دعا وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى إجراء حوار إقليمي، في ظل الأزمة التي تعيشها منطقة الخليج، خصوصاً، مشيراً إلى أنه يجب حلّ الأزمة النووية «المفتعلة» والانتقال إلى ما هو أهم. وفي مقال نشر أمس في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية بعنوان «رسالة من إيران»، لفت ظريف إلى أن «منطقة الخليج تعاني من الاضطراب، والمسألة لم تعد مرتبطة بحكومة تسقط أو لا، فالنسيج الثقافي والديني في الدول كلها معرّض للتمزّق».
وعلى هذا الصعيد، أشار إلى أن «منطقنا يقول إن المسألة النووية هي عارض وليست السبب في التقاتل وانعدام الثقة»، معتبراً أنه «آن الأوان لإيران وغيرها من دول المنطقة أن تناقش أسباب التوترات في منطقة الخليج».
ورأى وزير الخارجية الإيراني أنه «لا يمكن لأحد أن يواجه القاعدة وما يماثلها إيديولوجياً، وما يسمى الدولة الإسلامية ــ التي هي بالمناسبة ليست إسلامية ولا دولة ــ في العراق، في الوقت الذي تتوسع فيه في اليمن وسوريا».
وفي الوقت الذي أشار فيه إلى «وجود مجالات عدّة تتقاطع فيها مصالح إيران مع بلدان المنطقة»، قال ظريف إن «تأسيس مجمّع للحوار الإقليمي في منطقة الخليج لتسهيل التفاعل والتعامل يعدّ موضوعاً كان يجب بلورته منذ زمن».
ورأى أنه «إذا كان يجب البدء بنقاش جدي للأحداث التي تواجهها المنطقة، فاليمن هي المكان الأنسب للبدء»، ذاكراً أن إيران «قدمت مقاربة منطقية وعملية لحل هذه الأزمة المؤلمة وغير المبررة».
أما على نطاق أوسع، «فالحوار الإقليمي يجب أن يرتكز على أسس معروفة وأهداف مشتركة، خصوصاً احترام السيادة، ووحدة الأراضي والاستقلال السياسي لكل الدول»، وفق ظريف الذي أوضح أنه يجب أن يرتكز على «حصانة الحدود الدولية، عدم التدخل في الشؤون الداخلية، والحلول السياسية للخلافات، منع التهديد باستخدام القوة، والعمل على نشر السلام والاستقرار والتقدم والازدهار في المنطقة».
وإذ ذكر ظريف أن «إيران بالاعتماد على شعبها المقاوم الذي صمد في وجه التسلّط تمكنت من أن تفتح في الوقت ذاته آفاقاً جديدة للتعاون المبني على الاحترام المتبادل، محافظة على استقرارها أمام عواصف عدم الاستقرار والفوضى»، أضاف «رغم ذلك لا يمكننا أن نقف غير مبالين أمام الخراب والدمار الذي يحيط بنا، لأن الفوضى لا حدود لها».
«إيران كانت واضحة: المجال أمام تعاوننا البنّاء يتّسع إلى أبعد من المفاوضات النووية»، أضاف ظريف، لافتاً الانتباه، في هذا السياق، إلى أن «العلاقات الجيّدة مع جيران إيران هي من أبرز أولوياتنا».
وفي سياق شرحه للسياسة الإيرانية، قال ظريف إنها «شمولية بطبيعتها»، موضحاً أن ذلك ليس «خياراً أو تفضيلاً، ولكن لأن العولمة قد حوّلت كل البدائل إلى باطلة».
أما عن الملف النووي، فقد كرر وزير الخارجية الإيراني التأكيد أن تقدماً مهماً أُحرز في سويسرا في بداية الشهر الحالي. وقال «اتفقنا مع مجموعة 5 + 1 على آليات لتبديد كافة الشكوك حول الطبيعة السلمية للبرنامج النووي الإيراني ومن أجل رفع العقوبات عن إيران».
ولكن ظريف أشار، في المقال الذي نشر على أعتاب البدء بجولة جديدة من المفاوضات، إلى أنه «للتوقيع على الاتفاق المرتقب، فإن المطلوب هو إرادة سياسية أقوى».
وأضاف أن «الشعب الإيراني قد أظهر قراره باختياره الالتزام بكرامة»، مشدداً على أن «الوقت قد حان كي تقوم الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون بالاختيار بين التعاون والمواجهة، بين المفاوضات والتعنّت، بين الاتفاق والإكراه».
وأضاف «من خلال القيادة القوية والجرأة على اتخاذ القرار الصائب، يمكننا ويجب علينا أن نضع حداً لهذه الأزمة المفتعلة والانتقال إلى ما هو أهم».
(الأخبار)