strong>تقارب بين «التوافق» و«الائتلاف الموحّد» و«التيّار الصدري» يبحث «أسلوباً سياسياً جديداً»
بين غموض المخاض السياسي، الذي ظلّلت تطوّراته أمس مؤشرات تقارب بين كتلتي «الائتلاف» الشيعيّة و«التوافق» السنيّة، لا سيّما في ما يخصّ التعديلات الدستورية، وبين الغرق الأمني للاحتلال الأميركي، تعيش بلاد الرافدين مرحلة تزداد حساسيّتها يوماً بعد يوم، وتخضع فيها حكومة بغداد لاستحقاقات قد تهوّن من مفاعيلها محادثات «قناة بغداد» المنطلقة اليوم.
فقد أعلن الجيش الأميركي أمس أنّ اثنين من جنوده قتلا في هجمات في محافظة ديالي وفي غرب العاصمة العراقيّة، بعدما كان قد اعترف أوّل من أمس بمقتل 8 من جنوده في سلسلة هجمات خلال الأيام الماضية.
وبعدما كان الشهر الماضي قد سجّل سقوط 104 من عناصره، يرتفع عدد قتلى الجيش الأميركي خلال الشهر الجاري إلى 103 جنود، ومنذ الاحتلال في آذار عام 2003 إلى 3455 قتيلاً.
في هذا الوقت، وبعد مواجهة استمرّت 4 أشهر مع ديموقراطيّي الكونغرس تمخّض عنها رضوخهم بدواعي «الواجبات الوطنيّة لتمويل الجنود في الخارج» وظلّلتها ضغوط الجمهوريّين، وقّع الرئيس جورج بوش في «كامب دافيد» في ولاية ماريلاند الجمعة الماضي على مشروع قانون يوفّر 100 مليار دولار لتمويل احتلاله للعراق، بعدما أرسله إليه مجلس الشيوخ من دون أيّ إشارة إلى جدولة زمنيّة للانسحاب.
واتّضح أنّه لم يبق لديموقراطيّي الكونغرس سوى التوعّد من خلال مقولة «المعركة لم تنته»، وأنّ جدولة الانسحاب وربطها بجانب «التمويل الحيوي» لا تزال قائمة، إلى أن يُظهر أيلول المقبل أداءً إيجابيّاً للحكومة العراقيّة، متمثّلاً بـ 18 «معياراً» حول متفرّعات «المصالحة الوطنيّة».
أمّا على صعيد المعركة السياسيّة الداخليّة، وفي ما قد يمثّل إنذاراً للجانب الكردي يُفقده مركز ثقله في الموازنة السياسية من خلال تذليل الخلافات حول التعديلات الدستوريّة التي تتطرّق للمادّة 140 حول استقلال إقليم كردستان، كشفت جبهة «التوافق» بزعامة عدنان الدليمي عن تقارب في وجهات النظر بينها وبين «الائتلاف العراقي الموحّد» بزعامة عبد العزيز الحكيم.
ورأت النائبة عن «التوافق»، شذى العبوسي، أنّ المرحلة الأخيرة أظهرت «مشتركات كبيرة بين القائمتين، ووصلنا الى نتيجة بأنّنا في مركب واحد ويجب أن ننجو»، موضحةً أنّ «الأيّام المقبلة ستشهد أموراً تبشّر بالخير، وستشهد علاقات مختلفة بين الكتلتين».
إلّا أن طروحات «التيار الصدري» في هذا الشأن، وفي إطار «المصالحة الوطنية»، جوبهت بتشكيك «جبهة التوافق»، حيث أعرب رئيسها عدنان الدليمي عن ترحيبه الحذر إزاء دعوة الصدر إلى التصالح «لأننا نعتقد أن جيش المهدي يقوم بأعمال إرهابية ضدّ أبناء السنّة» على حدّ تعبيره.
كذلك، اتّفق رئيس «الجبهة العراقية للحوار الوطني» صالح المطلك والدليمي، من خلال تصريحات صحافيّة منفصلة أمس، على أنّ الأميركيين، ومن خلال «الاستراتيجية الجديدة» التي تنصّ على إيلاء التكتيكات السياسيّة أهميّة أكبر من تلك الأمنيّة، «بدأوا يتفهّمون الوضع في العراق»، مشيرَين إلى أنّ «إنجاحها يقوم على القضاء على الميليشيات وتطهير الأجهزة الأمنية من العناصر الطائفية وتشكيلها على أساس مهني».
وفي السياق، بحث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مع عدد من ممثلي «القائمة العراقية الوطنية»، التي يرأسها رئيس الوزراء السابق إياد علّاوي، في مجلس النوّاب أمس تطوّرات العملية السياسية والأوضاع الأمنية في البلاد. ونقل بيان صادر عن المالكي قوله إنّ «ذلك يعدّ الخطوة الأولى على صعيد الخروج من التوتّر السياسي الذي نعيشه حالياً»، ويؤمّن «الدخول في مرحلة جديدة من الوئام والتوافق الوطني»، مشيراً إلى أنّه «من حقّ الكتل السياسية التحرّك لتأسيس جبهات»، لكن «وفقاً للأصول والأسس الديموقراطية».
وبحث الزعيم الشيعي السيّد مقتدى الصدر، الذي ظهر علناً الجمعة الماضي، بعد نحو 5 أشهر على اختفائه، مع قادة التيار الصدري الذي يتزعّمه أمس، «أسلوباً جديداً» للتحرّك على الساحة السياسية العراقيّة. وقال مسؤول العلاقات العامّة في مكتبه الشيخ صلاح العبيدي، للصحافيين بعد اجتماع دام 3 ساعات في النجف، إنّ «هدف الاجتماع هو وضع آليات للتخلّص من الروتينات التي فرضتها علينا ظروف البلاد». وكان الصدر قد جدد الجمعة مطالبته بانسحاب قوات الاحتلال ودعا أنصاره إلى عدم مواجهة قوات الأمن والشرطة العراقيتين.
ميدانيّاً، قضى نحو 29 عراقيّاً في هجمات وتفجيرات متفرّقة، وعُثر على 60 جثةً، بحسب الشرطة العراقيّة، خلال الأيّام الثلاثة الماضية.
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي، د ب أ، رويترز، الأخبار)