لم تكن الاستقالة التي قدّمها رئيس البنك الدولي بول وولفوويتز أول من أمس من منصبه، مفاجئة بالنسبة إلى الذين تتبّعوا تطوّرات «فضيحة» ترقية وزيادة راتب صديقته الموظّفة في المؤسسة العالمية شاها رضا منذ عامين. غير أنّ ما سيثير وسائل الاعلام والمراقبين ابتداءً من اليوم حتّى تعيين الخلفسيكون مَنْ من دون شكّ، فصول الأزمة بدأت ملامحها تظهر الى العلن بين الأوروبيين من جهة، والولايات المتحدة الأميركية من جهة ثانية، على خلفية الجهة المخوّلة تسمية الرئيس المستقبلي.وكما كان متوقّعاً، أعلن ولفوويتز أنه سيترك منصبه في 30 حزيران المقبل، وذلك في بيان أصدره مجلس ادارة البنك الدولي. وحاول نائب وزير الدفاع السابق، إضفاء الطابع الانساني على آخر مواقف رسمية تصدر عنه في هذا المنصب، وقال «أفقر الناس في العالم يستحقون أفضل ما يمكن ان نقدّمه، ومن الضروري الآن أن نجد سبيلاً للمضي قدماً».
وفور تقديم الاستقالة، افتتح مجلس البنك سلسلة من الاجتماعات المغلقة لبحث مسألة القيادة، بما في ذلك أسلوب اختيار الرئيس الجديد.
وبعيداً عن حيثيات الاستقالة، تُعتبر الإطاحة بولفوويتز من رئاسة البنك الدولي، تحدياً لم يسبق له مثيل للقيادة الأميركية للنظام المالي العالمي، وقد أبدى بعض المسؤولين والخبراء الأميركيين، قلقهم من ان الجدل الدائر في شأن تغيير نظام التعيين، قد يجبر الولايات المتحدة على التخلي عن عادة تعيين رئيس البنك المتبعة منذ تأسيس النظام المالي الدولي في مؤتمر بريتون وودز عام 1944، بما أنّ واشنطن تملك حالياً 16.38 في المئة من حقوق التصويت في البنك، تليها اليابان والمانيا وفرنسا وبريطانيا.
وبحسب الخبراء والمراقبين، يُعدّ التغيير الجذري لنظام اختيار رئيس البنك وسياسات الإقراض، السبيل الوحيد لأن يتستعيد المؤسسة مصداقيتها.
وتمسّكت واشنطن أمس باختيار الخلف. وقال مسؤول من البيت الأبيض إنه «لن يكون هناك أي تغيير في الأسلوب الذي يتم به اختيار رئيس البنك الدولي». وأضاف إنّ بوش ووزير ماليته هنري بولسون، سيعيّنان قريباً أميركياً جديداً للمنصب.
وفيما حذّر البيت الأبيض من أنه لا يزال من السابق لأوانه التكهن بمن سيخلف ولفوويتز، إلا أن الأسماء بدأت تتردد في وسائل الاعلام الأميركية ومنها نائب وزير الخارجية الأميركي السابق روبرت زوليك ونائب وزير الخزانة الأميركي روبرت كيميت، إضافة إلى رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير.
وتتصدّر المنظّمات الدولية غير الحكومية التي تُعنى بقضايا الفقر والتنمية، حملة المطالبين بتغيير أسلوب اختيار رئيس المؤسسة، ودعا العاملون بالبنك الدولي وجماعات مكافحة الفقر، لأسلوب اختيار يستند إلى الكفاءة وليس الجنسية.
وفي آخر ردود الفعل، قال المتحدث باسم البيت الأبيض طوني فراتو، إن بوش قبِل «على مضض» استقالة ولفوويتز، واصفاً إيّاه بـ«الرجل الطيب والمتعاطف مع معاناة فقراء العالم».
(د ب أ، رويترز، أ ف ب، أ ب)