strong>بكين ترفض وباريس ولندن ترحّبان... والخرطوم «لن تركع ولن تفرّط في سيادتها»
تنفيذاً لتهديدات كان أطلقها في 18 نيسان الماضي، أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش أمس تشديد العقوبات الاقتصادية المفروضة من بلاده على السودان منذ عام 1997، لتطال 31 شركة جديدة تملكها الحكومة السودانية لتصدير النفط ومبادلات تجارية ومالية، و4 أفراد، بينهم مسؤولون في الحكومة وزعماء للمتمردين، وهو ما رفضته الخرطوم وبكين، فيما رحبت به باريس ولندن.
وقال مدير مكتب ضبط الأرصدة والموجودات الأجنبية في وزارة المالية الأميركية، آدم زوبن، في مؤتمر صحافي شارك فيه نائب وزير الخارجية الأميركي جون نغروبونتي، إنّ العقوبات تشمل ثلاث شخصيات سودانية كبيرة هم الوزير أحمد هارون، ومدير مكتب المخابرات العسكرية السودانية عوض بن عوف. أما الشخص الثالث فهو خليل إبراهيم، زعيم حركة العدالة والمساواة في دارفور.
وقال نغروبونتي إن العقوبات الجديدة التي تريد بلاده من مجلس الأمن فرضها على السودان تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة، تتضمن أيضاً فرض حظر ملزم على تحليق الطيران العسكري السوداني فوق دارفور. وادعى أن «حكومة السودان قد عزلت نفسها»، مشيراً إلى أن «استراتيجيتنا هي استخدام العزل لإرغام الخرطوم على تنفيذ تعهداتها التي مضى عليها وقت طويل ووضع حد للأزمة الإنسانية وأعمال القتل».
ولم ينتظر القرار الأميركي التوافق في مجلس الأمن على كيفية الرد على رفض الرئيس السوداني عمر البشير نشر قوة دولية محل قوة السلام الأفريقية في إقليم دارفور، فاتّهم بوش حكومة الخرطوم بارتكاب «الإبادة الجماعية» بحق سكان الإقليم، وأعلن أنه سيكثّف الجهود مع الحلفاء لإصدار قرار من مجلس الأمن ضد الخرطوم. غير أن بوش ذكر، خلال مؤتمره الصحافي، بأنه وافق على منح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مهلة لتليين مواقف الرئيس السوداني.
وأصدر الرئيس الأميركي تعليماته لوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، للتشاور مع المملكة المتحدة، وحلفاء آخرين بشأن استصدار قرار جديد من مجلس الأمن، لتمويل قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في دارفور، والتي رأى أنها «القوة الوحيدة التي تحمي المواطنين».
وفيما برّر بوش اتخاذ الولايات المتحدة لهذه القرارات بالمعاناة التي يشكو منها السكان «على أيدي حكومة مشتركة في التفجير والقتل واغتصاب المدنيين الأبرياء»، فإنه دعا البشير إلى «السماح لجنود حفظ السلام بالتدخل لإنهاء حملة العنف التي تستهدف الرجال والنساء والأطفال الأبرياء».
وفي ردّ فوري على القرار الأميركي، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية، علي الصادق، أن قرار الرئيس الأميركي ليس له ما يبرره، وأن من شأنه أن يزيد من حدة التوتر في العلاقات بين الدولتين وأن العقوبات لن تحل مشكلة دارفور.
كما اتهم مستشار الرئيس السوداني والمسؤول عن ملف دارفور، مجذوب الخليفة، الإدارة الأميركية بعرقلة جهود السلام. وأضاف أنه «في الوقت الذي يتحقق فيه تقدم حثيث في التعاون بين الحكومة السودانية والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، اختارت أميركا أن تسبح عكس التيار، وهو ما يكشف نياتها السيئة». ورفض «الاستجابة للضغوط الأميركية»، جازماً بأن قيادة بلاده «لن تركع ولن تفرّط في سيادتها»، وأن حكومته ستمضي في اتجاه الحل السلمي.
وقد تراوحت ردود فعل الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن تجاه الإجراءات الأميركية الجديدة، حيث عارضت الصين تشديد العقوبات الدولية على السودان. وقال ممثل الصين للشؤون الأفريقية، ليو جويجين، إن الضغوط والعقوبات لن تساعد في حل المشاكل. وأضاف، في مؤتمر صحافي في بكين، أن «تشديد العقوبات سيصعّب من حل المشكلة».
أما بريطانيا وفرنسا فأيدتا القرار الأميركي. وقال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير: «نرحب بأي تحرك للولايات المتحدة أو غيرها من أجل تشديد الضغط على الرئيس السوداني عمر البشير، لأن ما يحصل غير مقبول بحسب المعايير الدولية». وأضاف المتحدث إن «السودان يقبل بأمور تحت ضغط المجتمع الدولي ثم يتراجع عنها»، مضيفاً: «علينا الإبقاء على هذا الضغط».
(الأخبار، يو بي آي، د ب أ، أ ف ب، رويترز)