strong>زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى دمشق كانت مناسبة لإعادة وصل ما انقطع خلال السنوات السابقة بين الولايات المتحدة ودمشق، وشكلت فرصة للاطّلاع عن كثب على الأفكار السورية، التي يبدو أن بيلوسي تلقتها بـ«إيجابية»
شدد الرئيس السوري بشار الأسد، لدى استقباله رئيسة مجلس النواب الأميركي والوفد المرافق لها، أمس، على حرص دمشق على السلام، منوّهاً بالدور الذي قامت به واشنطن منذ انطلاقة عملية السلام في مدريد والمحادثات التي أعقبتها، وصولاً الى تبنيها لمبادرة السلام العربية. أما بيلوسي فنقلت من جهتها عن الرئيس السوري استعداده لإجراء مفاوضات سلام مع إسرائيل، كما نقلت إليه رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت تشير إلى استعداده لاستئناف عملية السلام، وإن سارع مكتب أولمرت إلى نفي ذلك.
ووصفت مصادر سورية مطّلعة زيارة بيلوسي إلى دمشق بأنها «موّفقة»، مشيرة إلى أن ما صدر عن الجانبين السوري والأميركي من تصريحات مشجّعة حولها هي «أقل من الحقيقة». كما نوهت المصادر بما قالته رئيسة مجلس النواب الاميركي في مؤتمرها الصحافي من «أن الطريق الى دمشق هو الطريق الى السلام». وذكرت ان «المباحثات جرت في جو من الصراحة حيث طرح الوفد الاميركي القضايا التي تستحوذ على اهتمامه واستمع الى وجهة النظر السورية بشأنها».
ولم تستغرب المصادر السورية المطلعة النفي الصادر عن أولمرت بشأن استعداده للسلام، وعزته إلى رضوخ الأخير للضغوط الذي مورست عليه من قبل البيت الأبيض.
واعتبر الأسد أن زيارة بيلوسي الى سوريا «تحمل رسالة واضحة بأن الحوار والسلام هما اللغة المشتركة بين الشعوب». وقال «إن الحوار المباشر من شأنه أن يوضح الكثير من الوقائع ويعالج القضايا الرئيسية التي تهمّ البلدين وأمن المنطقة».
وحول الوضع في العراق، كرر الأسد «حرص سوريا على وحدة العراق واستعادة استقلاله وتحقيق الأمن والاستقرار فيه عبر مصالحة وطنية شاملة وجدول زمني لانسحاب القوات الأجنبية منه». كما رأى «أن التوافق بين اللبنانيين هو الأساس لمعالجة القضايا الأساسية التي تضمن عودة الاستقرار الى لبنان، مجدداً دعم سوريا الكامل للجهود الرامية لتحقيق ذلك».
من جهتها، اعتبرت بيلوسي، بحسب الوكالة العربية السورية للأنباء «سانا»، أن زيارتها إلى دمشق تستهدف «فتح آفاق للحوار بين سوريا والولايات المتحدة تساعد على معالجة قضايا المنطقة الساخنة»، مشيرة إلى أن «الانطباعات الجيدة تكوّنت لديها ولدى أعضاء الوفد بعد زيارتها الأولى الى سوريا».
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم في مطار دمشق، قالت بيلوسي إن الرئيس السوري «أكد لها استعداده لإجراء مفاوضات سلام مع إسرائيل. وقد استمعنا الى وجهة نظره، وقال إنه مستعد لاستئناف عملية السلام في الشرق الأوسط». وتابعت «كان لقاؤنا مع الرئيس الأسد مناسبة لننقل اليه رسالة من (رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود) اولمرت تؤكد أنه مستعد لاستئناف عملية السلام».
وذكرت بيلوسي أنها بحثت أيضاً مع الأسد «المخاوف» الأميركية بشأن الدعم الذي تقدّمه سوريا لحركة «حماس» وحزب الله وتسلّل المقاتلين إلى العراق عبر الحدود السورية. وأضافت «أبدينا قلقنا على مصير الجنود الإسرائيليين الذين خطفهم حزب الله وحماس».
بدوره، قال المعلم إن المسؤولة الأميركية أكدت للقيادة السورية أن أولمرت «جاهز للسلام، وقلنا لهم إن سوريا جاهزة لسلام عادل وشامل وفق مبادرة السلام العربية». وأضاف المعلم إن الأسد «وعد ببذل مساع لإنهاء تبادل الأسرى بالأسرى الإسرائيليين، وطلبنا منهم بذل جهود لدى الإدارة الأميركية لبدء التحرّك لإطلاق هؤلاء الأسرى لدى الطرفين». وتابع «تحدثوا معنا عن حماس وحزب الله، وقلنا إن حماس تشكل الآن جزءاً أساسياً من العملية السياسية وفازت في الانتخابات. الأهم الآن دعم اتفاق مكة والحكومة الفلسطينية».
ولم تكد بيلوسي تغادر دمشق، متوجهة الى السعودية، حتى سارع أولمرت الى إصدار بيان نفى فيه تصريح بيلوسي بشأن استعداد إسرائيل لمفاوضات سلام مع سوريا. وقال البيان إنه «من أجل إجراء مفاوضات حقيقية للسلام، على سوريا وقف دعمها للإرهاب ووقف منح منظمتي حماس والجهاد الإسلامي المأوى والامتناع عن تمرير أسلحة إلى حزب الله وتقويض استقرار لبنان ووقف دعم الإرهاب في العراق والتخلي عن العلاقة الاستراتيجية التي تبنيها مع النظام المتطرف في إيران».
إلى ذلك، جدد البيت البيض انتقاده لزيارة بيلوسي. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جوردون جونرو «إن الولايات المتحدة تعمل ضمن منابر متعددة الأطراف مع دول في المنطقة ودول في أوروبا من أجل توجيه رسالة إلى السوريين أنهم بحاجة لتغيير سلوكهم. ومن المؤسف أن (بيلوسي) أجرت هذه الرحلة من جانب واحد وهو ما لا يمكننا إلا أن نراه غير بنّاء».
في هذا الإطار، وصف نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إدارة الرئيس جورج بوش بأنها «إدارة عمياء ترفض حتى الانخراط في حوار مع بلاده». وهاجم، في مقابلة مع صحيفة «فايننشال تايمز»، الدول الأوروبية «بسبب خضوعها للضغوط الأميركية ضد سوريا».
وقال وزير الاعلام السوري محسن بلال انه اذا كانت اسرائيل جادة في اقامة السلام في الشرق الاوسط والانسحاب من الاراضي العربية المحتلة فان عليها ان “تعلن ذلك”. واضاف، في تصريحات للصحافيين، “ايهود اولمرت يتنبى خطابا متشددا في الداخل ويعلن لزواره انه راغب في السلام”، داعيا اسرائيل الى الانسحاب من الجولان وباقي الاراضي العربية المحتلة.
ووصلت بيلوسي الى الرياض، امس، في آخر محطة من جولتها في الشرق الأوسط، حيث كان في استقبالها السفير السعودي لدى الولايات المتحدة عادل الجبير.
(الأخبار، سانا، رويترز، أ ب،
يو بي آي، أ ف ب)