strong>غزة ــ رائد لافيرام الله ــ سامي سعيد

الخلاف الفلسطيني لا يزال على حاله، وملامح عودة الاتهامات الإعلامية
بدأت بالظهور، بالتوازي مع تحضيرات ميدانية، ما يشي بمخاطر،
لا بد أن يتفاداها الفلسطينيون، لتجنّب العودة مجدداً إلى الصراع الداخلي

يسعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء المكلف إسماعيل هنية إلى التغلب على معضلة المرشح لوزارة الداخلية، لتمهيد الطريق أمام إعلان حكومة الوحدة الوطنية، قبل تفاقم الأمور الخلافية، ولا سيما أن مؤشرات اتهامية عادت إلى الظهور على الساحة الداخلية الفلسطينية.
وقالت مصادر فلسطينية، لـ“الأخبار”، إن إرجاء إعلان الحكومة إلى الأسبوع المقبل، جاء نتيجة رفض عباس مرشح حركة “حماس” لمنصب وزير الداخلية اللواء حمودة جروان من جهة، وانتظاراً للقاء المرتقب بينه وبين رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت في القدس المحتلة الأحد المقبل من جهة ثانية.
وبحسب المصادر نفسها، فإن اللقاء بين عباس وأولمرت سينصبّ على بحث حكومة الوحدة الوطنية المزمع تأليفها، والقضايا الإنسانية التي تهم الشعب الفلسطيني، قبل الزيارة المرتقبة لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى المنطقة في 23 من الشهر الجاري.
وكان عباس قد أبلغ هنية، خلال لقائهما الثاني في غزة مساء أول من أمس، رفضه ترشيح اللواء جروان، رئيس المحكمة العسكرية السابق المعروف بانتمائه إلى حركة “فتح”، لتولي منصب وزير الداخلية في حكومة الوحدة، معتبراً أنه “شخصية غير قوية وغير كفؤ لتولي هذا المنصب”.
ووفقاً للمصادر، فإن عباس اقترح على هنية و“حماس” عدداً من الأسماء لاختيار شخصية من بينها لتولي حقيبة الداخلية، غير أن الحركة لم تحسم موقفها بعد، بينما عكست تصريحات ناطقيها إصراراً على جروان.
من جهته، شن جروان هجوماً شديد اللهجة على عباس، مبدياً استغرابه من رفض ترشيحه لوزارة الداخلية في وقت يؤيد ذلك “أكثر من ثلاثة أرباع حركة فتح ومن العسكريين تحديداً”.
ونقلت مواقع إعلامية محسوبة على “حماس” عن جروان تأكيده أنه لا يزال “مرشح حركة حماس الوحيد لتولي حقيبة الداخلية في حكومة الوحدة، وأن الأمر لا يزال قيد النقاش”.
وفي شأن اتهامه من أوساط “فتحاوية” مقربة من عباس بأنه “شخصية غير مستقلة”، قال جروان “أنا فتحاوي متديّن منذ 40 سنة، ومسألة التديّن ليست سراً، وآرائي ومواقفي إسلامية، لكنني لا أنتمي إلى حركة حماس تنظيمياًَ”. وأوضح “هناك من يخافون من تقلدي هذا المنصب، انطلاقاً من خوفهم من النزاهة والشفافية، وحرصاً منهم على عدم فتح الملفات السابقة”، من دون توضيح ماهية هذه الملفات.
وفي هذا السياق، قال المستشار الرئاسي الفلسطيني ياسر عبد ربه “بحسب اتفاق مكة، يجب أن تسند حقيبة الداخلية إلى شخصية مستقلة، لا أن تكون معروفة الانتماء لجهة معينة”، مشيراً إلى أنه جرى تقديم قائمة بأسماء عشر شخصيات مستقلة من القضاة والمحامين من قطاع غزة “ممن يشهد لهم بالكفاءة والاستقلالية وعلى حماس اختيار أحدهم”.
وانتقد عبد ربه “فرض حماس لمطالب وشروط جديدة وعودتها إلى أسلوب المناورات لكسب الوقت وتحقيق مكاسب فئوية قبل إتمام تأليف حكومة الوحدة الوطنية”. وأوضح أن “حماس قدّمت، قبل إتمام تأليف الحكومة، مطالب تتعلق بمراسيم وتعيينات لموظفين من أعضائها أصدرتها الحكومة السابقة وتريد المصادقة عليها الان”، مشدداً على أن هذه المراسيم “لا بد أن تخضع للدراسة ولفحص ما إذا كانت مطابقة للقانون أم لا قبل المصادقة عليها”.
في هذا الوقت، قال مسؤولون فلسطينيون وغربيون إن القوات الموالية لكل من الرئيس الفلسطيني وحركة “حماس” تعتزم المضي قدماً في توسيع صفوفها. وقال عمال في مدينة أريحا في الضفة الغربية إنهم كثّفوا من أعمال البناء في قاعدة مساحتها نحو 16 فدانا للحرس الرئاسي التابع لعباس، كما أنهم يضعون اللمسات النهائية في “كلية” لجهاز المخابرات التابع له.
وقال قائد للحرس الرئاسي “هذا موقع عسكري يجب أن يتم تجهيزه سواء كان هناك (اتفاق) مكة أم لم يكن... نحن لا ينقصنا العامل البشري، ولكن تنقصنا التجهيزات. حماس لديها قذائف هاون وصواريخ.. وأما نحن فلا نملك ذلك”.
في المقابل، تبدو “حماس” مشغولة بزيادة قواتها الخاصة، التي يطلق عليها “القوة التنفيذية”، ليصل عدد أعضائها إلى 12 ألفاً، وهو ضعف الحجم الحالي. وقال المتحدث باسم القوة اسلام شهوان “نحن نعمل جاهدين على تحقيق ذلك”.
وقال زكريا القاق، وهو خبير أمني في جامعة القدس، إن اتفاق حكومة الوحدة قد يكون قضى على الاقتتال بين الفصيلين في الوقت الراهن، لكن الثقة على أرض الواقع مفقودة بين الجانبين. وتابع “قد يبدو اتفاق مكة جيداً، لكنه ليس قابلاً للتطبيق على أرض الواقع. لا تزال التعبئة كما هي، والإعداد كما هو عند كلا الجانبين”.
ميدانياً، أصيب أربعة مستوطنين اسرائيليين أمس في قصف للمقاومة الفلسطينية على مدينة المجدل في فلسطين المحتلة عام 48. وقالت “سرايا القدس”، الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي”، إن مقاوميها أطلقوا صاروخين من طراز “قدس 3” على المدينة المحتلة رداً على العدوان الإسرائيلي وعمليات الاغتيال التي طالت مقاوميها في الضفة الغربية.
وأعلن المتحدث الإعلامي باسم “سرايا القدس”، أبو أحمد، أن لدى السرايا صواريخ مطوّرة جديدة يمكن أن تصيب أهدافاً إسرائيلية أبعد من مدينة المجدل، مشدداً على أن الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين وكوادر المقاومة لن تمر من دون عقاب رادع لإسرائيل.
وفي الضفة الغربية، شنت قوات الاحتلال الاسرائيلي أمس سلسلة من عمليات الدهم والتفتيش في منازل الفلسطينيين، وأعلن متحدث عسكري اسرائيلي أن قواته اعتقلت خلال هذه الحملة 18 فلسطينياً، ينتمون إلى مختلف الفصائل الفلسطينية.