strong>باريس ــ بسام الطيارة
ولّدت تصريحات المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا عن قضيّة «تهريب الأسلحة» إلى حزب الله في لبنان عبر الحدود السوريّة والتقارير الصحافية التي تشير إلى استمرار هذه العمليات، نوعاً من التضارب بين الدبلوماسيّتين الفرنسيّة والأوروبيّة؛ فشدّد المتحدث الرسمي في وزارة الخارجية الفرنسيّة جان باتيست ماتيي على أنّ «فرنسا لا تملك معلومات تسمح بتأكيد ما تتناقله الصحف عن موضوع تهريب السلاح إلى لبنان عبر الحدود السوريّة».
وأشار ماتيي إلى ضرورة انتظار الـ«تقويم» الذي سيتضمّنه تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي ـــ مون، ردّاً على سؤال عما «إذا كانت التقارير الصحافية واتهامات الولايات المتحدة بحصول تسرب للأسلحة عبر الحدود ستقود إلى وضع قوّات دوليّة على الحدود بين البلدين». وأوضح ماتيي أنّ القرار ١٧٠١ يحمل في طيّاته ما يسمح بطلب مساعدة دولية على الحدود بين سوريا ولبنان، إلّا أنه أشار إلى موقف باريس القائل بضرورة «أن يكون بناء على طلب الحكومة اللبنانية». وأضاف أنه «لا علم له بوجود طلب لبناني من هذا النوع».
وحول قيام فرنسا بإجراء «تحقيقات تتعلّق بصحّة هذه الأخبار» (تهريب الأسلحة)، ما يسمح لها بنفي التقارير الإخبارية المتناقلة في الصحف، أجاب المتحدث الفرنسي بأن «باريس لا تتدخّل مباشرة في هذه المسألة»، قبل أن يشير إلى أنّ «الأمم المتحدة هي المكلّفة هذا الأمر وفرنسا تشكّل أحد مكوّنات القوّات الدوليّة»، موضحاً أنّ الملاحظات الأمميّة على هذه المسألة هي التي ستغذّي التقرير المنتظر صدوره خلال أيّام.
إلا أنّ بعض المصادر أشارت إلى أنّ باريس قد تحقّقت عبر أجهزتها من أنّه «لا صحّة لهذه التقارير الإخبارية» وأن الأجهزة الفرنسية تملك تقنيّات تسمح لها بدعم تأكيداتها. وقال أحدها إنّه، ورغم تدخّل القوّات الدوليّة «في حالات معدودة»، لا يمكن الحديث عن «تسريب مكثّف للأسلحة» كما تضخّمه الوسائل الإعلامية، داعياً الجميع إلى انتظار تقرير بان كي ـــ مون.
وتعجّب بعض المراقبين من توقيت هذا التناقض بين تصريحات سولانا والخارجية الفرنسية، على قاعدة أنّ دعوة الناطق الرسمي إلى التروّي موجّهة أيضاً إلى المسؤول الأوروبي وأيّ جهة تسلّط الضوء على هذه «التقارير».
ويرى دبلوماسيون أنّه رغم «انخفاض نبض الدبلوماسيّة الفرنسية»، الذي يعزوه البعض إلى إعلان الرئيس جاك شيراك عدم ترشّحه إلى الرئاسة الفرنسيّة، فإنّ «ديناميّة الدبلوماسية الفرنسية التقليدية» ستجد «متنفّساً» خلال الفسحة الزمنية التي تسبق مرحلة التغيير الذي ستفرضه الانتخابات المقبلة.
ومن هنا، يمكن تفسير «هذا التوضيح» بشأن التقارير الإخبارية التي تغذّي الاتهامات بـ«تسريب السلاح»، كما يمكن من خلالها فهم تطرّق ماتيي للفقرة الثانية من البند الثامن من القرار ١٧٠١، لشرح المطلوب من إسرائيل ولبنان للتوصّل إلى «وقف نهائي لإطلاق النار»، بعد تعداده النقاط الواردة في «القرار» ووصفها بأنها «ثوابت سياسية».
ورغم إشارة الناطق الرسمي إلى أنّ زيارة سولانا إلى دمشق اليوم تأتي بناءً على تفويض من مجلس أوروبا، وأنّ «مهمته الأساسية» هي التحدّث بالملفّ اللبناني وتأكيد الثوابت الأوروبية في هذه المسألة، إلّا أنّه لم يغب عن المراقبين أنّ «الحديث مع دمشق» بموافقة فرنسية علنيّة لم يعد محرّماً كما كان منذ أسابيع.
وكان سولانا قد علّق في بيروت على موضوع القارار 1701، فأعرب عن ارتياحه لطريقة تطبيقه، وأشار إلى أن الانتهاكات الجوية الإسرائيلية «مشكلة في تطبيقه»، وإلى ضرورة «المضي قدماً في حلّ مسألة مزارع شبعا». وقال إنه سيبحث مع سوريا هذا الأمر بالإضافة إلى موضوع تهريب الأسلحة. وأضاف: «أنا أملك خريطة للبنان في مكتبي، ونجد الحدود بين سوريا ولبنان بوضوح. وعلى شاطئ البحر المتوسط، هناك أفرقاء أوروبيون مختصّون يراقبون الشاطئ. فمن الجنوب، يصعب تهريب أسلحة». وإذ تساءل: «إذاً، من أين تأتي الأسلحة؟»، اكتفى بالتعليق: «لا أستطيع أن أقول، لكني أستطيع أن أتكهن».