أولبرايت مع مراجعة «جذرية» للسياسة الأميركية في المنطقة استؤنفت أول من أمس في جامعة تافتس في بوسطن سلسلة محاضرات عصام فارس السنوية، بخطاب شديد اللهجة لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت، دعت فيه إلى مراجعة «جذرية» للسياسة الأميركية في الشرق الاوسط، «تُخرج الولايات المتحدة من مأزقها في العراق، وتُحيي دورها وسيطاً نزيهاً للسلام بين العرب واسرائيل، وتعيد للبنان سيادته وتمنع استخدام أراضيه ساحة لصراع الآخرينبدوره، شدد نجاد فارس، في كلمة ألقاها نيابة عن والده النائب السابق لرئيس الوزراء عصام فارس، على أهمية استعادة لبنان لدوره صوتاً ليبرالياً ديموقراطياً في منطقة الشرق الاوسط المضطربة. وأشار إلى أن لبنان، بتعدديته وبتركيبته الطائفية، هو صورة مصغرة للشرق الاوسط، وان تقدمه وازدهاره «يتوقفان على حل المشاكل الاقليمية التي تحيط به». وتابع «يردد والدي دائماً ان السلام لا يتحقق بالتقسيط او بالتجزيء. بل يجب ان يكون شاملاً، او لن يكون هناك سلام». وأضاف «واذا لم تشعر الدول الاقليمية بأنها مرتاحة إلى حد ما، فستبقى هناك جماعات او عناصر مستعدة للتسبب بالفوضى».
ورأى نجاد فارس أن حل النزاع العربي ـ الاسرائيلي لن يخلّص الشرق الاوسط من جميع مشاكله، الا انه رأى ذلك شرطاً ضرورياً لكي تحظى الولايات المتحدة بالتعاون العربي الاسلامي الصادق لحل المشاكل الاقليمية الاخرى مثل العراق. وشدد على انه لن يكون هناك أي حل للنزاع العربي ـ الاسرائيلي من دون مشاركة أميركية.
وتحوّلت سلسلة محاضرات عصام فارس، التي بدأت في عام 1994، الى مناسبة سنوية لنقاش هادئ وجدي لقضايا الشرق الاوسط. وعبر السنوات الماضية، تحدث فيها الرؤساء جورج بوش الاب وبيل كلينتون والرئيس الفرنسي السابق فاليري جيسكار ديستان ورئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر ووزراء الخارجية السابقون جيمس بيكر وكولن باول والسناتور هيلاري رودام كلينتون والسناتور السابق جورج ميتشل.
وذكّرت أولبرايت الحضور بأن الرئيس جورج بوش الاب، الذي تحدث في سلسلة المحاضرات نفسها قبل غزو العراق بأسابيع، لم يبرر الغزو؛ لا بل شرح الاسباب التي منعته من احتلال العراق في 1991. واضافت ساخرة «هناك دروس من تلك المحاضرة، أولها ان الاولاد يجب ان يستمعوا لنصائح أهلهم، وثانيها ضرورة معرفة التاريخ».
وتحدثت أولبرايت بمرارة عن الثمن الباهظ لغزو العراق، والذي يشمل آلاف الضحايا، وكيف ان الغزو هدّد التحالفات العالمية لاميركا، وأدى الى تقوية تنظيم «القاعدة» وأضر بسمعة اميركا ومكانتها، ودفع بالناس للخلط بين الديموقراطية وفرضها بالقوة.
وقالت اولبرايت إن «قوات الجيش الأميركي تجد نفسها الآن وسط حرب اهلية، وإن بقاءها هناك سيصبح بمثابة كارثة اذا لم يؤد إلى تغيير جذري في الاوضاع على الارض، وفي هذه الحالة يجب سحب القوات».
وبعدما أيدت أولبرايت توصيات فريق «بيكر ـ هاملتون»، أوضحت أن الحل في العراق يجب ان يتحقق عبر الوسائل السلمية. وأثنت على مشاركة أميركا في مؤتمر دول الجوار في العراق في نهاية الأسبوع الجاري بحضور دول من بينها ايران وسوريا، وأشارت بالتحديد إلى أهمية مشاركة ايران.
وانتقدت اولبرايت بقوة سياسات الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ومواقفه، لكنها حذّرت من التورط في حرب ضد ايران، قائلة «يجب أن تركّز الولايات المتحدة على كيفية تحقيق السلام لا على تبرير حرب اخرى». وحذرت من التورط في النزاع الشيعي ـ السني في المنطقة، رافضة طروحات تقسيم العراق «لأن ذلك سيتسبب في اضطرابات اقليمية».
ودعت اولبرايت إلى قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة تعيش بسلام مع اسرائيل، وقالت إنه «لن يحدث أي تقدّم في هذا المجال من خلال العنف». ورفضت اطروحة صدام الحضارات، وإن رأت أن هناك «معركة افكار وقيم بين قوى مختلفة في المنطقة وأميركا».
(الأخبار)