إيلي شلهوب
تخوض رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي مغامرة جديدة. ساحتها منطقة الشرق الأوسط. وسيلتها «دبلوماسية» و«عقوبات أشد قساوة». أدواتها «خيارات أكثر ذكاءً». آفاقها «آمال كبيرة بلا أوهام». غطاؤها «تقرير بيكر ــــ هاملتون». هدفها تقويض احتكار بوش للشؤون الخارجية على قاعدة «لدينا سياسة بديلة».
عناوينها متعددة: إحياء عملية السلام، مع «التزام ثابت حيال إسرائيل». «بناء ثقة» مع سوريا وفك «تحالفها مع أحمدي نجاد». «عدم السماح لإيران» بالتحول إلى قوة نووية. ضمان نجاح «ثورة الأرز». إقرار «المحكمة الدولية». «الإفراج عن الأسرى الإسرائليين الثلاثة».
جديدها إقرار صريح بأن «حل بعض المشاكل يمر عبر دمشق». حجتها: نموذج الحرب الباردة (يمكن التكلم مع الأعداء). سياقها: محاولة الديموقراطيين وضع برنامج للحكم يفتقدونه (فازوا في الانتخابات الماضية على قاعدة معارضة برنامج بوش).
محطاتها: القدس المحتلة وبيروت ورام الله ودمشق والرياض. مرافقوها: ستة نواب، بينهم أول نائب مسلم كيث دايتون، واللبناني الأصل نيك رحال، وتوم لانتوس، أحد أشدّ المؤيدين لإسرائيل.
توقيتها: خلال عطلة الربيع الخاصة بالكونغرس والتي تنتهي في 16 نيسان. وفي خضم صدام، هو الأول من نوعه منذ عام 1994 بين الكونغرس والبيت الأبيض (أول إرهاصاته قانون تمويل القوات وتحديد آذار 2008 موعداً لانسحابها من العراق).
صِدام يتوقع استمراره أشهراً، وتعزيزه بقضايا خلافية إضافية (مثل وضع معتقل غوانتانامو، والقيود المفروضة على الحقوق القانونية للمشتبه بهم في قضايا الإرهاب...). الحَكم فيه ليس إلا الرأي العام الأميركي، بانتظار انتخابات الرئاسة في نهاية العام المقبل.
وضع مستجد في واشنطن يبدو أن بوش لم يتأقلم معه بعد. لكنه مضطر إلى ذلك، بحكم ما تفرضه قواعد اللعبة الدستورية في الولايات المتحدة (هناك سابقتان لوضع كهذا: حال الرئيس الديموقراطي لمجلس النواب جيم رايت مع الرئيس الجمهوري رونالد ريغان في ثمانينيات القرن الماضي، وحال الجمهوري نيوت غرينيغريتش مع الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون في التسعينيات).
علاقة الرئيس بالكونغرس باتت أشبه بعدوين مضطرين إلى التعاون. ضرورة تستثنى منها إسرائيل، التي يبقى دعمها «واجباً» مشتركاً للطرفين، وخاصة في خضم السباق إلى البيت الأبيض (يشار إلى أن بيلوسي ابنة العضو السابق في مجلس الشيوخ توماس داليساندرو جونيور عن ولاية ماريلاند المعروف بتأييده القوي للدولة العبرية، على غرار ابنته). وتستثنى منها أيضاً الحرب على العراق، حيث لا مجال للتسويات؛ فهي العلامة المميزة لكل من الطرفين، وتحمل بصمات كل منهما.
تبقى إيران، التي تؤيّد بيلوسي عزلها وتشديد العقوبات المفروضة عليها، من دون التورّط في حرب معها، مع إبقاء ملفها تحت مظلة الأمم المتحدة. وسوريا، التي يبدو واضحاً أنها مع محاورتها والعمل على استقطابها وفك تحالفها مع طهران.
مقاربة لا تزال جنينية، وتبدو، رغم الاختلافات، أقرب إلى مقاربة كوندي رايس (الإيجاز الذي قدمته وزارة الخارجية لبيلوسي قبل بدء جولتها قد يكون مؤشراً). لا مفاعيل فورية لها، وإن كان لها أنصار داخل الحزب الجمهوري والإدارة نفسها (مؤتمر بغداد، لقاء الجمهوريين الثلاثة مع الأسد يوم الأحد الماضي). لكنها بلا شك تطرح تحدياً معنوياً، وتشريعياً، لجورج بوش ولصقور إدارته.
صراع بين حصان بيلوسي وعربة بوش، من المثير مراقبة الطريق التي ستسلكها في المنطقة... وتداعياتها على لبنان.