واشنطن ـــ عمر أحمد
وصفت صحيفة «واشنطن بوست» الطريقة التي يعمل بها البيت الأبيض في عهد الرئيس جورج بوش وهيمنة المحافظين الجدد بـ «السرية»، وقالت في تقرير لمراسلها السابق في موسكو بيتر بيكر بعنوان «ما الذي يجري تسريبه من البيت الأبيض؟»، إنّ مسؤولاً روسياً رفيع المستوى في الكرملين أبلغه قبيل مغادرته موسكو أن فريق بوش يعمل بطريقة «البولشفيين»، مشيراً إلى السرية التي بات يعمل بها البيت الأبيض، وعبّر عن تشبيهه بالقول «لقد تبنوا (الأميركيّون) بعض التقنيات التي نعتمدها مع الصحافة».
وأوضح بيكر أنّه «خلال معظم السنوات الست الماضية، أُرغم الصحافيون الذين يغطون أخبار البيت الأبيض على إجادة فن الكرملينولوجيا (نسبة إلى الكرملين)، فقد نجح فريق بوش المعروف بانضباطه وحرصه على عدم تسريب ما يجري في الكواليس، في إبقاء المعلومات بعيداً عن أنظار الجمهور والصحافة»، وتابع أنّه نتيجةً لذلك «لم يبق أمام الصحافيين، الذين حُرموا من كل المعلومات عن كيفية سير المؤسسة، سوى استقراء ما يجري في الواقع».
غير أن بيكر أشار إلى حدوث ما وصفه بـ «الأمر المفاجئ» خلال الأشهر القليلة الماضية، «حيث ظهرت على ستار السرية المحيط بالإدارة شروخٌ وتصدعات، وبدأت المعلومات عن الأعمال الداخلية لأكثر الإدارات الأميركية انضباطاً تتسرب إلى الرأي العام. فظهر خبر اعتزام بوش تعديل تشكيلة فريقه المكلف بالعراق في الصحف قبل الإعلان عنه رسمياً. وظهر خبر صراعه مع قيادة الأركان المشتركة بخصوص إرسال المزيد من القوات إلى العراق على الصفحات الأولى للصحف».
وفي هذا الإطار، أوردت الصحيفة قول مارلن فيتزووتر، الذي تولى منصب الناطق باسم البيت الأبيض في عهدي الرئيسين الأسبقين رونالد ريغان وجورج بوش الأب، «تحدث دائماً تسربات كثيرة عندما يتعلق الأمر بآخر مراحل الولاية الرئاسية وأحد المواضيع المثيرة للجدل»، مضيفاً أنّه «وفي ظل استمرار الحرب في العراق وخلال السنتين الأخيرتين في منصب الرئاسة، أعتقد أنه من الطبيعي أن نشاهد زيادة في المواد المتسربة».
غير أن ذلك لا يعني أن البيت الأبيض تحوّل فجأة إلى «غربال». فالأمر لا يتعلّق بأكثر المؤسسات شفافية، بل إن الحصول على المعلومات قد يُفقد الإنسان صوابه أحياناً. فقبل شهرين فقط، رفض البيت الأبيض الكشف عن البرامج التلفزيونية التي يشاهدها الرئيس.
ولاحظ بيكر أن العديد من المعلومات التي تسربت أخيراً صدر عن وكالات أخرى داخل إدارة بوش، وهو ما عُدّ مؤشراً إلى أن البيت الأبيض لم يعد قادراً على فرض رغبته على جميع زوايا الإدارة بالفاعلية نفسها التي كان قادراً عليها من قبل.
وفي هذا السياق، يقول الناطق السابق باسم البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون، جو لوكهارت، إنّ «الخوف هو الذي يفرض الانضباط، والحال أنه ليس ثمة الكثير من الأشخاص الذين يخافون من الرئيس سياسيّاً حالياً، فقيادة الأركان، والزعامة الجمهورية، والمساعدون السابقون لا يخشون عقاباً سياسياً من البيت الأبيض اليوم».
وأوضحت الصحيفة أنّ سياسة الإفصاح كانت تُظهر أحياناً للرأي العام الفوضى التي تتخبط فيها إدارة كلينتون «غير أنها كانت في أحيان كثيرة تساهم في عرض الخلاف على الملأ وإضفاء مزيد من المشروعية على السجال»، وفي المقابل «بدا بوش عازماً حين قدم إلى البيت الأبيض على القيام بالأمور على نحو مختلف. فالتسريبات، في رأيه، مؤشر إلى الافتقار إلى التنظيم»، وبالتالي تستنتج الصحيفة أنّ بوش نجح وإدارته في ضبط «التسريبات» وقد يعود الفضل في ذلك إلى التنسيق بينه وبين مكتب نائبه ديك تشيني، الأمر الذي كان مفقوداً في عهد كلينتون.