واشنطن ــــ «الأخبار»
«قمة الاستخبارات» ترفض «إضاعة الوقت» في حوار مع «الدول المارقة» وتدعو إلى «رفسها» وإلى «وضع خطط واقعية من أجل تسهيل عملية تغيير النظام في سوريا وإيران


«نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني يدير منذ أسابيع، ومن دون علم وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، عمليات تجسس في العمق اللبناني لمساعدة الجماعات الإسلامية، بهدف تطويق نفوذ حزب الله». بهذه العبارة خاطب رئيس «قمة الاستخبارات»، جون لوفتوس، المشاركين في مؤتمر ضم مجموعة كبيرة من عملاء سابقين في وكالات استخبارات أميركية، وعُقد، لمدة ثلاثة أيام، في أحد فنادق مدينة بيترسبورغ في ولاية فلوريدا الأسبوع الماضيولفت لوفتوس إلى أن معظم المشاركين من الإسرائيليين، أو من الموالين لإسرائيل، من الذين ناقشوا ما وصفوه بـ«النمط المتزايد» من الإسلاميين المناهضين لسياسة الهيمنة الأميركية ـــ الإسرائيلية. كما لوحظ أن الكثير من العملاء والجواسيس (السابقين) المشاركين يستخدمون أسماء مستعارة.
وتحدث لوفتوس عن «خطر حقيقي» تشكله «مجموعات من الإخوان المسلمين، المرتبطين بتنظيم القاعدة، تدير شبكة سرقة وشراء سيارات فخمة في مدينة تامبا بولاية فلوريدا»، على بعد كيلومترات من مقر القيادة المركزية الأميركية التي تقود الحرب في المنطقة لإنهاء خطر «الإرهاب الإسلامي».
وأوضح لوفتوس أنه يتم تصدير هذه السيارات إلى دول المنطقة من أجل «تفخيخها واستخدامها في العراق ولبنان».
وركّز المجتمعون على «تكتيكات الإرهاب»، لكنهم بدوا جميعاً كجوقة مرتّلين في كنيسة يتحدثون بلسان واحد، بدلاً من تقديم عرض محترف للمخاطر التي يواجهها الغرب والولايات المتحدة الأميركية، فاكتفوا بطرح أسئلة عن منطق وزارة الخارجية الأميركية في إقامة حوار مع «الدول المارقة»، وتحديداً سوريا وإيران وكوريا الشمالية.
وأعرب العديد من المشاركين عن رفضهم «إضاعة الوقت» في الحوار مع دول «لا تحترم كلمتها أبداً»، بل وصل الحد بأحد المشاركين في الدعوة إلى «رفس» هذه الدول، و«وضع خطط واقعية من أجل تسهيل عملية تغيير النظام في سوريا وإيران»، من خلال الاغتيالات والإكراه.
وقد لقيت دعوات كهذه تصفيقاً وترحيباً كبيراً من الحاضرين.
ومن المواضيع التي حازت على اهتمام المشاركين في المؤتمر، «مصادر وقوة ولوجستيات المجموعات الإرهابية»، إلى جانب الحاجة الماسّة للاستعداد، في حال وقوع هجوم «إرهابي»، والحاجة إلى الرد بقوة مفرطة عليه. يشار إلى أن المختصين الذين طرحوا هذه الإشكاليات لم يتقدموا بأي حل سياسي لهذه المشاكل التي تعاني منها الإدارة الأميركية، بل ركزت الكلمات على السبل الاستخبارية والميدانية في مواجهة القضايا العالقة، في نظر واشنطن.
وعلى سبيل المثال، ورغم الكلام الكثير الذي قيل حول «الإرهاب العربي»، لم يتطرق أحد إلى السبب الذي دفع المجموعات العربية والإسلامية للجوء إلى العنف، فلم يحاول أي من المحاضرين الربط بين تنظيم «القاعدة» واستخدامه للقضية الفلسطينية، كما لم يشر أحد إلى أن تسوية الصراع العربي ـــ الإسرائيلي قد تسهّل عملية تهدئة بعض النفوس العربية والإسلامية الغاضبة تجاه الغرب.
وقال لوفتوس، الذي كان يعمل في قسم التحقيقات في وزارة العدل الأميركية، إن الهدف من الاجتماع «جمع المحترفين من حول العالم لمساعدتهم على مقارنة ملاحظاتهم، وإقامة اتصالات جديدة، ومعرفة كيفية تجاوز البيروقراطية التي غالباً ما تثقل كاهل مثل هؤلاء النخبة».
ويفتخر لوفتوس بأنه كان يتولى الملف الأمني للناشط الفلسطيني الإسلامي سامي العريان، وأنه هو الذي دفع به إلى السجن.
ومن بين المشاركين في الاجتماع العقيد الإسرائيلي عوديد شوهام، وخبير الاستخبارات، ألون تسيفي الإسرائيلي الأصل، الذي عمل مستشاراً أمنياً في عدد من الأجهزة الأميركية. كما شارك في المؤتمر يورام هيسيل، وهو ضابط كبير سابق في جهاز «الموساد» الإسرائيلي، وكلير لوبيز، وهي ضابط عمليات سابقة في وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إيه»، ومدير منظمة رصد الجهاديين روبرت سبنسر، والعقيد غوردون كيركولو من كتيبة «القبعات الخضر» ذات الصيت السيئ في حرب فيتنام، ويوسف بودانسكي الباحث في شؤون الاستخبارات والإرهاب في هيئة خدمات أبحاث الكونغرس الأميركي.
وقد عُقد الاجتماع الاستخباري على هامش مؤتمر لمجموعة من الليبراليين والمحافظين العرب الجدد من المقيمين في الولايات المتحدة الذين ناقشوا سبل «علمنة الإسلام»، و«مكافحة» الاتجاهات المناهضة لسياسة الهيمنة الأميركية ـــ الإسرائيلية.
وعزا لوفتوس خلوّ الاجتماع من أيّ من الجواسيس العاملين راهناً، إلى «الضغوط التي مارسها المسؤولون عن وكالات الاستخبارات في الولايات المتحدة وغيرها من الدول»، موضحاً أن جون نغروبونتي، الذي كان قبل تعيينه نائباً لوزير الخارجية الأميركي مديراً لمجلس الاستخبارات القومي الأميركي، «منع الجواسيس الفدراليين من حضور الاجتماع، وهددهم بأن الحكومة لن تدفع تعويضات انتقالهم لحضور الاجتماع».
وقد أشار مشاركون في المؤتمر، يعملون بعقود مغرية مع الحكومة الأميركية في العراق، الى تلقيهم تحذيراً من الحكومة الأميركية بأنهم سيُمنعون من الحصول على عقود جديدة، إذا شاركوا في «قمة الاستخبارات».
كما زعم منظمو الاجتماع أن جواسيس من دول أخرى قد تلقّوا تحذيرات مماثلة.
وفي السياق، كشفت المتخصصة في شؤون الأسلحة البيولوجية كلير لوبيز، التي كانت تبدي اهتماماً خاصاً بالمعلومات المتعلقة بقيام إحدى دول المنطقة ببناء ترسانة من هذه الأسلحة، عن تعرضها للملاحقة من قبل عميلين لهذه الدولة، على متن الرحلة التي قامت بها إلى فلوريدا.
مجموعات من الإخوان المسلمين المرتبطين بتنظيم «القاعدة» تدير شبكة سرقة وشراء سيارات فخمة في ولاية فلوريدا على بعد كيلومترات من مقر القيادة المركزية الأميركية التي تقود الحرب في المنطقة لإنهاء خطر الإرهاب الإسلامي. ويتم تصدير هذه السيارات إلى دول المنطقة لتفخيخها واستخدامها في العراق ولبنان