نيويورك ـــ نزار عبود
لم يسمح النظام العالمي الجديد بإدخال الإصلاح على مجلس الأمن الدولي، أعلى هيئة تنفيذية في الأمم المتحدة، ويبدو أن هذه العملية المتعثرة منذ 1979 ستبقى على ما هي عليه لأجل غير مسمى.
وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تعثر عملية إصلاح المجلس بعد أشهر من دراسة لاقتراحات تحظى بإجماع دولي. وبات هذا الاصلاح مطلباً ملحّاً بعد كثرة الشكاوى من المعايير المزدوجة والتسلط، وغياب التمثيل الحقيقي في صفوف المجلس، الذي تحول إلى أداة طيعة في يد القطب الدولي الأقوى.
وكان الإصلاح مطلوباً من كل الجوانب، سواء لجهة توسيع عدد أعضاء المجلس، أو للنظر في سلطة أصحاب حق النقض (الفيتو)، أو لطريقة اختيار الأعضاء فيه، أو لجهة تمثيله للمناطق المختلفة من العالم، أي لضرورة أن يعبّر المجلس تعبيرا صادقاً عن حجم المناطق وعدد سكانها.
وفي تقرير أعدّته مجموعة من المندوبين المختارين تلقته رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة هيا راشد آل خليفة، وجد معدّوه أن الاتفاق المثالي بشأن القضايا المطروحة للإصلاح متعذر في الظرف الراهن، ولذلك فهم ينصحون بسلوك طريق انتقالي ريثما يتأمن الظرف المناسب لتحقيق الإصلاح المتوخى.
ويقول التقرير، الذي أعدّه فريق من الخبراء الدوليين، «إن هناك عدداً كبيراً من الدول الأعضاء يميل للاتفاق على أن الحل المثالي ليس ممكناً في المرحلة الحالية. وهي تفضل اعتماد الحل الممكن في المرحلة الراهنة».
ويطالب التقرير بـ«البحث عن سبل جديدة لسلوك مرحلة انتقالية تنتهي بمراجعة إلزامية في موعد محدد مسبقاً من أجل اتخاذ قرار بشأن ضرورة متابعة إجراء كهذا».
ورأى التقرير أنه في وسع الدول الأعضاء التمسك بمواقفها ريثما يتم الانتهاء من المراجعة.
وأعد هذا التقرير خمسة مندوبين هم، من تونس علي حشاني، ومن قبرص اندرياس مافريوانيس، ومن كرواتيا ماريانا ما دينيو، ومن التشيلي هيرالدو مونو، ومن هولندا فرانك مايور. وبدأ الفريق اتصالاته في السابع من شباط الماضي مع الدول الأعضاء في الجمعية العامة. ووجد دعماً كبيراً لفكرة إصلاح نظام مجلس الأمن، لكن الخلاف حصل على التفاصيل ولا سيما في ظل التوازنات الراهنة.
وكانت الجمعية العامة قد كلفت، في دورتها الحالية 61، هذه اللجنة الخماسية التحرك بين الدول وجمع آرائها لبلورة موقف محدد. لكن تقريرها خرج توفيقياً، معبراً عن المأزق الدولي الحقيقي، اذ يفضل القبول بمعالجات مرحلية تعترف بالصعاب القائمة بواقعية في موضوعات مثل: حق النقض الذي تحتكره خمس دول كبرى، والتمثيل الإقليمي، وحجم المجلس الموسع، والعلاقة بين المجلس والجمعية العامة.
وكان مجلس الأمن الدولي، الذي أبصر النور مع نشوء المنظمة الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، قد توسّع للمرة الأولى في عام 1965 برفع عدد الأعضاء غير الدائمين من ستة إلى عشرة. بينما لم يطرأ أي تغيير على وضع الدول الخمس الدائمة العضوية، وبقيت هي نفسها: الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة.
وفي آذار 2005، كشف الأمين العام السابق كوفي أنان عن مشروعين لإصلاح مجلس الأمن الدولي تحت عنوان: بحرّية أكبر. المشروع الأول ينطوي على إيجاد ستة مقاعد دائمة العضوية، إثنان لكل من أفريقيا وآسيا، واثنان لأوروبا والولايات المتحدة مع سحب حق النقض.
أما المشروع الثاني فلا يسمح بضم أعضاء دائمين، بل يدعو إلى إيجاد نظام مقاعد تدوم لأربع سنوات قابلة للتجديد للأعضاء غير الدائمين، وآخر يمتد لعامين غير قابلين للتجديد، وتوزع المقاعد على المناطق المختلفة من العالم.