القاهرة ـــ الأخبار
البيان الختامي لاجتماع الوزراء العرب كان تقليدياً
في معظم بنوده، إلا أن تسريبات أشارت إلى معطيات غير تقليدية، منها المطالبة بوضع جدول للانسحاب الأميركي من العراق، وتجميد المشروع العربي لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وهو ما فُسّر أنه يخفي طموحاً نووياً عربياً مبيتاً


هيمنت الملفات السياسية الساخنة على جدول أعمال الدورة 127 التي عقدها أمس مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب برئاسة وزير الخارجية التونسي عبد الله عبد الوهاب.
وعرض وزير الخارجية اللبناني بالوكالة طارق متري، خلال جلسة المجلس الوزراء، مشروع قرار يتضمّن ثوابت الحكومة اللبنانية لجهة دعم الجهود الداعية إلى كشف كل الجرائم الإرهابية من اغتيالات ومحاولات اغتيال والتفجيرات التي طالت المدنيين والسياسيين في لبنان ومقاضاة المجرمين دولياً.
ويشدد المشروع، الذي تم توزيعه على المشاركين تمهيداً لعرضه على القمة العربية، على الدور العربي لحل الأزمة اللبنانية الناشئة، ويقترح صدور قرار عن المجتمعين يدين الخروق الإسرائيلية للأجواء اللبنانية والتي تعتبر انتهاكا للقرار 1071.
وكان وزير الخارجية التونسي قد نوه بالجهود الدؤوبة لمعالجة الأزمة السياسية في لبنان، داعياً إلى تغليب المصلحة العليا للحفاظ على استقراره وأمنه وتماسكه “حتى يبقى لبنان نموذجاً للتعايش والتسامح ورمزاً ودلالة على أمن المنطقة وسلامة استقرارها”.
من جهته، وصف الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى القضية الفلسطينية بأنها “أم المشاكل”. واستبعد أن تكون هناك “فرصة حقيقية” للسلام مع إسرائيل.
وقال موسى، في كلمة أمام المجتمعين، إن مبادرة السلام العربية هي المرجعية العربية لأي تسوية سياسية، فلا تعديل ولا تبديل عليها، كاشفاً عن أن إسرائيل ومن يدعمها يريدون تعديل المبادرة لإلغاء بند الانسحاب الإسرائيلي وإلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين.
وشدد موسى على أن أي تجاوب عربي مع هذه الرغبات سيكون خطأ استراتيجياً عربياً فادحاً، مشيراً إلى أن المساس بالمبادرة قد يؤدي إلى سفك دماء جديدة وتدهور في المنطقة لا يمكن تجنبه إلا بسلام متوازن.
وفي الشأن العراقي، عبّر موسى عن استغرابه لظهور نغمة في العراق توجه اللوم للعرب بشأن العراق. وتساءل “هل المطلوب أن ينضم العرب للقوات الدولية في العراق”. وقال إن هناك أسساً لحل أزمة العراق منها “التوصل إلى إطار زمني لانسحاب القوات الأجنبية من العراق”. وأضاف أن من تلك الأسس التي اتفقت عليها القمم العربية المتعاقبة “حل الميليشيات جميعاً من دون تفرقة أو تمييز والدعوة في ذلك إلى وقف كامل لكل العدائيات وتطبيق القانون على الجميع”. وجدد وزراء الخارجية العرب، في ختام دورته العادية، “تضامنهم الكامل مع لبنان وطالبوا بتوفير الدعم السياسي والاقتصادي للحكومة اللبنانية بما يحفظ وحدة لبنان وأمنه واستقراره وسيادته على كامل أراضيه، وشددوا على دعمهم لمهمة الجيش اللبناني لبسط سيادة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها”.
وناشد البيان الختامي “جميع الفئات والقوى اللبنانية تعزيز الحوار الوطني والبناء على ما يجمع اللبنانيين، وعلى ما تم تحقيقه من تعزيز للقدرة على بناء التوافق الوطني بهدف الوصول إلى حلول عملية لتفويت الفرصة على كل من يريد العبث بأمن لبنان واستقراره الوطني”. ودعا “جميع اللبنانيين إلى توحيد كلمتهم والوصول إلى حل للأزمة السياسية التي يمر بها لبنان بما يملكه من درء مخاطر الاضطرابات والانقسامات ويحقق إعمال القانون وسيادته على كامل الأراضي اللبنانية”.
وشدد الوزراء على “التزام الدستور اللبناني واتفاق الطائف لحفظ أمن لبنان واستقراره ومصالحه العليا، وطلب من الأمين العام لجامعة الدول العربية استكمال مشاوراته لحل الأزمة اللبنانية”.
ودعا الوزراء العرب الى توافق لبناني على “نظام المحكمة ذات الطابع الدولي، التي تستهدف الكشف عن الحقيقة” في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، “والتي ستنشأ استناداً الى قراري مجلس الامن 1644 و1664 وبناء على طلب الحكومة اللبنانية وفقاً للأنظمة والاصول الدستورية”.
وفي الشأن الفلسطيني، أشار المجلس إلى “الالتزام العربي بالسلام العادل والشامل خياراً استراتيجياً، وأن عملية السلام عملية شاملة لا تتجزأ ولا تتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي من كامل الأراضي المحتلة عام 1967 وحل مشكلة اللاجئين وفق القرار 194 ورفض كل أشكال التوطين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية”.
وطالب الوزراء مجلس الأمن الدولي “بتحمّل مسؤولياته تجاه الشعب الفلسطيني وإرسال مراقبين دوليين لحمايته من المجازر. وجددوا قرارهم السابق الذي نص على كسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني فوراً، والطلب من المجتمع الدولي رفع إجراءات الحصار المفروضة على الشعب الفلسطيني وتأمين وصول المساعدات”.
وأعرب الوزراء عن رفض أي محاولات لتقسيم العراق، مع التأكيد على عدم التدخل في شؤونه، مؤكدين على أن “تحقيق الاستقرار في العراق وتجاوز الأزمة الراهنة يتطلب حلاً أمنياً وسياسياً متوازياً يعالج أسباب الأزمة ويقتلع جذور الفتنة الطائفية”. وأوضحوا أن “بين هذه الأهداف، العمل على توسيع العملية السياسية بما يحقق أوسع مشاركة لمكونات الشعب العراقي ومواجهة النعرات الطائفية والعمل على إزالتها نهائياً ونبذ الفئات التي تسعى لإشعال هذه الفتنة والتصدي لها”.
وأشار الوزراء إلى أن من “بين هذه الأهداف أيضاً الإسراع فى إجراء التعديلات اللازمة على المواد الخلافية في الدستور العراقي، وبما يحقق الوفاق وتعديل قانون اجتثاث البعث لتكون اجراءاته على أسس قانونية سليمة”.
وعن الجولان العربي السوري المحتل، أكد المجلس “دعمه ومساندته الحازمة لمطلب سوريا وحقها العادل في استعادة كامل الجولان إلى خط الرابع من حزيران 1967 استناداً إلى أسس عملية السلام وقرارات الشرعية الدولية”.
وشدد المجلس على رفض قانون ما يسمى “محاسبة سوريا”، واعتباره “تجاوزاً لمبادئ القانون الدولي، ودعم مواقف سوريا الداعية إلى تغليب لغة الحوار أسلوباً للتفاهم بين الدول”.
إلى ذلك، قال دبلوماسي عربي إن وزراء الخارجية قرروا تعليق أعمال واجتماعات اللجنة العربية المعنية بإعداد مشروع معاهدة لجعل الشرق الأوسط خال من أسلحة الدمار الشامل “لإعادة تقويم سياساتها وفاعليتها في ظل استمرار إسرائيل بالاحتفاظ بترسانة كبيرة من الأسلحة النووية”.
وأضاف الدبلوماسي إن الوزراء العرب طالبوا “بإعادة النظر في عمل اللجنة ومعرفة جوانب النجاح وأسباب الفشل فيها، وتحديد ما إذا كانت هذه السياسة تصلح اليوم في ظل الأوضاع الدولية القائمة، وهل تستمر الدول العربية في المطالبة بإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط”.