غزة ــ رائد لافيرام الله ــ سامي سعيد

عباس يطالب بوقف الصواريخ «العبثية»... والفصائل تعرض «تهدئة متزامنة»


أسقطت سلطات الاحتلال أمس مجدداً عرض «التهدئة المتزامنة»، الذي تقدّمت به الفصائل الفلسطينية الخميس (ليل الأربعاء ــ الخميس) بعد الاجتماع مع الرئيس محمود عباس، وواصلت طائرات الاحتلال غاراتها على قطاع غزة موقعة شهيدين وعدداً من الجرحى، فيما وسّعت القوات الإسرائيلية عملياتها في الضفة الغربية، حيث اعتقلت أكثر من ثلاثين مسؤولاً من حماس، بينهم وزراء ونواب.
واقتحم جنود اسرائيليون مدينة نابلس في الضفة الغربية واعتقلوا وزير التعليم ناصر الشاعر، وعلى الأقل ثلاثة أعضاء في المجلس التشريعي الفلسطيني من حماس، هم حامد البيتاوي وداوود أبو سير وعبد الرحمن زيدان، ورؤساء بلديات نابلس عدلي يعيش، وبيتا عرب الشرفا، وقلقيلية وجيه قواس، ورئيس أوقاف نابلس فياض الأغبر، الى جانب مسؤولين محليين من حماس.
وقال الجيش الاسرائيلي، في بيان، إن قواته اعتقلت 33 شخصاً في مناطق متفرقة من الضفة الغربية لاستجوابهم. وأضاف البيان أن «منظمة حماس الإرهابية متورطة حالياً في تعزيز البنية التحتية الإرهابية في المنطقة (الضفة الغربية) استناداً الى النموذج المستخدم في قطاع غزة. وتستغل الحركة المؤسسات الحكومية لتشجيع الأنشطة الإرهابية ودعمها».
ودانت السلطة الفلسطينية الاعتقالات، وقال المتحدث باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينة، إن «هذه الخطوات ستؤدي إلى المزيد من التوتر في الأراضي الفلسطينية»، محذراً من
أنه سيكون لها عواقب وخيمة.
ودانت الحكومة الفلسطينية الاعتقالات، وقال وزير الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة مصطفى البرغوثي إن «ما قامت به اسرائيل هو حرب شاملة على الشعب الفلسطيني تستهدف ضرب وحدته الوطنية المتمثلة في تأليف حكومة الوحدة الوطنية». وأضاف أن ذلك «يستدعي تحركاً وطنياً جماعياً لمواجهة المخططات الإسرائيلية لتعطيل مؤسسات السلطة الوطنية في إطار مسلسل الجرائم الاسرائيلية التي أخذت أشكالاً متعددة عبر استمرار القصف على غزة والحصار الجائر لشعبنا».
وشدّدت حركة فتح، على لسان المتحدث باسمها في الضفة الغربية فهمي الزعارير، على أن «الاحتلال يهدف من خلال عمليات الاعتقالات الأخيرة إلى إجهاض كل جهود التوافق الداخلي الفلسطيني، أو تحقيق السلام والعودة إلى عملية السلام».
واعتبرت حماس، في بيان، أن الاعتقالات «خطوة تعبّر عن إفلاس وتخبّط انتاب الحكومة الإسرائيلية نتيجة حالة الهستيريا التي أحدثتها المقاومة الفلسطينية»، ووصفتها بأنها «مجزرة حقيقية للديموقراطية الفلسطينية ومحاولة يائسة لتغيير موازين القوى السياسية في الساحة الفلسطينية وضرب خيار المقاومة الذي رفعته الحركة عالياً».
وشددت حماس على أن «خيار المقاومة خيار استراتيجي ثابت لن تتخلى عنه قولاً وفعلاً، وهو متواصل ما دام هناك محتل».
وبرّر وزير الدفاع الاسرائيلي عامير بيرتس هذه الاعتقالات بـ«أنها رسالة الى الأجنحة العسكرية للمنظمات الإرهابية لتتوقف عن إطلاق الصواريخ». وأضاف أن القيام بالاعتقالات «أفضل من عمليات عنيفة». وادعى أن إسرائيل «ستفعل كل شيء من أجل إعادة الهدوء».
وأعرب مبعوث الأمم المتحدة الخاص للشرق الأوسط المعيّن حديثاً مايكل وليامز عن «انزعاجه» من الاعتقالات، وقال «انزعجت حين رأيت الجنود الاسرائيليين يعتقلون أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني. انزعجت لاعتقال وزير التعليم».
وأضاف وليامز «بالطبع، لا حصانة للمشرّعين من القانون، لكن ما يقلقني أنه في غالبية الحالات، كما فهمت، لم توجّه لهم أي اتهامات ناهيك بتقديمهم للمحاكمة». وشدد على أنه يجب على اسرائيل والفلسطينيين والأمم المتحدة بحث إرسال قوة حفظ سلام دولية إلى قطاع غزة.
كذلك، دانت فرنسا الاعتقالات داعية الى «الإفراج الفوري» عن مسؤولي حماس.
ميدانياً، استشهد فلسطينيان، أحدهما امرأة متأثرة بجروحها، في العدوان الاسرائيلي المتصاعد في القطاع منذ نحو أسبوع، في وقت واصلت فيه الطائرات الحربية الإسرائيلية سلسلة غاراتها اليومية التي تستهدف مواقع وأهدافاً مدنية فلسطينية.
وقتلت قوات الاحتلال الصياد سعيد نادي العطار (30 عاماً)، عندما فتحت آلية عسكرية إسرائيلية النار عليه بالقرب من منطقة الواحة غرب بلدة بيت لاهيا شمال القطاع.
وأعلنت مصادر طبية استشهاد المواطنة آمال دولة (42 عاماً) متأثرةً بجروح خطيرة أصيبت بها قبل أيام، جراء القصف الإسرائيلي، الذي استهدف موقعاً لوحدة الأمن والحماية التابعة للقوة التنفيذية في مدينة غزة.
وعلى رغم الانتهاكات الإسرائيلية، جدّد الرئيس الفلسطيني مطالبة حماس بوقف الهجمات الصاروخية على إسرائيل فوراً، ووصفها بأنها «عبثية».
وقال عباس، في مؤتمر صحافي مشترك مع المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا بعد لقائهما في مقر الرئاسة في غزة، إنه أبلغ سولانا بنتيجة اجتماعاته مع الفصائل الخمسة (فتح وحماس والجهاد والجبهتين الشعبية والديموقراطية) «لإيقاف الصواريخ التي أسميها الصواريخ العبثية والتي لا حاجة إليها، ويجب أن تتوقف لنصل الى هدنة متبادلة ومتزامنة وشاملة بيننا وبين اسرائيل». وأضاف «نريد هدنة، ليس هنا فقط، بل في الضفة الغربية وقطاع غزة». وأشار الى أن الفصائل ستدرس موضوع التهدئة.
أما سولانا فدعا من جهته الى «الحوار» بين الإسرائيليين والفلسطينيين «لمعالجة المشاكل كما يفعل الأناس العقلاء». ودعا أيضاً الى وقف إطلاق الصواريخ على اسرائيل والغارات الاسرائيلية، معتبراً ان «العنف لا يحل المشاكل».
وكانت حركات فتح وحماس والجهاد الإسلامي، والجبهتان الشعبية والديموقراطية لتحرير فلسطين، شددت أول من أمس على أنها لن تقبل إحياء التهدئة مع دولة الاحتلال، من دون توافر ثلاثة شروط، وهي أن تكون هذه التهدئة «متزامنة وشاملة ومتبادلة»، فيما توافقت على أهمية تثبيت التهدئة الداخلية، وتوحيد تكتيكات المقاومة.


ما قامت به إسرائيل هو حرب شاملة على الشعب الفلسطيني تستهدف ضرب وحدته الوطنية المتمثلة في تأليف حكومة الوحدة الوطنية، وذلك يستدعي تحركاً وطنياً جماعياً لمواجهة المخططات الإسرائيلية لتعطيل مؤسسات السلطة الوطنية في إطار مسلسل الجرائم الإسرائيلية التي أخذت أشكالاً متعددة عبر استمرار القصف على غزة والحصار الجائر لشعبنا