strong>مهدي السيد
التطورات الأمنية الأخيرة التي شهدتها المناطق الفلسطينية المحتلة، وما رافقها من قرع لطبول الحرب على الفلسطينيين ومن دعوات لاجتياح غزة ووضع حد لحالة العجز الإسرائيلي في مواجهة صواريخ «القسام»، أعادت طرح مروحة الخيارات المتاحة وجدواها على بساط البحث، لا سيما في ضوء التجارب الماضية التي لم تثبت عقمها، رغم قساوتها، الأمر الذي يضع هذه الخيارات ضمن خانة ردود الأفعال الانتقامية من جهة، والهادفة إلى امتصاص نقمة الرأي العام من جهة ثانية.
في هذا المجال، تطرق عوفر شيلح، محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إلى الخطوات الإسرائيلية المتوقعة ضد الفلسطينيين في غزة على المستويين العسكري والأمني، وجدواها. وينطلق شيلح، في تحليله لاحتمالات العدوان على غزة، من تجارب الماضي مع غزة تحديداً، ومن مقاربته أيضاً للتجربة العسكرية الفاشلة مع لبنان. وقال «نثلما برهنت عمليات الرد الكبرى في عام 2004، يبقى في الأجواء دائماً السؤال الذي طرحه شمعون بيريز في الثاني عشر من تموز 2006 وبنى عليه بعد ذلك فرضية كاملة حول كيفية معارضته لحرب لبنان الثانية: ماذا سيحدث بعد ذلك؟. ماذا سيحدث بعد أن يسيطر الجيش الاسرائيلي على مواقع اطلاق الصواريخ ويُدمر ورش الخراطة، ويكتشف الوسائل التخريبية ويقتل المسلحين؟ ماذا سيفعل بعد ذلك؟ هل سينتقلون من بيت الى بيت حيث أصبحت المناطق هناك من أكثر مناطق العالم اكتظاظاً وتضم أكثر من مليون فلسطيني. هل سيبقى الجيش هناك لأشهر؟».
ولا يكتفي شيلح بطرح الأسئلة، بل يُذكّر بأن «العمليات في اسرائيل تجددت بكل عنفوانها بعد انتهاء عملية «السور الواقي»، الأمر الذي أوجب العودة الى المدن، لكن بنمط عمليات آخر، أطلقت عليها في حينه تسمية «طريق التصميم». وهنا يسأل شيلح: ماذا سيكون طريق التصميم هذا في غزة بعد انسحاب القوات الاسرائيلية منها وعودة صواريخ القسام؟.
في المقابل، يرى شيلح أن تقرير فينوغراد قد يزيد من حالة الضغط، ذلك أنه بناء على تجربة لبنان، فإن «من لا يتدخل في غزة بكل قوة وعنفوان سيجد نفسه أمام لجنة التحقيق المقبلة».
وبما أن الأمر كذلك، يتطرق شيلح إلى طرق التدخل المحتملة، فيشير إلى أنه بعد أسر جلعاد شاليط، سعى رئيس الوزراء إيهود اولمرت لفرض نظام جديد في قطاع غزة من خلال الضغط الاقتصادي والجسدي، وأنه في سياق ذلك قصفت محطة الطاقة التي تمد غالبية القطاع بالكهرباء. بيد أن الرد الاميركي الحاد على عملية القصف تمخض، كما أورد شيلح، حظراً شديداً لقصف البنى التحتية في حرب لبنان وحال دون خطوات مشابهة هذه المرة. على هذا الأساس، يقول شيلح «مع كل الاحترام للرأي العام في اسرائيل الذي يطالب بقطع الكهرباء والماء عن الفلسطينيين، فإن اولمرت متزمت في اعتقاده أنه لا ينبغي إغاظة الاميركيين» مما يعني استبعاد اللجوء إلى هذا الخيار.
مع استبعاد هذا الخيار، يسأل شيلح «ما الذي يبقى إذاً؟». ويرى أنه باستثناء العمليات ضد من يطلقون صواريخ «القسام»، والدخول الى المنطقة لمنع عمليات الاختطاف أو اطلاق النار، ليس وارداً في الحسبان الآن شن عملية اجتياح كبرى لغزة. وفي هذه الحالة بقي، بحسب شيلح، الحل الذي يجدي نفعاً بعض الشيء في الرأي العام وهو سياسة الاغتيالات الممركزة.
وإذ يشير شيلح إلى مزايا هذا الرد من جانب إسرائيل لكونه «ينتج شعوراً بأن استخباراتنا ما زالت تعمل، لا يتمخض أي مشكلة، حيث عمليات التصفية سهلة ولا تتسبب بالخسائر والتعقيدات مثل العمليات البرية وما يترتب عليها، والتصفيات تتلاءم مع العقلية الاسرائيلية التي تعتقد أن العربي يفهم الرسالة فقط عندما يمسون بجلده»، إلا أنه يؤكد، في المقابل، «أن هذه الوسيلة ذات نجاعة محدودة. واذا عدنا الى التصفيات، فسيكون ذلك من منطلق الاحباط والحاجة لعمل بشيء ما للرد على مطالب الرأي العام وتخفيف غضب القادة الميدانيين بدرجة معينة وليس أكثر من ذلك».