يبدو أنّ الجدال «الساخن» بين روسيا من جهة، والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جهة ثانية، على خلفية الخلاف في شأن الدرع الصاروخية التي تنوي واشنطن نشرها في بولندا وتشيكيا، تسير نحو تأزُّم إضافي؛ فقد شهد يوم أمس سلسلة مواقف من أطراف عديدة لها علاقة مباشرة بالأزمة المذكورة، أبرزها صدر عن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي حذر من أن المضي في هذا المشروع يشكل خطراً على روسيا وعلى كل أوروبا.في المقابل، غيّر الرئيس الأميركي جورج بوش في لهجته إزاء ما كان يسمّيه «حليفه الروسي»، وقال أمس إنه «توجد توترات كثيرة بين الغرب وروسيا». وأبدى «شكوكاً بشأن الطريق الذي تسلكه روسيا إلى الديموقراطية تحت قيادة الرئيس فلاديمير بوتين».
ووجّه بوش رسالة لنظيره الروسي، من خلال مقابلة أجرتها معه وكالة «رويترز»، نصحه فيها بانتهاج «طريق أفضل للسير قدماً»، مشيراً إلى أنّ مصلحة روسيا «تقع في الغرب، ويجب علينا أن نعمل سوياً بروح التعاون».
واقترح لافروف، خلال زيارته لأذربيجان، «بدء تقويم الأخطار الصاروخية والنووية المحتملة على أوروبا وروسيا وشركائنا من رابطة الدول المستقلة»، مشيراً إلى أنّه لا يمكنه اعتبار «أية خطوات أحادية الجانب، إلا تهيئة لسيناريو انشقاق جديد في أوروبا».
أمّا عن الانسحاب الروسي من معاهدة الحد من السلاح التقليدي، الذي سبق أن لوّح به الرئيس فلاديمير بوتين، فقال لافروف، في كلمة ألقاها أمام طلاب وأساتذة جامعة باكو الأذرية، إنّ «الانسحاب من المعاهدة لن يلحق ضرراً بالأمن الأوروبي، لأن روسيا ستجد الأساليب التي تضمن التوازن العسكري ــــــ السياسي في أوروبا».
في المقابل، أيّد كل من الرئيسين التشيكي فاكلاف كلاوس والبولندي ليش كازينسكي، نشر قواعد الدرع الصاروخية الأميركية في بلديهما، خلال اجتماع عشاء غير رسمي جمعهما أول من أمس.
وقال كلاوس إن هذه الدرع من شأنها تقوية العلاقات بين الدول الأوروبية، مشيراً إلى أنه لن يناقش الموضوع مع الرئيس الأميركي جورج بوش في الاجتماعات المقررة بينهما في شهري حزيران وتموز المقبلين، قبل أن يبحثه مع نظيره التشيكي.
في هذا الوقت، قال الأمين العام لمجلس الأمن الروسي إيغور إيفانوف أمس إن منظمة شنغهاي للتعاون، التي تضم كلاً من روسيا وكازاخستان وقرغيزيا والصين وطاجيكستان وأوزبكستان، لا تخطّط للتحول إلى تحالف عسكري يكون منافساً لحلف شمال الأطلسي. وطمأن هذا الحلف إلى أن «التدريبات التي تجريها منظمة شنغهاي، تهدف إلى إتقان أساليب وعمليات مكافحة الإرهاب».
وأظهر استطلاع للرأي أجراه مركز «ليفيدا» الروسي ونُشرت نتائجه أمس أنّ ديمتري ميدفيديف، أحد رموز الجناح الليبرالي الحليف لبوتين، استعاد تفوّقه على وزير الدفاع السابق سيرغي إيفانوف في توقّعات الرئاسة الروسية المقررة عام 2008. وبحسب الاستطلاع، فإنّ إيفانوف يحتلّ المركز الثاني بعد ميدفيديف، يليهما الزعيم القومي فلاديمير زهيرينوفسكي والشيوعي غينادي زوغانوف.
إلى ذلك، أظهرت دراسة أجراها البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية أنه على الرغم من الطفرة الاقتصادية التي تشهدها روسيا منذ سنوات، «لا يزال نصف سكانها يشعرون ببعض الحنين إلى الاتحاد السوفياتي السابق».
وبحسب آنا أندرينكوفا، أستاذة علم الاجتماع في معهد الأبحاث الاجتماعية المقارنة في موسكو، فإن الاتحاد السوفياتي «في طريقه للتحول إلى أسطورة وملحمة».
(أ ف ب، رويترز، د ب أ، يو بي آي، أ ب)