بول أشقر
يتوقف فجر اليوم، الإثنين بتوقيت فنزويلا، بثّ أقدم وثاني أكبر تلفزيون خاص في فنزويلا «ار سي تي في»، وفي الدقيقة التالية، يبدأ بث تلفزيون جديد تملكه الدولة يحمل اسم «تي في اس».
من الناحية القانونية، القرار الذي كان قد أعلنه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز بعد انتصاره الكاسح في الانتخابات الرئاسية الأخيرة أواخر السنة الماضية شرعي مع أنه يشكّل سابقة، إذ إنها المرة الأولى التي تلجأ فيها حكومة فنزويلية إلى قرار مماثل، فهي قررت عدم تجديد الرخصة، التي تنتهي اليوم، فيما جددت الرخص لوسائل إعلام أخرىوكان تلفزيون «ار سي تي في» يشكل طليعة التلفزيونات المعارضة لتشافيز وذلك منذ توليه السلطة قبل عقد تقريباً، وكان يحرّض علناً عليه وعلى سياساته من دون هوادة، في بلد انزلقت فيه وسائل الإعلام إلى خنادق المعسكرات السياسية نتيجة التجاذب الذي لف الساحة الفنزويلية.
وعلى سبيل المثال، خلال المحاولة الانقلابية التي أطاحت الرئيس تشافيز خلال 48 ساعة عام 2002، منع التلفزيون بث أي خبر عن تشافيز ووزرائه. وبعد عودة تشافيز إلى السلطة، بقي التلفزيون خلال 24 ساعة يبثّ رسوماً متحركة. حينها استقال مدير البرامج في التلفزيون وعيّنه تشافيز وزيراً للإعلام وهو يترأس اليوم «تيلي سور»، التلفزيون الإقليمي الذي ترعاه فنزويلا.
ولكن محطة «أر سي تي في» هي أيضاً أكبر منتج للمسلسلات الفنزويلية التي تصدر، مروراً بميامي، إلى العديد من دول أميركا اللاتينية وأوروبا والشرق الأوسط، ولوحدها كانت تجني نصف الموارد الدعائية في سوق التلفزيون في فنزويلا. ومن المرجح أن يستمر إنتاج هذه البرامج الترفيهية بواسطة الكابل.
وتكمن أهمية القرار في رمزيته وفي المدى الذي كانت تحتله المحطّة في عقول الناس منذ عقود طويلة. للوهلة الأولى، لا يغيّر القرار الكثير في توزيع السوق التلفزيوني الذي يبقى خاصاً بنسبة 80 في المئة والسوق الإذاعي بنسبة 70 في المئة، وأكثريتها بيد المعارضة. ولكنه يكرس نهاية مرحلة، إذ عدّلت الكثير من التلفزيونات الكبيرة من لهجتها في الفترة الأخيرة، وخصوصاً بعد فوز تشافيز الكاسح في الاستفتاء الشعبي حول تثبيته أو إقالته عام 2004. والبعض منها، مثل "فينيفزيون»، صار حتى موالياً بداعي واقعية المصالح.
وبعد إقفال «أر سي تي في»، صار التلفزيون الناطق باسم المعارضة هو «غلوبوفيزيون»، إلا أن مدى بث هذه المحطة أضيق من مدى «أر سي تي في»، التي كانت تغطي كامل الأراضي الفنزويلية، ناهيك عن أن رخصتها سارية حتى عام 2015.
يأتي قرار تشافيز «إسكات» «أر سي تي في» ضمن برنامجه القائم على إعادة تأميم عدد من القطاعات الأساسية للإسراع في بناء ما يسميه «اشتراكية القرن الواحد والعشرين»، ولترسيخ زعامته داخل فنزويلا وخارجها. وهو ما قام به منذ انتخابه في قطاع النفط وفي قطاع المواصلات. وعلى الصعيد السياسي هو منكبّ على التوحيد القسري للأحزاب التي تؤيده في إطار موحد يحمل اسم «الحزب الاشتراكي الموحد في فنزويلا»، وعلى إنشاء «حرس شعبي»، على النموذج الكوبي، تحسباً لما يعتبره «خطر احتلال فنزويلا من قبل الولايات المتحدة».