باريس ـــ بسّام الطيارة
لا يزال الحسم بعيداً عن متناول أيّ من مرشحي الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بانتظار ما ستظهره استطلاعات الأيام المقبلة، ولا سيما بعد المناظرة المرتقبة بين نيكولا ساركوزي وسيغولين رويال الأربعاء


ستة أيام تفصل الشعب الفرنسي عن يوم التغيير الكبير، ومع ذلك لا يزال ٢٢ في المئة من الناخبين مترددين حول الإسم الذي سوف يسقطونه في صندوق الاقتراع. كثير منهم ينتظرمناظرة يوم الأربعاء بين المرشح اليميني نيكولا ساركوزي والمرشحة الاشتراكية سيغولين رويال، بينما ٧٨ في المئة حسموا قرارهم.
ويبدو أن كل الاهتمامات موجّهة نحو هذه «النسبة الكبيرة من المترددين» التي تستطيع أن تغيّر لون النتيجة، وخصوصاً أن قسماً كبيراً من هؤلاء يأتي من صفوف مرشح الوسط فرانسوا بايرو الذي لا يزال يؤدي، رغم سقوطه في الدورة الأولى، دوراً كبيراً في لعبة الأيام الأخيرة.
وسجّلت رويال مجموعة نقاط ذهبية عندما استطاعت أن «تشد بايرو» لمناظرة تلفزيونية قبل يومين وظهرت كأنها «مرشحة الانفتاح على الآخرين»، في حين أن نيكولا ساركوزي رفض «السجال مع الخاسر».
ويتفق العديد من المراقبين على أن الرأي العام الفرنسي رأى في هذه المناظرة التلفزيونية «أن سيغولين كانت حاضرة، بينما ساركوزي كان غائباً». ويشيرون إلى أن «الغائب دائماً مخطئ» في المفهوم الفرنسي للجدال السياسي.
وأشارت رويال إلى هذا اللقاء بأنه «لتبادل الأفكار لنرى ما هي النقاط التي يمكننا العمل عليها معاً». وقالت إنها لا تنتظر من بايرو أن «ينضم إليها في نهاية اللقاء»، الذي «يسمح بالعمل معاً لنهضة فرنسا». وقد وافقها بايرو على وجهة النظر هذه. وقال إن «هذا يساعد على تحريك خطوط السياسة» وإنه مستعد لمناظرة ساركوزي إذا إراد.
وما عزز الشعور بأن ساركوزي كان الخاسر من المناظرة، هو «جوّ التوافق والود» الذي أحاط بالمتحاورين اللذين اتفقا على معظم نقاط برنامج رويال المتعلقة بالمسائل الاجتماعية والأمن والتعامل مع الملف الأوروبي وملفات الهجرة. وحتى في النقاط التي برز فيها تباين واضح، وهي تتعلق بالبرنامج الاقتصادي، ظل السجال إيجابياً مع اعتراف الاثنين بضرورة العمل على ردم ما يفصل بينهما.
وقالت رويال، أمس، إن فكرة أن «يكون بايرو رئيس وزرائها فكرة لا يمكن استبعادها». وقد دعا «أبو الوسط الفرنسي» رئيس المفوضية الأوروبية جاك دولور مؤيدي تيار الوسط للتصويت لرويال، وما يزيد من قوة هذه الدعوة أنها تأتي لتوازن «هجرة بعض النواب الوسطيين» إلى حزب ساركوزي.
ورغم ذلك، أشارت استطلاعات أولية إلى أن ٥٣ في المئة ممن صوّتوا لبايرو سيصوّتون لمصلحة رويال. إلا أن الرقم الأكثر إثارة في كمّ الاستطلاعات التي تهطل على الناخب الفرنسي هو تصريح ٤٧ في المئة من الناخبين أنهم يصوّتون لمرشح «لمنع المرشح الآخر من الوصول»، وهو ما يسمى التصويت السلبي. إلا أن بعض المراقبين يقولون إن هذا الرقم «إذا صح» قد يكون ردة فعل على شعار «أياً كان إلا ساركوزي» الذي رفعه اليسار منذ بداية الحملة الانتخابية.
ولم يترك ساركوزي الحلبة الإعلامية لمنافسته خلال هذه الفترة، بل توجه إلى مصنع في شمال فرنسا. واعتمر «خوذة العمال» وحاول بتصريحاته التقليل من أهمية اللقاء، وأجاب عن سؤال حول الموضوع بالقول «إنهما يثرثران في فندق كبير». ونعت بايرو بأنه «رجل لا يحب الخسارة».
ولبّى نحو ٣٠ ألف فرنسي، أمس، نداء منظمي حملة ساركوزي وتوجّهوا إلى ملعب بيرسي في وسط باريس لحضور آخر مهرجانات اليمين قبل مناظرة الأربعاء. إلا أن عدداً لا بأس به من الحاضرين قالوا إنهم جاؤوا للاستماع إلى المرشح اليميني ولمقارنة طروحاته مع طروحات رويال.
وكان المهرجان مناسبة ليؤكد ساركوزي هيمنته على اليمين الفرنسي من دون أي معارضة. وسجل خلال هذا المهرجان وأمام الحشود وجود «أقطاب اليمين كافة» لمبايعته بشكل نهائي، وفي مقدمهم «أعداؤه السابقون»: ألان جوبيه، ميشال أليو ماري ورئيس الوزراء دومينيك دو فيلبان، الذي كان آخر الممانعين لزعامته.