واشنطن ــ عمر أحمد
زيارة وزير المال الفلسطيني سلام فياض إلى الولايات المتحدة، هي الأولى من نوعها منذ وصول حركة «حماس» إلى السلطة، وتدل لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين إلى حلحلة في جدار الحصار، رغم رفض الأميركيين وصفه ممثلاً للحكومة، وهو ما يرفضه

شدّد وزير المال في حكومة الوحدة الفلسطينية سلام فياض، في أعقاب لقائه مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ومساعدها لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش أول من أمس، على أنه يتعامل في محادثاته ولقاءاته مع المسؤولين الأميركيين والأوروبيين بوصفه يمثل الحكومة الفلسطينية بكاملها، قائلا:ً «نحن حكومة واحدة، ونبحث عن وسيلة للتعامل مع القيود الأميركية». وأشار إلى أنه التقى في شهر آذار الماضي ولش قبل أن تزور رايس رام الله، واجتمع أيضاً مع مسؤولين كبار في السفارة الأميركية في إسرائيل.
وكان نائب المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية كورتيس كوبر قد قال إن رايس اجتمعت مع فيّاض «بصفته الشخصية».
إلا أن فياض قال، في لقاء مع «الأخبار»، إن محادثاته مع رايس امتداد لمحادثات سابقة أجراها مع مسؤولين أميركيين، وأنها تركّزت على موضوع المساعدات الاقتصادية للشعب الفلسطيني ورفع الحصار المفروض على الحكومة الفلسطينية، وضرورة إلغاء القيود الأميركية على عمل المصارف الفلسطينية وتعاملها مع وزارة المالية والحكومة الفلسطينية بشكل عام خلال العام الماضي. وهي قيود قال إنها «قد حدت أيضاً من إمكانية المصارف الفلسطينية». وأضاف: «لقد كانت المصارف تعزف عن التعامل مع أي عمل له علاقة بالحكومة وما ينطوي عليها من إضعاف لإمكانية المصارف المحلية بالتعامل مع مراسليها في الخارج، وهو موضوع ليس سهلاً بل هو في منتهى الخطورة مثل أي مشكل ينبغي أن نحاول أن نجد له حلاً للتعامل مع هذه القضية، إذ لم يعد مقبولاً العمل بعيداً عن التعامل مع القطاع المصرفي».
واوضح فياض أن «القيود المفروضة على المصارف (الفلسطينية) خانقة وتجعل التعامل أمراً في منتهى الصعوبة إن لم يكن مستحيلاً»، مشدداً على أنه يتعامل في محادثاته ولقاءاته مع المسؤولين الأميركيين والأوروبيين بوصفه يمثل الحكومة الفلسطينية بكاملها قائلاً: «نحن حكومة واحدة ونبحث عن وسيلة للتعامل مع القيود الأميركية»، مشيراً إلى «أن هذا ما نحاول أن نتعامل معه ونجد حلاً بشأنه».
وقال فياض إن حكومة الوحدة الوطنية تحتاج الى 1.35 مليار دولار من المساعدات الدولية هذا العام لتفادي أزمة، وإن القيود المصرفية على السلطة الفلسطينية لا تزال أكبر عائق يواجه وزارته في تأدية مهامها.
وأضاف فياض أنه ركز في محادثاته خلال جولته الأوروبية والأميركية على فتح آفاق جديدة في المجال الاقتصادي والمالي ومحاولة الحصول على الدعم المطلوب «لتمكيننا من الأداء والوفاء بالالتزامات والقيام بدورنا»، مشيراً إلى أنه في هذا المجال أجرى قبل وصوله إلى واشنطن مباحثات مع المسؤولين في الاتحاد الأوروبي في بروكسل وأوسلو، وأيضاً أثناء مشاركته في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وقال: «أعتقد أن النقاشات كانت إيجابية في مختلف المحاور التي تناولتها، سواء كان ذلك يتّصل بالدعم الذي نحتاج إليه للتعامل مع الأزمة المالية التي تواجهنا وهي أزمة حادة من حجم هذه المساعدات وبالكيفية التي يمكن أن تورد فيها هذه المساعدات للسلطة الفلسطينية عبر وزارة المالية، وهذا جانب مهم، وفي ذلك أيضاً بناء على الالتزامات التي أقرتها القمة العربية في الرياض»، معرباً عن أمله «أن يتم العمل على ترجمة هذه الالتزامات إلى مساعدات فعلية للتعامل مع احتياجاتنا الكبيرة في مختلف المجالات».
وعما إذا كان ذلك يشير إلى بداية تفكك الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، قال فياض: «بطبيعة الحال يمكن أن يكون صحيحاً القول إن الحصار بدأ يتفكك، وهذا هو الهدف في الوقت الحاضر، لكن لا نستطيع أن نقول إن الحصار انتهى. فهناك جوانب من هذا الحصار لا تزال قائمة، فعلى سبيل المثال في ما يتصل بالدور الإسرائيلي، لدينا أموال تحتجزها إسرائيل التي تمتنع عن تحويل إيرادات الضرائب التي تعود إلينا أولاً بأول بموجب الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين بهذا الشأن، وهذا هو أحد أوجه الحصار القائم حالياً»، مشيراً إلى أن «هناك اتفاقاً على الاجتماع مرة كل شهر لبحث ما لدى السلطة الفلسطينية من أموال لدى إسرائيل، التي تصل الآن إلى أكثر من 400 مليون دولار، إضافة إلى أن عوائد الضرائب تصل شهرياً في الوقت الراهن إلى نحو 55 مليون دولار».
وبالرغم من قوله إن هناك تغيراً في الاتجاه وتطوراً إيجابياً، إلا أنه أكد أن هذا لا يعني أن الحصار قد انتهى في ما يتعلق بالقيود المفروضة على حركة الناس والبضائع، التي قال إنها «قيود خانقة لا بد من السعي لإنهائها لتمكيننا من الأداء بالحد الأدنى في ظروف طبيعية، أكثر مما هو قائم الآن لتكون هناك فرصة للناس لأن تعيش ولو بالحد الأدنى مما هو غير متوافر في الوقت الحاضر من جراء هذا الحصار».
وعن مستقبل الآليات الدولية لتقديم المساعدات، قال فياض: «إن جزءاً من الحديث مع الأوروبيين انصب على الكيفية التي يمكن فيها أن تعدل آليات تقديم المساعدات للسلطة الفلسطينية على نحو يحترم القانون الفلسطيني والنظام المبني على أسس تنسجم تماماً مع ما هو معمول به دولياً، حيث تكون وزارة المالية في أي نظام حكم رشيد مسؤولة عن إدارة المال العام، سواء ما اتصل بهذه الأموال من إيرادات أو مدفوعات، وهذا ما لم يكن معمولاً به في العام الماضي بسبب الطريقة التي أرتأى المانحون التعامل فيها مع السلطة الفلسطينية».
واشار فياض إلى أن هذا التعامل «قصد منه أن يتجاوز وزارة المالية، وبالتالي أدى إلى تهميش وزارة المالية وإضعاف النظام المالي بشكل عام وتفكيكه بطريقة جعلت من الصعب حتى مجرد إعطاء بيان عما هو قائم». وقال: «لا يمكن التسليم بهذا الوضع، بل لا بد من تغييره لتمكيننا من محاولة الأداء والإدارة بشكل أفضل».
وقال فياض إن الأوروبيين يعرفون القيود المفروضة على التعامل مع القطاع المصرفي الفلسطيني، مضيفاً: «عندما نتحدث مع الاتحاد الأوروبي عن ضرورة تطبيع العلاقات الاقتصادية والمالية بمعنى التعامل المباشر مع وزارة المالية، يقولون: هناك قيود مفروضة على التعامل مع المصارف عندكم، فكيف سنحول لكم الأموال؟ وهذا الكلام صحيح، ليس فقط بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي بل وأيضاً للمساعدات العربية»، مشيراً إلى أن هناك طرقاً أخرى يتم من خلالها إيصال الأموال للسلطة الفلسطينية، لكنه لم يحددها.