلتون» للرئيس جورج بوش في كانون الأوّل الماضي، حول كيفيّة إحلال الاستقرار في العراق.
إلى ذلك، اتّهم الوكيل الشرعي للسيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي، في خطبة الجمعة في كربلاء أمس، الولايات المتحدة بـ «عدم الجديّة في محاربة الإرهاب» وعدم «السماح للقوات العراقية بأداء واجباتها الأمنية بحرية»، مشيراً الى أنّ «هناك تحرّكات لقوّات الاحتلال في بعض المناطق التي تحدث فيها تفجيرات ارهابية ويسقط فيها الكثير من الأبرياء، تؤكد عدم اتباعها سياسة جادة».
من ناحية أخرى، وصف إمام الجمعة في النجف وخطيبها، صدر الدين القبانجي، وهو مقرّب من السيستاني، أمس، المباحثات الأميركية ــــــ الإيرانية بأنّها «نقطة نوعية متقدمة»، مشيراً إلى أنّ «انعقادها في بغداد يمثل الخطوة الأولى من نوعها لمباحثات حرّة ومباشرة بين أميركا وإيران»، ومعرباً عن أمله «أن يصل هذا الحوار إلى ميثاق سلام بين الطرفين».
أمّا في واشنطن، وفي إطار النقاش حول قانون تمويل القوّات الأميركيّة في العراق، فقد رفض البيت الأبيض أمس، بعد اجتماع ضمّ كبير الموظّفين فيه جوشوا بولتون وقطبي الكونغرس الديموقراطّيين (رئيسي مجلسي الشيوخ والنوّاب) هاري ريد ونانسي بيلوسي، اقتراح الأخيرين حول صيغة تعديليّة لآليّة التمويل وحجمه. وقالت بيلوسي، بعد اللقاء الذي ضمّ أيضاً مستشار الأمن القومي ستيفن هادلي وزعيم الجمهوريّين في مجلس الشيوخ السيناتور ميتش ماكونيل، إن «الخلاف بين الديموقراطيّين وبين الرئيس (بوش) متعلّق بالمحاسبة الماليّة فقط»، مؤكّدةً أنّ «قوّاتنا ستُموّل»، فيما أوضح ريد أنّ «وصف نتيجة الاجتماع بأنّها خيبة أمل هو أقلّ ما يمكن قوله».
ميدانيّاً، قتل ثلاثة جنود أميركيين في محافظة ديالا وآخران بينما كانا يقومان بعمليّات مداهمة، وجرح 9 آخرون في جنوب بغداد، في وقت قال فيه تلفزيون «أيه بي سي نيوز» الأميركي إنّ مسلّحين قتلوا صحافيّين تابعين للمحطة هما علاء الدين عزيز وسيف ليث يوسف. ونقلت وكالة أنباء «الدار» العراقية عن مسؤول عراقي قوله إنّ نحو 50 مسلحاً هاجموا قاعدة عسكريّة أميركية في بعقوبة شمال شرق بغداد، وهو ما دفع إلى تدخّل المروحيات التي قتلت 6 من المهاجمين.
وأفادت الشرطة أمس بأنّ 12 شخصاً قضوا في تفجيرات مختلفة في أنحاء البلاد.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، رويترز، د ب أ)