الجزائر ـــ الأخبار
غضب كبير أفرزته القوائم الحزبية المقترحة لخوض غمار الانتخابات التشريعيّة الشهر المقبل؛ فالاحتجاجات لا تزال قائمة بسبب إجماع القاعدة النضالية لمعظم الأحزاب على أن الأشخاص المرشحين لا يمثّلونها، ويبدو أنّ المعارضة الجزائريّة ببساطة لم تعد موجودة.
ويعيش حزب «جبهة التحرير الوطني» (الأفلان)، صاحب الغالبيّة البرلمانيّة، والذي ما فتئ يرتّب بيته بعد العاصفة التي كادت تدمّره مباشرة عقب انتخابات عام 2002 في عهد الأمين العام السابق علي بن فليس، نمط الانتخابات السابقة نفسه مرتكباً الأخطاء نفسها التي انتُقد بن فليس لأجلها.
وتعود جذور الخطأ إلى تصدّر الوزراء معظم قوائم الحزب، وغالبيّتهم حديثو العهد تنظيميّاً، بالإضافة إلى الأعضاء المسنّين الذين وُضعوا على رأس بعض القوائم، الأمر الذي أثار حفيظة شريحة الحزب الشعبيّة التي رأت هذا تهميشاً وخروجاً عن الخط الحزبي الذي يدعو إلى التجديد من دون إغفال «الأقدمية النضالية».
وكان «أفلان» عاش عام 2003 صراعاً داخليّاً قوياً أفرزه عزم بن فليس الترشّح لرئاسيّات عام 2004، وهو ما جعل الحزب ينقسم إلى تيّارين، الأوّل يساند الأمين العام في مسعاه، والثاني يرى ترشّحه إلى جانب الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة غلطة لا تغتفر، فحدثت القطيعة واستقال بن فليس من الحزب ومن الحكومة التي كان يرأسها، وحلّ محله عبد العزيز بلخادم على رأس الحزب بعد عقد مؤتمر جامع نهاية عام 2004.
والغريب في الأمر، أنّ بلخادم لم يكن ضمن قوائم الحزب للتشريعيّات المقبلة، وكذلك حال رئيس المجلس الشعبي الوطني عمّار سعداني، الذي أقصي هو أيضاً رغم الدور الذي قام به في إطاحة بن فليس ووفائه للرئيس بوتفليقة.
وبحسب المراقبين، فإن عدم ترشّح الرجلين تمّ بطلب من بوتفليقة نفسه مع تعمّد إقصاء كل المحسوبين على بن فليس، وهو ما جعل الشكوك والتخوفات تخيّم من جديد في إطار تساؤل عن إمكان تكرار التاريخ وحدوث قطيعة بين بلخادم وبوتفليقة مثلما وقعت بين الأخير وبن فليس قبل أربعة أعوام.
وفي المقابل، ورغم تهميشه من طرف بوتفليقة وإقالته من على رأس الجهاز التنفيذي في أيار الماضي بعد تولّيه تسيير الملفّات الصعبة لدرجة وصفه بـ «صاحب المهمات القذرة»، يحاول حزب «التجمع الوطني الديموقراطي» (الأرندي) وأمينه العام أحمد أو يحيى دائماً إظهار الولاء لبوتفليقة وكلّ برامجه حتى «المصالحة الوطنية» التي كان يرفضها سابقاً بحكم موقفه الاستئصالي.
وفي هذا السياق، طالت موجة الانقلابات الأحزاب الإسلامية أيضاً؛ فقد تمّ إقصاء رئيس «حركة الإصلاح الوطني» السابق عبد الله جاب الله، الناتج بحسب المراقبين عن تواطؤ الإدارة، لتشبثه بالمعارضة وإشهاره علناً دعمه للحزب المنحلّ «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» (الفيس) ورفضه دخول الحكومة، رغم إحراز «الحركة» عدداً من مقاعد البرلمان.
أمّا حركة «مجتمع السلم» فقد حافظت من جانبها على منهاجها القائم على مبدأ «الغاية تبرّر الوسيلة»، فهي حيناً مع السلطة وحيناً آخر مع المعارضة، لكن أي معارضة؟. فمتتبّع الأحداث السياسيّة في الجزائر يرى أن المعارضة اندثرت، ولم يعد هناك سوى حزب «العمّال»، المعارض لمشاريع الحكومة، في ظلّ انضواء الأحزاب جميعها، المجهرية منها وتلك ذات الصيت والصدى السياسي، تحت راية الولاء للسلطة وكسب رضى بوتفليقة فقط.