يبدو واضحاً أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بات في موقف حرج جداً جراء تقاطع الضغوط الأميركيّة والداخليّة عليه من أجل المضي قدماً في مشروع «المصالحة الوطنيّة». وما نداءاته أمس لتأليف «مجالس خلاص وطنيّة تحارب الإرهاب» إلا محاولة تبدو الأخيرة له قبل تطور الأمور باتجاه إطاحته من منصبه، تمهيداً لتسوية تُخرج الرئيس جورج بوش من مأزقه العراقي قبل حلول شهر أيلول، الموعد الذي حدده جمهوريو واشنطن قبل التخلي عن سيد البيت الأبيض
دعا رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في حديث للصحافيّين بمناسبة الذكرى السنويّة الأولى لتولّيه منصبه أمس، القبائل العراقيّة إلى تأليف «مجالس للخلاص» تحارب تنظيم «القاعدة» على امتداد الوطن، مشيراً إلى أنّ تلك الحرب «ستكون طويلةً ومفتوحة»، ومحذّراً «أطرافاً خارجيّة» من أنّها ستدفع «ثمناً غالياً» في أمنها الداخلي جرّاء تدخّلها في الشأن العراقيوفي إطار الضغوط التي تمارس عليه داخليّاً بعد عام على وجوده في السلطة، نقلت وكالة «رويترز» أمس عن مسؤولين عراقيّين اتّهامهم للمالكي بـ «عدم انتهاز الفرص لتنفيذ تغييرات مؤلمة مطلوبة لتحقيق الاستقرار في البلاد»، موضحةً أنّ بعض المسؤولين السنة يرون أنّ مستشاريه، وغالبيتهم من أعضاء حزب «الدعوة» الذي يتزعمه، أعطوه صورة مشوّهة عن الوضع.
في هذا الوقت، وفي خطوة هي الأولى من نوعها، قام زعماء من «صحوة الأنبار»، وهو تحالف من عشائر العرب السنة يقاتل تنظيم «القاعدة»، بزيارة قادة التيّار الصدري في مدينة الصدر أمس، بهدف «دفع المصالحة الوطنية إلى الأمام».
وبعد لقاء دام ساعة بين رئيس مجلس «إنقاذ الأنبار»، وهو الجناح المسلّح لـ «صحوة الأنبار»، الشيخ حميد الهايس، والوفد المرافق مع قادة «التيّار الصدري»، أصدر الطرفان بياناً يشدّد على «محاربة الإرهاب بمختلف مسمياته»، وعلى ضرورة «السعي إلى وحدة وسيادة العراق والإسراع في إكمال بناء القوات الأمنيّة والعسكرية على أساس وطني ومهني».
وفي السياق، أوضحت النائبة العراقية المقرّبة من الزعيم الشيعي مفتدى الصدر، أسماء الموسوي، في تصريح صحافي أمس، أنّ الحوارات التي يجريها «التيار الصدري» مع «القائمة العراقية» بزعامة إياد علاوي والقوائم الأخرى الممثلة في البرلمان، «لا تهدف إلى تأليف كتلة سياسية جديدة، وإنّما لحشد الجهود وجمع التواقيع من أجل جدولة انسحاب القوات الأجنبية من العراق».
أمّا في واشنطن، وفي إطار الصراع الذي يعيشه بوش مع الديموقراطيّين والجمهوريّين في شأن استراتيجيّته في العراق، قال الرئيس الأميركي، في مقابلة مع «رويترز» أوّل من أمس، إنّه يعتقد أنّ أيلول المقبل سيشهد «لحظة مهمّة» لتقويم مدى التقدّم الذي حقّقته خطته لزيادة القوّات في العراق، موضحاً أنّه يتوقّع تلقّي تقويم لآثار خطّة زيادة القوّات من قائد قوّات الاحتلال في العراق الجنرال دايفيد بترايوس، ومشيراً إلى أنّه سيلقي كلمةً اليوم «يذكّر فيها الناس بأنّ (تنظيم) القاعدة هو العدوّ الرقم واحد للعراقييّن والأميركيّين».
وبدا الديموقراطيّون مستعدّين للتخلّي عن إصرارهم على إدراج جدول زمني لسحب القوّات من العراق في قرار تمويلها، وذلك بعد لقاء جمع زعماءهم في مجلسي النوّاب والشيوخ مع مساعدي بوش تمحور حول وضع اللمسات الأخيرة على النصّ النهائي الذي سيرسلونه هذا الأسبوع إلى الرئيس بعد مواجهة استمرّت أسابيع.
من جهة أخرى، نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية أمس، عن مسؤولين أميركيّين اتّهامهم لإيران بإقامة علاقات سرية مع عناصر من «القاعدة» والمسلّحين العرب السنة في العراق استعداداً لشنّ هجوم عنيف ضدّ قوات الاحتلال في الصيف المقبل لحمل الكونغرس الأميركي على التصويت لمصلحة سحب القوّات الأميركيّة بالكامل.
وفي أجواء المحادثات المزمع عقدها بين طهران وواشنطن «حول العراق فقط» في بغداد الاثنين المقبل، التي سيمثّل الجانب الأميركي فيها سفيره في بغداد ريان كروكر، أعلن تلفزيون «العالم» الإيراني أمس أن المندوب الإيراني المنتهية ولايته لدى الأمم المتحدة، جواد ظريف، سيترأّس وفد بلاده فيها.
ميدانيّاً، لقي ما لا يقل عن 49 شخصاً مصرعهم في هجمات متفرّقة وعثر على 26 جثّة في أنحاء العراق أمس، فيما أعلنت الشرطة أنّ قوّات عراقيّة وأميركيّة ألقت القبض على أمير «دولة العراق الاسلامية» في بعقوبة أحمد مظهر العزاوي.

(أب، أ ف ب، يو بي آي،
د ب أ، رويترز)