اهتز البرلمان العراقي، واهتزت معه هيبة الحكم العراقي. لم تمنع الإجراءات الأمنية المشددة المسلحين من تنفيذ عملية انتحارية في عقر السلطة، داخل المنطقة الخضراء المحصنة أميركياً
«أين أنت من ذلك الشعب الذي أوصلك لما أنت عليه؟». واحد من مجموعة أسئلة وجّهها الزعيم الشيعي السيد مقتدىالصدر إلى رئيس الوزراء نوري المالكي، في أشد بياناته لهجة حتى الآن، في وقت طغت فيه أخبار العملية الانتحارية في البرلمان العراقي على تحرك التيار الصدري نحو تشكيل جبهة سياسية جديدة.
وأعلنت مصادر أمنية عراقية أن انتحارياً يرتدي حزاماً ناسفاً فجّر نفسه داخل مقهى مجاور للبرلمان، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، بينهم نائبان، وإصابة أكثر من 20 شخصاً، نصفهم تقريباً من النواب، بجروح.
وأوضحت المصادر نفسها أن النائبين هما «محمد عوض عن الجبهة الوطنية للحوار، بزعامة صالح المطلك، والآخر عن الاتحاد الإسلامي الكردستاني».
كذلك، أُصيب في الحادث «خمسة من نواب جبهة التوافق، أكبر الكتل البرلمانية للعرب السنة (44 مقعداً)، بينهم طه اللهيبي وسلمان الجميلي»، إلا أن الأجهزة الأمنية أوضحت أنهم ليسوا في حال الخطر.
ورجحت الشرطة العراقية أن يكون الانتحاري «من عناصر الحماية» التابعة لأحد النواب، ذلك أن إجراءات أمنية مشددة يخضع لها الداخلون الى المبنى.
بدوره، أعلن المتحدث باسم الاحتلال الأميركي كريستوفر غارفر «مقتل ثمانية أشخاص وإصابة 23 اخرين بجروح» في الانفجار، من دون أن يحدد هويات النواب القتلى، لكنه رجح أن يكون تنظيم القاعدة في العراق هو المسؤول عن العملية من أجل «فصل الناس عن النواب، ما قد يؤدي الى إسقاط الحكومة، أي إفشال الخطة الأمنية في بغداد».
وعلى الفور، سارع رئيس الحكومة نوري المالكي، الذي يقوم بجولة في شرق اسيا، الى إصدار بيان استنكر فيه الهجوم، بينما دعا رئيس مجلس النواب محمود المشهداني البرلمان الى جلسة «استثنائية تحدياً للإرهاب» اليوم الجمعة.
وفي واشنطن، استنكر الرئيس الأميركي جورج بوش «بشدة» العملية الانتحارية التي استهدفت البرلمان العراقي، متوجهاً الى الحكومة العراقية بالقول «إننا إلى جانبكم في وقت تتخذون فيه الإجراءات الضرورية، ليس لإنجاز المصالحة السياسية فحسب، بل لتشكيل قوة قادرة على التصدي لهذا النوع من الأشخاص».
وفي لندن، أعربت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكيت عن شعورها بـ«الصدمة»، عند سماعها نبأ الانفجار الذي وصفته بـ«المرعب والمروع».
ميدانياً أيضاً، قتل ما يزيد على عشرة عراقيين وأصيب أكثر من 20 آخرين بجروح في انفجار شاحنة مفخخة على جسر الصرافية، أحد أقدم جسور بغداد، ما أدى الى تدمير جزء كبير منه، بحسب الشرطة العراقية.
في هذه الأثناء، ندّد الزعيم الشيعي السيد مقتدى الصدر، المتواري عن الأنظار منذ منتصف شهر شباط، بتصريحات المالكي حول عدم وضع جدول زمني «لانسحاب الاحتلال».
وتوجه الصدر، في بيان له، الى المالكي بالقول «أين قولك هذا من الحشود المليونية التي زحفت الى النجف، وأين أنت من أصواتهم المطالبة بخروج المحتل او جدولة انسحابه؟ وأين أنت من ذلك الشعب الذي أوصلك إلى ما أنت عليه؟ أفتسمع صوته بما تريد وتتركه بما لا تريد؟».
وكان مئات الآلاف من العراقيين قد تظاهروا ضد الاحتلال الأميركي لبلدهم في مدينة النجف مطلع الأسبوع.
وهدد الصدر بالانسحاب من العملية السياسية، موضحاً أنه «ليعلم الجميع أن مثل هذا التصريح (الذي أطلقه المالكي) قد يجرني ومن معي من المؤمنين، ممن أخذوا على عاتقهم مقاومة المحتل سياسياً، الى أخذ ركن شديد أو آوي الى كهف»، وهي آيات قرآنية استشهد بها الزعيم الشيعي.
وفي السياق، أعلن النائب عن التيار الصدري ناصر الساعدي أن «هناك مداولات ومناقشات في ما يخص تشكيل جبهة مع بعض الأطراف السياسية، ومنها حزب الفضيلة وأحزاب أخرى من طوائف وقوميات متعددة».
الى ذلك، نفى النائب الآخر عن التيار صالح العكيلي، في حديث إلى صحيفة «البينة»، حدوث انشقاق داخل التيار الصدري أو جيش المهدي «لأن جيش الإمام المهدي هو جيش عقائدي مهمته التمهيد لظهور دولة الحق دولة الإمام المهدي»، الإمام الثاني عشر لدى المسلمين الشيعة.
وأوضح العكيلي أنه «ليس هناك تصفيات بين صفوف جيش المهدي، وليست هناك قوائم مفصولين من الجيش، لكن هناك قوائم لتبديل بعض القيادات، وهو إجراء روتيني يحصل في أي مؤسسة وليس إقصاءً».
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، د ب أ،
رويترز، يو بي آي)