اتهم رئيس تنظيم المحاكم الإسلامية الشيخ حسن طاهر عويس، في اتصال هاتفي بمكتب «الأخبار» في القاهرة من مخبئه في الصومال، القوات الصومالية والإثيوبية بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الصوماليين وممارسة عمليات إبادة جماعية لإسكات الأصوات المناوئة لـ«الاحتلال الإثيوبي»
قال الشيخ حسن طاهر عويس، الذي كان المبادر إلى الاتصال بـ«الأخبار»، إن القوات الإثيوبية ارتكبت مجازر يندى لها الجبين في الحرب التي تخوضها منذ خروج ميلشيات المحاكم الإسلامية من مقديشو حتى الآن، مشيراً إلى أن هذه الأعمال فاقت في وحشيتها ما كان يحدث في البوسنة والهرسك في التسعينات.
وشنّ عويـس هجوماً حاداً على السياسة الأميركية في الأزمة الصومالية. وقال إن الأميركيــين توّرطوا حتى النخاع في الوضع الراهن في الصومال منذ سنوات، مشيراً إلى أن ما يفعله الإسرائيليــــــون حالياً بالفلسطينيين يطبّق من جانب الإثيوبيين على الصوماليين تحت حماية ومباركة الإدارة الأميركية.
وقال عويس، الذي تطارده أجهزة الاستخبارات الأميركية والكينية والصومالية والإثيوبية منذ اختفائه في منطقة عرفت بالغابات، إن صحته تحسنت في «حياة البادية التي يعيشها الآن مضطراً ومرغماً مع ثلة من مرافقيه لا يفارقهم السلاح دقيقة واحدة ولا يبعد عن أيديهم قيد أنملة».
وفي ما يلي نص الحوار:

  • هل تلقيت دعوة لزيارة اريتريا؟ وهل تتحالفون مع رئيس البرلمان السابق شريف حسن ايدن الموجود حالياً هناك؟
    - لم أتلقّ دعوة لزيارة أريتريا. وعلاقتي برئيس البرلمان ليست تحالفاً بل نتشارك في الدفاع عن قضية بلدنا وشعبنا والقضية هي المشاركة. نحن نواجه عدواً مشتركاً وهذا واجب وطني لا يتعلق بالأشخاص والأحزاب. وكنّا على اتصال دائم خلال المباحثات التي استضافتها العاصمة السودانية الخرطوم العام الماضي. وهو يحمل موقفاً جيّداً. وهناك كثير من الصوماليين في الخارج وحتى في القبائل يشاركونه هذه الرؤية.
  • ماذا عما يقال عن وقوفك خلف انشقاق نائب رئيس الحكومة الصومالية حسين عيديد؟
    - ليست قضيتنا هي طلب الانشقاقات عن الحكومة بل قضيتنا هي الأمة التي احتلت أراضيها وأهدرت كرامتها. معلوماتي عن عيديد قليلة الآن إلا ما أسمعه من الإذاعات. كانت له في السابق تصريحات مرفوضة عن وحدة اندماجية بين إثيوبيا والصومال، القضية ليست قضية شخص بل أمة. وإذا تاب ورجع للصواب فنحن نرحّب به.

  • لماذا رفض قادة العشائر الاجتماع بمساعدة وزيرة الخارجية الأميركية غينادي فريزر عندما زارت الصومال أخيراً؟
    - كيف يقبل أي شخص له ضمير عاقل وحي من عدوه أن يدعوه إلى لقاء. هذه إهانة. هذا ليس بإنسان. لكن موقف رجال القبائل شريف وصحيح، والأميركيون لا يخجلون من دعوة الناس إلى لقائهم، بينما هم أهانوهم والشعب الصومالي الأبي لا يقبل هذه المواقف، هذا موقف واضح.

  • هل تعدّون لإطاحة الحكومة؟
    - ليست قضيتنا إطاحة الحكومة بل القضية كرامة الأمة وشعبنا. الرئيس عبد الله يوسف أتى بإثيوبيا وأميركا، مثلما أتت أميركا إلى أفغانستان بحميد قرضاي، فهم يستعمرون الأمة وهؤلاء لا يمثلون الشعب الصومالي، بل يمثّلون الاحتلال وإطاحتهم قضية شعبية. وأنا أدعو القبائل والأمة الصومالية إلى أن يدافعوا عن كرامتهم ودينهم، والوقوف موقفاً واحداً وواضحاً ضد الاحتلال.

  • ماذا عن العرب؟
    - أدعو الدول العربية التي تسعى إلى دعم هذه الحكومة غير الشرعية والوكيلة عن العدو، إلى عدم إعطاء أموالها وأموال العرب والمسلمين إلى هذه الحكومة العميلة التي أتى بها الاستعمار.
    وأنبّه العرب والمسلمين إلى أن الأميركيين وإثيوبيا يبيدون شعبنا وإذا كان لدى العالم أي ضمير فعليه إدانة ما يحدث وأن ينتبهوا إليه ويقفوا موقفاً حازماً، وخصوصاً فى العالم العربي.

  • بماذا تفسر تراجع التأييد العربي لكم؟
    - العصا الأميركية مسلّطة فوق رؤوسهم، وقد يستحون كما حدث في الاجتماع الذي عقد في القاهرة أخيراً. هم يتهربون من تعاطفهم السابق مع المحاكم الإسلامية ولهم موقف غير لائق مع الأسف.

  • كيف تصف الوضع الأمني الراهن في مقديشو؟
    - من حقنا أن ندافع عن بلادنا بأي وسيلة وأن نقاتل المحتلين الغزاة. لن نسمح لهم بإقامة سعيدة على أراضينا ولن نقف مكتوفي الأيدي وهم يدعمون حكومة عميلة باتت دمية فى يد الإثيوبيين.

  • هل صحيح أن القوات الصومالية والإثيوبية ارتكبت جرائم حرب؟
    - نعم وبكل تأكيد لقد مارسوا ويمارسون حرب إبادة شاملة ضد المدنيين، وصواريخهم وقذائفهم لا تفرق بين مدني وعسكري. لقد ذبحوا الأبرياء العزل على نحو يذكرك بتلك الجرائم الوحشية التي ارتكبها الصرب ضد مدينة سربرينيتشا في البوسنة سابقاً. ونريد أن يؤلّف المجتمع الدولي لجنة تحقيق للوقوف على طبيعة تلك الأعمال غير الإنسانية.

  • قيل إنك زرت مقديشو سراً، هل هذا صحيح؟
    - هذا ما لا يقال لا سراً ولا علانية على الأقل في الوقت الراهن.

  • لا تزالون ترفعون شعار الجهاد في مواجهة القوات الإثيوبية؟
    - نحن الآن في مواجهة الإثيوبيين. قلنا منذ البداية إننا سنجاهد فى سبيل الله ضد أي وجود أجنبي. والحكومة الصومالية عمدت إلى الاحتماء بالقوات الإثيوبية صاحبة المطامع في ثروات الصومال والساعية إلى إخضاع الشعب الصومالي تحت سيطرتها، لكنني على ثقة بأنه لن يقبل صومالي واحد بوجود قوات إثيوبية أو غيرها وسنذيقهم الأمرّين أينما حلّوا. وربما بعد خروجهم ستأتي المصالحة.

  • هل تملك شروطاً محددة من أجل المصالحة؟
    - لا أريد لنفسي شيئاً، أريد فقط لشعبي الكرامة وأن نحتكم إلى كتاب الله العزيز وان نكون أحراراً وقرارنا بيدنا ونتصالح في ما بيننا. ربما أنا الآن في آخر العمر. لا أريد شيئاً لنفسي. أريد أن يكون شعبي عزيزاً كريماً.

  • أنت مختبئ منذ فترة فلماذا تظهر الآن؟
    - لم أختبئ كما تتصور، أنا فقط ابتعدت إلى مكان ما لأسباب أمنية واضطررت إلى البقاء بعيداً عن الأنظار لتفادي الملاحقات الأمنية المستمرة التي تقوم بها أجهزة مخابرات عديدة، بينها الأميركية والكينية والإثيوبية، إضافة إلى الصومالية، لكني لا أزال في الوطن. وبوضعي الحالي، أنا أدفع ضريبة الجهاد ضد من احتلوا بلادي ومن يساندهم. إثيوبيا ما كانت لتجرؤ على التفكير في غزو الصومال لو لم يحصل ميلس زيناوي (رئيس الحكومة الإثيوبية) على الضوء الأخضر من (الرئيس الأميركي جورج) بوش، مثل رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في فلسطين.

  • أنت ملاحـــــق من الجمــــيع، ألا تخشى اعتقالك؟
    - الحمد لله الأمن متوافر من حيث أتكلم. والكينيون كنا نقدرهم ونعاملهم معاملة جيدة، ولكن ربما الأميركيون أدخلوهم في هذه القضية وأعطوهم بعض الرشوة بدعوى مكافحة الإرهاب. أنا آسف بشدة لما فعله الكينيون. إثيوبيا كان لنا معها تاريخ من العداء، أما كينيا فالأمر مختلف. لم نكن يوماً أعداءً لهم، هم باعونا من أجل ثمن بخس، دراهم معدودة.

  • هل تعرضت لقصف من الطائرات الأميركية؟
    - في الأيام الأولى بعد خروجنا من المدن تعرضنا للقصف. ولكن الآن أنا في منطقة آمنة إن شاء الله، ورغم القصف الذي استهدف المناطق التي كانوا يظنّون أننا موجودون فيها، فإن عناية الله هي التي أنقذتنا.

  • من أين تتحدث الآن تحديداً؟
    - لا أريد أن أعطي العدو معلومات مجانية قد تؤذي من معي، لكني في الوطن، وأتحدث إليك من داخل الصومال.

  • هل تخشى من تنصّت الأميركيين عليك؟
    - هذا شيء عادي في العالم. وأنا لا أخفي شيئاً عن العالم وأريد أن يسمعني ويفهم كلامي ويتعامل معنا بشكل جيد، ولكني علمت أن العالم الغربي لا يريد أصلاً التعامل معنا لمجرد أننا إسلاميون نريد الاحتكام إلى كتاب الله. لا يريدون إسلاميين سواء معتدلين أو غيرهم. وقد يئسنا من قدوم الخير من الأمم المتحدة والمنظمات العالمية الأخرى. حتى الأمن الذي أقمناه في البلاد، لم يرق لهم، وبعضهم قال لي كيف تريد أن تقيم العدل في الصومال في ظل عالم يفتقر أساساً إلى العدل. هم لا يريدون إقامة أي حكم اسلامي في العالم.

  • كيف هو الوضع عندك؟
    - لا تغيب عني الأخبار وعملي يسير كالمعتاد. أُمضي الوقت في الصلاة والصيام وتدبّر القرآن. والحمد لله أنا في صحة جيدة وشعوري جيد وثقتي بالله سبحانه وتعالى لا تزال ثابتة
    ويسعدني أن أسمع بعض الناس يترحمون على أيامنا في العاصمة، وباتوا أكثر مدحاً وأنا شخصياً تعجبت من هذا الأمر لكني فرحت به أيضاً.

  • هل تحمل السلاح بشكل دائم؟
    - نعم، هذا من طبيعة المنطقة التي نعيش فيها الآن.

  • هل لا تزال المحاكم الإسلامية على الساحة؟
    - لا يزال الإخوة وأكثرهم إلا قليل في حياة كريمة وأكثرهم موجود في الساحة. نحن موجودون في الداخل والوطن. ودعني أقول لكم بكل وضوح إن تنظيم المحاكم الإسلامية لم ينته تماماً وإن تغيّرت تكتيكاته.

  • هل عرضت عليك أي دولة عربية استضافتك؟
    - لا، هم لا يستطيعون خوفاً من الأميركيين.

  • هل تفتقد الحياة المدينة؟
    - أنا ترعرعت في البادية وكنت أرعى الغنم والإبل والبقر، حياة البادية أحسن لي من حياة المدينة. كل الصوماليين أتوا من البدو، حياتنا هنا أحسن من نظيرتها في الحضر.

  • هل افتقدت منزلك فى مقديشو؟
    - من العجب أنه ليس لي منزل في أي مكان وبيتي في العاصمة كان بالإيجار، فأنا لا أملك منزلاً.





    فشل محادثات «الهويّة» والإثيوبيين يهدّد بتصعيد العنف

    دخلت دورة المواجهات العنيفة الأحدث في مقديشو بين القوّات الإثيوبيّة و«المتمرّدين» أسبوعها الثاني أمس، رافعةً عدد الضحايا إلى 329 قتيلا، بحسب وكالة «علمان» لحقوق الإنسان، فيما عُقد اجتماع «فاشل» بين ضباط إثيوبيين وممثلين عن قبيلة «الهويّة» النافذة والرافضة للاحتلال في فندق في مقديشو تم خلاله البحث في إرساء هدنة. وقال متحدث باسم «الهوية»، لوكالة «فرانس برس»، «لم نتوصّل إلى أيّ اتفاق»، موضحاً أنّ الضبّاط «يطلبون منّا فصل ميليشياتنا عمّن يسمونهم عناصر إرهابية، الا اننا لا نعرف ولم نر مطلقاً عناصر إرهابية»، ومشيراً إلى أنّ اجتماعاً ثانياً سيعقد اليوم.
    في هذا الوقت، أفاد تقرير لمركز «تشاتهام هاوس» البريطاني للأبحاث أمس أنّ تجربة الحكم ما بعد سيطرة «اتّحاد المحاكم الإسلاميّة» تؤكّد بصورة جلية «مزايا الفترة القصيرة للسلطة (الإسلامية) في جنوب الصومال، التي بدأت بالفعل تبرز كأنها عصر ذهبي»، مضيفاً إنّ الحكومة الصوماليّة الانتقاليّة «ببساطة لا تحظى بثقة الجماهير ولا تمثل جماعات المصالح القوية في مقديشو».
    واتّهم التقرير، المعنون «صعود وسقوط المحاكم الإسلامية في مقديشو»، الولايات المتحدة وإثيوبيا بـ «تدمير الاستقرار الهش في الصومال وتقويض الجهود المتعدّدة الأطراف لإحلال السلام».
    (رويترز، أ ف ب، د ب أ، يو بي آي)