في تشرين الأول من عام 2004، سـحب الجندي الأميركي كريس رولان مسدساً عيار 9 ميليمترات وأردى أحد زملائه قتيلاً، بعد ليلة من السكر، في قاعدة عسكرية أميركية قرب بغداد.في آذار 2006، قام جنود أميركيون من الكتيبة 101 المحمولة جواً في بلدة المحمودية باغتصاب وقتل فتاة عراقية تبلغ الرابعة عشر من العمر، ومن ثم قتل الجنود أفراد عائلتها، بعدما تناولوا كميات كبيرة من مشروب مسكر زودهم به الجيش العراقي، بحسب الادعاء الأميركي.
يومذاك، أوردت وزارة العدل الأميركية، في روايتها الرسمية، أن الجندي ستيفن غرين كان عنصراً في الكتيبة الأولى في الفوج 502 في الجيش الاميركي، وكان ضمن وحدة متمركزة في المحمودية على بعد ثلاثين كيلومتراً من بغداد، حيث توجه ليل 11-12 آذار برفقة ثلاثة جنود آخرين، كان قد احتسى معهم الكحول، الى منزل قرب نقطة تفتيش في ضواحي المدينة «من أجل اغتصاب امرأة كان يعرف أنها تقيم هناك».
وبحسب شهادة جندي بقي عند الحاجز وجنديين من الذين رافقوا غرين، فإن هذا الأخير توجه مباشرة الى غرفة كانت فيها امرأة ورجل وفتاة، ثم خرج قائلاً «لقد قتلتهم، ماتوا كلهم».
ثم أقدم غرين وجندي آخر على اغتصاب شابة عراقية كانت في المنزل، بعد ذلك قتلها ستيفن غرين بطلقتين أو ثلاث طلقات من رشاشه.
رمى الجنود الأربعة الرشاش في قناة، وأحرقوا ملابسهم التي كانت عليها آثار دماء. وتشير الصور التي التقطت في وقت لاحق في المنزل الى أنهم حاولوا أيضاً إحراق جثة الشابة، التي تعرضت للاغتصاب.
وبعد 11 شهراً من خدمته في العراق، رأى الجيش الاميركي أن غرين غير صالح للخدمة «بسبب اضطراب في الشخصية». أما كون الجنود الأميركيين قد تناولوا الكحول أثناء الخدمة، فمرت عليها المحكمة العسكرية بشكل ثانوي، علماً أن المسكرات، المحظورة في الجيش الأميركي أثناء الخدمة، تعدّ سبباً رئيسياً في تزايد الجرائم التي ترتكبها القوات الأجنبية المنشرة في أفغانستان والعراق.
وقد بلغت نسبة الحالات المرتبطة بالسكر أكثر من ثلث إجمالي المحاكمات العسكرية، بحسب سجلات حصلت عليها صحيفة «نيويورك تايمز». وتشمل معظم هذه الحالات عمليات قتل أو اغتصاب أو سطو مسلح.
وبحسب الخبراء في دوائر الصحة العسكرية الأميركية، فإن «استخدام الكحول والمخدرات في مناطق الحرب يعكس توجهاً واسعاً نحو تناول متكرر له في أوساط العسكريين، وخاصة في الجيش وفرق مشاة البحرية»، أي القطاعين اللذين يشاركان بنسبة أكبر في القتال.
غير أن محامي الدفاع يشيرون الى الثمن الرخيص للمشروبات الروحية في أفغانستان والعراق، لدى مرافعتهم أمام المحكمة، بالرغم من القيود العسكرية الأميركية وتحريم الشريعة الاسلامية لهذه المشروبات.
وأظهرت دراسة أجرتها وزارة الدفاع في كانون الثاني الماضي ارتفاع تناول الكحول بنسبة 30 في المئة في صفوف الجيش الاميركي ما بين عامي 2002 و2005.
من جهة ثانية، تشير دراسة ثانية الى ارتفاع معدلات الإصابة باضطرابات عقلية بين افراد الجيش، بعد وقت قصير من تركهم الخدمة في العراق وأفغانستان.
ويقدر المحققون أنه، من بين 103788 محارباً عادوا من الخدمة في هذين البلدين، «تم تشخيص 25 في المئة منهم على أنهم يعانون اضطرابات في الصحة العقلية».
وتوضح دورية «سجلات الطب الباطني»، الصادرة عن المركز الطبي في إدارة قدامي المحاربين الاميركيين، أن الجنود الأصغر سناً، والأكثر تعرضاً للأعمال القتالية، «هم الأكثر عرضة للمخاطر» الصحية العقلية.
وفي السياق، كشفت الطبيبة كارين سيل عن أنه، إضافة الى المعدل الكبير في حالات الاضطرابات النفسية، «يعاني واحد من كل ثلاثة جنود على الاقل أحد الاضطرابات النفسية الاجتماعية».
وتشير الدراسة الى أن المرض الأكثر تشخيصاً هو «اضطراب ما بعد الصدمة»، يليه القلق والاكتئاب، أو مشاكل سلوكية.
(نيويورك تايمز، رويترز)