li>اتهم شيراك بـ«شخصنة» الملفّ اللبناني والتعامل «قبليّاً» مع اغتيال الحريري
يربط نائب الرئيس السوري فاروق الشرع “العزلة” الدوليّة لبلاده بمفهوم السيادة والاستقلال السياسي ولا ينفي مدى تأثير دمشق في الوضع العراقي، كما يرى أنّ أزمة “المحكمة الدوليّة” في قضيّة اغتيال الرئيس رفيق الحريري شأن لبناني بحت، وخصوصاً أنّ المعالجة العربيّة تبدو عقيمة في ظلّ التنوّع والاختلافات الضخمة في بيروت

وصف نائب الرئيس السوري فاروق الشرع، في مقابلة مع صحيفة «لوموند» الفرنسيّة أمس، المحكمة الدوليّة بأنها أحد “عوامل التفرقة بين اللبنانيّن التي تقلق دمشق”. وقال “كرّرنا مراراً استعدادنا الكامل للتعاون مع هيئة التحقيق الدوليّة التابعة للأمم المتّحدة، إلّا أنّ موضوع المحكمة خارج الموضوع لأنّ التحقيق لم ينته بعد، ولم تبعث إلينا الأمم المتحدّة نصّ مشروع المحكمة ولم تقم حتّى باستشارتنا. هذه المسألة هي بحت لبنانيّة”.
وشدّد الشرع على «أهميّة إلغاء التدخّلات الخارجيّة وخصوصاً الضغوط الفرنسيّة والأميركيّة المؤثّرة على بعض العناصر اللبنانيّة” من أجل إرساء توافق لبناني، ووصف السؤال عن أيّ مبادرة سوريّة في شأن ترتيب العلاقات مع باريس بـ“الافتراضي”، مشيراً إلى «إمكان التفاهم مع فرنسا، حتّى على صعيد الملفّ اللبناني، لأنّ ما نرغب فيه هو لبنان موحّد ومستقلّ وسياديّ وبعيد عن أيّ ضغوط خارجيّة”.
ولدى سؤاله عن الأهداف السعوديّة المرتقبة في القمّة العربيّة المقبلة في الرياض نهاية الشهر الجاري، أوضح الشرع أنّ الجانب السعودي يصبو إلى “توافق عربي في شأن المواضيع التي ستُطرح، ويجب أن تكون النتائج متوازنة وأن تأخذ بالاعتبار وجهات النظر المختلفة”، مشيراً إلى أنّ “ذلك سيكون سهلاً في إطار الملفّ الفلسطيني نظراً للوحدة التي تحكم السياسة الفلسطينيّة الآن، إلّا أنّ الأمور تزداد تعقيداً في لبنان بسبب تعدّد الأطياف الدينيّة والفئويّة”.
وعن مدى حقيقة سعي الرياض للضغط على وتر التحالف الإيراني ـــــ السوري، قال الشرع إنّه «ليس لدى السعوديّة أيّ نيات في شأن هذا الموضوع، والعلاقة المتينة بين دمشق وطهران كانت دائماً لصالح تقوية العلاقة بين العرب والإيرانيّين. وينبغي عدم تجاهل وجود علاقات جيّدة أيضاً بين الجانب الإيراني ودول أخرى من الخليج العربي، وأشير في هذا الإطار إلى حجم التبادل التجاري بين طهران والإمارات المقدّر بمليارات الدولارات».
ولدى التطرّق إلى العزلة الدوليّة التي تعيشها سوريا، ربط الشرع مفهوم “العزلة” الذي يتمّ تداوله بمدى «تعلّق دمشق باستقلالها وسيادتها وعدم استعدادها للمساومة في هذا الإطار”، مشيراً، في سياق الحديث عن العلاقات الفاترة بين بلاده وباريس مذ اغتيال الحريري، إلى أنّ “الرئيس شيراك عالج الموضوع بطريقة قبليّة (بحكم علاقته الوثيقة بالحريري)، ولو كنّا نعرف ذلك لكنّا أخذناه بالاعتبار”.
وتمنّى الشرع انتهاء التأزّم بين الاليزيه ودمشق، «مهما كانت نتيجة الانتخابات الرئاسيّة الفرنسيّة المقبلة، لأنّه تمّت شخصنة الملفّات كثيراً، ويجب إعادة الأمور إلى مجاريها لصالح الطرفين”، مؤكّداً إعادة العلاقات الدبلوماسيّة بين البلدين عبر «تعيين سفير جديد لدمشق في باريس عند انتخاب الرئيس الفرنسي الجديد».
وعمّا يمكن توقّعه من “مؤتمر الجوار” حول العراق، الذي سينعقد في بغداد في العاشر من الشهر الجاري، أعرب الشرع عن تفاؤله “المتحفّظ”. وقال إن “النتائج تتعلّق بنيات الإدارة الأميركيّة. وليس من السهل التكهّن، حتى الآن، إن كانت مشاركتهم (الأميركيّين) تُعدّ تغييراً حقيقيّاً. إلّا أنّه لا بدّ من إيراد ملاحظة بعض العناصر الإيجابيّة”.
وأضاف الشرع إنّه “وعلى الرغم من تشاؤم المحلّلين والمسؤولين السياسيّين في المنطقة في شأن المتوقّع من الإدارة الأميركيّة في المرحلة المقبلة، يجب الاستمرار، ولو بأدنى الاحتمالات، في محاولة لتغيير الأشياء، وإلّا فلن يعود للعمل السياسي أيّ جدوى”.
وفي ما يتعلّق بالدور السوري “الأساسي” في بلاد الرافدين، وصف الشرع دمشق بـ“العامل المهمّ لكن ليس الأساسي”، موضحاّ أنّ “ذلك يعني أنّنا مستعدّون لفعل ما في وسعنا إذا لاحظنا تعاوناً من باقي الأطراف المعنيّة”. وأضاف إنّ “الأوضاع هناك (الميدان العراقي) فوضويّة للغاية، ويجب اتّخاذ الحذر لأن مواضيع عديدة تدخل في إطار اللعبة (العراقيّة) وأهمّها مؤتمر المصالحة الوطنيّة والاتّفاق على جدول زمني لانسحاب القوّات الأجنبيّة”.
(لو موند)