محمد بدير
أفلحت حملة الضغوط التي شنها رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت، في دفع مراقب الدولة، ميخائيل لندنشتراوس، إلى التراجع عن نشر المسودة الكاملة لتقريره عن أداء الأجهزة الحكومية والعسكرية في الجبهة الداخلية خلال عدوان الصيف الماضي على لبنان، والاكتفاء بعرض ملخص عنه، أمام لجنة الرقابة البرلمانية، يتناول آليات العمل التي اتبعها خلال إعداد التقرير وجمع معطياته.
إلا أن أولمرت، الذي يدرك أن إنجازه هذا ليس إلا إنجازاً تكتيكياً ولا يعدو كونه ترحيلاً للمأزق الذي يتحسب له إلى موعد آخر، لم ينجُ من حملة مضادة شنها لندنشترواس عليه متخذاً من لجنة الرقابة منبراً لها.
فبعدما جاء موقف المحكمة العليا أمس في الالتماس الذي تقدم به إليها قائد الجبهة الداخلية، إسحاق غرشون، منسجماً مع دعوى الالتماس القائلة بوجوب إعطاء الأشخاص والمؤسسات التي ينتقدها تقرير مراقب الدولة حق الرد عليه قبل نشره، اقتصر النقاش الذي شهدته لجنة الرقابة في الكنيست في اجتماعها على التداول في الإجراءات التي اعتمدها لندنشتراوس في تحقيقاته.
وأحجم مراقب الدولة عن التطرق إلى نتائج تقريره، ولم يقدم أية خلاصات تتعلق بالمسؤوليات الشخصية عن الإخفاقات التي تكشفت خلال العدوان، إلا أنه وعد بأن الاتهامات التي سيتضمنها تقريره النهائي، الذي سيصدر في شهر حزيران المقبل، ستكون «حادة جداً، وقد تثير غضب كثيرين».
ولم يبق لندنشتراوس مديناً لأولمرت الذي كال له الاتهامات قبل يومين، فتحدث عن تملصه من الإجابة عن أسئلة اللجنة، رغم إعطائه فرصة مطولة للقيام بذلك. وقال لندنشتراوس إن مكتبه، بعدما رفض أولمرت المثول وجاهياً أمام اللجنة للإدلاء بإفادته، وجه 12 سؤالاً مكتوباً له قبل ثلاثة أشهر ولا يزال ينتظر حتى الآن الإجابة عنها. وروى لندنشتراوس كيفية مماطلة مكتب أولمرت في تقديم المعلومات ذات الصلة بالتحقيق، ما أدى إلى التأخير في إعداده برغم مرور سبعة أشهر على الحرب.
ويتناول التحقيق، الذي يجريه مراقب الدولة، الأوجه المختلفة لأداء الأجهزة الرسمية، العسكرية والمدنية، في معالجة أمور السكان خلال الحرب. ويُعَدُّ رئيس الحكومة ووزير الدفاع وقائد الجبهة الداخلية المعنيين الأساسيين بهذا التحقيق لأنهم المسؤولون المباشرون عن هذه الأجهزة.
ومعروف أن أولمرت يخشى من تحميله مسؤولية الإخفاقات الفضائحية التي تكشفت في أداء هذه الأجهزة، ما سيشكل ضربة سياسية ومعنوية له قد تؤسس للقضاء على مستقبله السياسي. والحقيقة أن أولمرت في وضع لا يحسد عليه، فهو إن نجح في التهرب من تقرير مراقب الدولة الحالي، فإن ما ينتظره في تقرير لجنة فينوغراد، المتوقع صدوره بعد نحو أسبوعين، قد يكون أشد وطأة وتأثيراً على كرسيه. كما أن ثمة تقارير أخرى يعكف مراقب الدولة على بلورتها تتعلق بقضايا فساد يُتهم أولمرت بالتورط فيها، وسيصدر أولها بعد شهر.