أكدت واشنطن أمس مضيها قُدُماً في «درعها الصاروخية» متجاهلة المعارضة الروسية، معلنة عن نيتها إجراء تجربة على هذا النظام اليوم «إذا كانت الأحوال الجوية تسمح بذلك»، في خطوة تُعدّ تطوّراً «نوعياً» قد يكون الأهم منذ بدء الأزمة، لأنّ التجربة المقررة تأتي بعد محاولات عديدة باءت في الفشل منذ عام 2002.وذكرت مصادر في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنّ التجربة تشمل إطلاق صاروخ من ألاسكا، يعقبه صاروخ دفاعي من كاليفورنيا يتصدى له ويدمره. ويرى المراقبون أن اختبار النظام المثير للجدل، يتزامن مع توقيت حرج بالنسبة إلى الرئيس الاميركي جورج بوش، بحيث إن نجاح التجربة سيساعده على إقناع الكونغرس بالموافقة على تخصيص المبالغ المطلوبة للبرنامج، بينما سيؤدّي فشلها إلى تمسّك الحزب الديموقراطي بموقفه الرافض.
وفي المقلب الروسي، دعم آخر رؤساء الاتحاد السوفياتي السابق ميخائيل غورباتشوف أمس، الموقف الرسمي لبلاده في شأن الأزمة التي تسبّبب بها مشروع الدرع الصاروخية المنوي نشرها في دول أوروبا الشرقية، فرأى أنّ من شأن تنفيذ هذا المشروع «تهديد الأمن العالمي».
وتبنّى غورباتشوف رأي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ما يتعلّق بالتبريرات التي قدمتها واشنطن للسير قدماً في المشروع، فوصفها بأنها «مثيرة للشكوك». وقال، في حديث لإذاعة «إيخو موسكفي» الروسية، إنّ الهدف الأميركي الحقيقي من هذا المشروع، ليس سوى «محاولة لممارسة التهديد والرعب على كل الدول التي من الممكن أن تؤثّر يوماً ما على الأحادية القطبية الأميركية».
وفي الإطار نفسه، بدأت في العاصمة البولندية وارسو أمس مباحثات سياسية بين بولندا والولايات المتحدة حول الدرع الأميركية المزمع نشرها داخل بولندا وتشيكيا، وهو الأمر الذي يواجه رفضاً شعبياً في جمهورية التشيك.
وصرّحت وزيرة الخارجية البولندية آنا فوتيجا، قبيل الاجتماع مع مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جون رود، بأنه لا يمكن توقع نتائج المفاوضات مسبقاً، وأضافت «نرى ضرورة الانتظار حتى يمكن إزالة جميع الشكوك بشكل نهائي».
في هذا الوقت، اختتم بوتين زيارتيه القصيرتين الى كل من النمسا واللوكسمبورغ. وقبل مغادرة فيينا، زار بوتين النصب التذكاري السوفياتي الذي يرمز الى ضحايا الجيش الأحمر الذي شارك في تحرير النمسا من النازية.
وخلال اجتماعاته مع زعماء نمساويين أول من أمس، وفي مقدمتهم الرئيس هاينز فيشر والمستشار ألفريد جوزنباور، جدّد بوتين موقف روسيا في ما يتعلق بالخلافات الأخيرة مع الاتحاد الأوروبي، وكرّر رفضه مجدّداً للخطط الأميركية لإقامة مظلّة دفاع صاروخية شرقي أوروبا.
الى ذلك، بعث بوتين برسالة الى المشاركين في مؤتمر «الحيلولة دون الكوارث النووية»، الذي عُقد أمس ويُختتم اليوم في اللوكسمبورغ، قال فيها إن «الخطر النووي انخفض بشكل ملموس بعد انتهاء الحرب الباردة»، ولكنه جزم بأن العالم لم يصبح أكثر أماناً بعد، بسبب ظهور «الإرهاب الدولي وخطر حصول الإرهابيين على السلاح النووي».
وفي الشأن الروسي الداخلي، كشف رئيس مجلس الفيدرالية الروسي سيرغي ميرونوف أمس عن اتجاه لتعديل الدستور خلال السنتين المقبلتين، بغية تعديل فترة الولاية الرئاسية، لتصبح ما بين 5 إلى 7 سنوات، مع السماح ببقاء رئيس البلاد في منصبه لثلاث دورات متتالية.
ويدّعي معارضو الكرملين أن هذه الإصلاحات الدستورية تأتي من ضمن محاولات بوتين للبقاء في الحكم بعد انتهاء ولايته الدستورية العام المقبل. ومعروف أنه لا يحق لبوتين، بموجب الدستور الحالي، الترشح لولاية ثالثة بعدما أمضى فترتين رئاسيتين متتاليتين مدة كل منها أربع سنوات.
(أ ب، د ب أ، يو بي أي، رويترز، أ ف ب)