سعى مرشّح حزب «العدالة والتنمية» إلى الرئاسة التركيّة عبد الله غول، أمس، إلى حشد دعم الأحزاب الصغيرة له، في محاولة لمنع حزب «الشعب الجمهوري» المعارض الرئيسي، الذي تعهّد بمقاطعة الاقتراع المقرر في البرلمان غداً، من تحدّي قانونيّة انتخابه المتوقع، وذلك في ظلّ الحديث عن مدى الضربة التي يشكلها فوزه للعلمانيين المتشدّدين الذين لا يزالون يسيطرون على غالبيّة الدواوين الحكومية.وأوضح محلّلون ودبلوماسيون أنّهم لا يتوقعون عوائق تذكر أمام فوز غول بالرئاسة لأن «العدالة والتنمية» يهيمن على البرلمان بسيطرته على 354 مقعداً من أصل 550، أي على نحو 63 في المئة من المقاعد. غير أن الحزب يحتاج إلى حضور حزبين صغيرين من أحزاب المعارضة أثناء الاقتراع، لمساعدته في التغلّب على التحدي القانوني من جانب «الشعب الجمهوري»، الذي يصرّ على ضرورة حضور ما لا يقلّ عن ثلثي أعضاء البرلمان، أي 367 نائباً، حتى يكون الاقتراع قانونياً.
وأشار دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي، في حديث لوكالة «رويترز»، إلى أنّ «التهديد هو محاولة أخيرة من جانب حزب الشعب الجمهوري للعرقلة، لكن إذا نقلوا القضية إلى المحكمة الدستورية، فقد يضرّ الأمر بكل تأكيد بشرعية غول، وحزب العدالة والتنمية يرغب في تجنّب ذلك».
وكان غول قد أجرى محادثات، أمس، مع حزب «الطريق القويم» المنتمي الى يسار الوسط، ومع نوّاب مستقلّين. وكان من المقرّر أن يعلن حزب «الوطن الأم»، وهو ثاني أكبر أحزاب المعارضة، موقفه أمس. وقال غول، في مؤتمر صحافي بعد المحادثات، «أخبرتهم بأنّ المجتمع التركي هو جدّ مسيّس، وأنا واع لجميع مسؤوليّات حلّ المشاكل النابعة من جرّاء تلك الصفة». وأضاف «سأكون رئيساً لتركيا، وسأصنّف اختلافاتنا على أنّها غنى». ومنحت الصحف التركية الكبرى، التي عادّة ما تختلف مع «العدالة والتنمية»، تأييدها لغول إلى حدّ كبير، الأمر غير المستغرب لكونه شخصية معتدلة تحظى باحترام واسع حتى من جانب العلمانيين رغم شعورهم بالقلق إزاء ماضيه الإسلامي.
وتساءلت صحف كثيرة عما إذا كانت زوجة غول، خير النساء، ستكون قادرة على ارتداء غطاء الرأس في قصر الرئاسة، حيث لم يكن يسمح الرئيس المنتهية ولايته أحمد نجدت سيزر بارتداء الحجاب في قصر الرئاسة.
أمّا صحيفة «جمهوريت»، الناطقة باسم المؤسسة العلمانية، فقد حذّرت من جانبها من أنّ «العدالة والتنمية» عازم على تحويل البلاد إلى «دولة إسلامية حديثة».
وفيما يستمرّ التخوّف في أوساط العلمانيّين من تأثير غول وسياسات حزبه الإسلامي على التوجّه المدني للبلاد، هوّنت رابطة رجال الأعمال الرئيسية في تركيا (توسياد) من شأن أيّ تهديد قد يمثّله انتخاب غول للنظام العلماني.
وسلّط الجدل القائم في أنقرة الضوء مجدداً على مدى عمق الانقسامات في تركيا، التي تسكنها أغلبية مسلمة، حول القوانين الصارمة التي تحكم الحرية الدينية، بعدما كان العلمانيون قد عرقلوا في الماضي محاولات من جانب «العدالة والتنمية» لتخفيف حظر على ارتداء الحجاب في المصالح الحكومية والجامعات، ولدعم التعليم الديني.
(رويترز، أ ف ب، أ ب)