باريس ــ بسّام الطيارة
اكتسبت زيارة وزير الخارجية الفلسطيني زياد أبو عمرو طابعاً خاصاً روّجت له الدبلوماسية الفرنسية بنوع من مدح الذات، مردّدة تكراراً بأنها “الزيارة الأولى لأوروبا”، وأن باريس كانت أول من وجّه دعوة إلى وزير من حكومة الوحدة الوطنية.
لكن لا يستطيع أي مراقب تجاهل موقف باريس الواضح والصريح في تشدده من الحكومة الجديدة، رغم هذه الشعارات التواصلية. وقد تكون «اللفتة» الوحيدة هي استقبال رئيس الوزراء دومينيك دو فيلبان للوزير أبو عمرو، وإنْ كانت خطوة تكريم بروتوكولية لا أكثر ولا أقل في ظروف “نهاية العهد”، التي تمرّ بها فرنسا، إذ شدّد الوزير الفلسطيني، لدى خروجه من قصر ماتينيون، على «أنه تطرّق مع دوفيلبان إلى المواضيع التي نوقشت قبل يوم مع (وزير الخارجية الفرنسي فيليب) دوست بلازي”.
وكان التشدد قد ظهر بقوة خلال المؤتمر الصحافي، الذي أعقب لقاء دوست بلازي وأبو عمرو. فقد رأى الوزير الفرنسي أن نجاح حكومة الوحدة الوطنية يملي عليها مسؤوليات كبيرة ومنها “إطلاق مواطننا جلعاد شاليط من دون تلكؤ”، مشدداً على الجنسية الفرنسية للجندي الإسرائيلي. وقال إن هذا يساعد باريس على “متابعة سياسة الانفتاح”، التي تتبعها تجاه الحكومة الجديدة. كما طالب الحكومة بالعمل على وقف إطلاق صواريخ “القسام”، رابطاً ذلك “باتفاق لوقف النار يعود إلى تشرين الثاني ٢٠٠٦”.
إلا أن الوزير الفرنسي، الذي لم يقدم أي حوافز للفلسطينيين في مقابل هذا التشدد، دعا “المجتمع الدولي إلى العمل تدريجياً لعودة المساعدات إلى وزارة المالية الفلسطينية”.
وشددت أوساط فرنسية على أن فرنسا تعمل في هذا الاتجاه، ما يؤكد في الوقت نفسه “أن الحصار لم يرفع”، وإن كانت هذه المصادر قد دعت إلى البدء بالتشاور مع وزير المال سلام فياض مع إعادة ربط هذه المساعدات بتنفيذ حكومة الوحدة التزاماتها مشددة على “إطلاق سراح الجندي شاليط”.
ويرى بعض المراقبين أن “ربط قضية شاليط بجنسيته الفرنسية”، والابتعاد عن كونه “جندياً اسرائيلياً أُسر خلال عمل حربي”، هو من “مستلزمات مرحلة الانتخابات القائمة في فرنسا”؛ فالتشديد على صفة “مواطننا” موجّهة بالدرجة الأولى إلى المواطنين الفرنسيين، فيما يشدد نيكولا ساركوزي، المرشح اليميني، الذي يدعمه دوست بلازي على شعار الهوية الوطنية.
وقد حاول مساعد الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية دوني سيمونو أمس التخفيف من حدة تصريحات دوست بازي، وشدد “على عدم وجود شروط جديدة”، وإن كان قد رفض اعتبار ما أتى عليه اتفاق مكة بمثابة “جواب عن مطالب المجتمع الدولي”.