حيفا ــ الأخبار
«تورا بورا» غزة معقل آل دغمش للخطف والقتل... بغطاء أمني قائد «جيش الإسلام» يطلب 5 ملايين دولار لإطلاق جونستون بعدما باع «نصيبه» بشاليط بـ 150 ألفاً

أربعة أسابيع على اختطاف الصحافي البريطاني ألان جونستون في غزة. لا معلومات رسمية عن المختطفين أو مطالبهم أو شروطهم، إلا أن الجميع في غزة، صغيراً وكبيراً، أفراداً ومسؤولين، يعلمون خاطفيه ومكان احتجازه، لكن لا خطوات عملية لإطلاقه ممّا بات يعرف بأنه «تورا بورا» غزة، نسبة إلى المنطقة الأفغانية التي تحصّنت فيها فلول «طالبان» و«القاعدة» في عام 2001.
أسباب متشعّبة ومتداخلة تحكم الوضع في غزة، الذي يحتل المرتبة الثانية بعد العراق بالنسبة إلى الفلتان الأمني؛ فبين أمراء الأمن وأمراء الشوارع والعصابات، يعيش سكان غزة في حالة من القلق اليومي، تحوّلت خلالها عمليات الخطف إلى وسيلة للاسترزاق، بعيداً عن أي اعتبارات سياسية أو جهادية، كما يحاول أصحابها إلباسها.
وممتاز دغمش، قائد ما يسمى «جيش الإسلام»، أحد أبرز الأمثلة على حالة «الحكم الذاتي» في غزة، فرغم معرفة الجميع مسؤوليته عن خطف جونستون، إلا أنه لا أحد يجرؤ على الكلام، حتى أن تواطؤ أجهزة الأمن معه يمنحه حصانة من الملاحقة، إضافة إلى «حصانة العائلة».
و«تورا بورا» غزة، هي حي الصبرة، التي تعتبر معقل عائلة دغمش المعروفة بكثرة مشاكلها، والتي حولت المنطقة، أو أجزاء كبيرة منها، إلى مربع أمني كبير يضم منازل متلاصقة، فيما قامت بإغلاق جميع الطرق والشوارع التي تؤدي إلى منطقة سكنهم بالمتاريس، ونشر المسلحين من أفراد العائلة على مدار الساعة بغرض الحراسة.
وممتاز دغمش أحد أشهر أفراد العائلة التي تضم 1300 فرد، إذ يدين له بالولاء بضع مئات من أفراد مجموعته العسكرية، التي كانت في السابق جزءاً من لجان المقاومة الشعبية بقيادة الشهيد جمال أبو سمهدانة. ونتيجة خلافات داخلية، انفصل ممتاز ومجموعته عن اللجان الشعبية وشكّل ما بات يعرف بـ«جيش الإسلام»، وتبنى فكراً عقائدياً شبيهاً إلى حد كبير بفكر «القاعدة»، لذلك فقد عمد منذ أشهر على قتل نساء بتهمة «سوء الأخلاق»، وفجر محال للإنترنت بتهمة ترويجها للفساد.
وبحسب معلومات متداولة في غزة، فإن لدى دغمش مجلساً استشارياً يضم عدداً من الأشخاص من جنسيات يمنية وسودانية وسعودية وباكستانية دخلوا إلى قطاع غزة بطريقة غير شرعية، وبعضهم فلسطينيون تلقوا تعليمهم في باكستان.
وربطت ممتاز دغمش بحركة «حماس» علاقة متينة، حيث شاركت مجموعته في عملية «الوهم المتبدد» في 25 حزيران الماضي، وتم خلالها أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، لكن ما لبثت العلاقة أن تدهورت نتيجة اتهامه لـ«حماس» بالتفرد في التصرف بملف شاليط.
وتشير معلومات متداولة في غزة إلى أن حركة «حماس» قامت بشراء نصيب ممتاز من ملف الجندي شاليط بمبلغ 150 ألف دولار أميركي، وأن خطف الصحافي ألان جونستون جاء لتعويض ما حصل عليه من حركة «حماس»، لكونه غير راض عن المبلغ، ويطالب الآن بـ 5 ملايين دولار في مقابل الإفراج عنه، على غرار عمليات الخطف السابقة، التي كانت العائلة مسؤولة عن معظمها.
وتدهورت العلاقة بشكل خطير خلال موجة الاقتتال الداخلي بين حركتي «فتح» و«حماس» قبل توقيع اتفاق مكة، عندما اتهمت عائلة دغمش حركة «حماس» بقتل اثنين من أبنائها من ناشطي «فتح»، هما محمود وأشرف دغمش، حيث تعهّد ممتاز أن يثأر لمقتلهما. وبالفعل قتلت العائلة، بعد وقت قصير، ثلاثة من «حماس»، بينهم قيادي كبير في الإخوان المسلمين من عائلة الديري المجاورة لعائلة دغمش في حي الصبرة. وشنت العائلة كذلك سلسلة من عمليات القصف اليومية ضد منزل القيادي البارز في حركة «حماس» ووزير الخارجية السابق الدكتور محمود الزهار الواقع في الجهة الجنوبية من الحي نفسه.
وخلال هذه الأزمة، حدث تقارب بين العائلة وحركة «فتح»، وتحديداً مع التيار الذي يقوده محمد دحلان بحكم المصلحة المشتركة لمواجهة القوة المتنامية لـ«حماس». وكان المنسق بين الطرفين رجل دحلان وساعده الأيمن سمير مشهراوي، الذي كان يزوّد العائلة بالطعام والسلاح عندما كانت تعاني حصاراً مشدداً فرضته «حماس» عليهم لبضعة أيام.