بول الأشقر
بعد انتخابه للمرة الأولى رئيساً للولايات المتحدة، كرس جورج بوش زيارته الأولى للمكسيك ووصف العلاقة بين البلدين بأنها «الأهم بالنسبة إلى الولايات المتحدة». كان ذلك قبل تفجيرات أيلول 2001 وكان الرئيس المكسيكي المنتخب يسينتي فوكس في ذلك الحين صاحب شركة كوكا-كولا - المكسيك.
لم يتأخر الرئيس الجديد فيليبي كالديرون في التذكير بهذا التصريح، وخصوصاً أن جورج بوش تأخر لزيارتهأتى بوش إلى المكسيك أول مرة لأنه قبل الرئاسة كان حاكماً لولاية تكساس وهو يعرف أهمية اللاتينوس في حياة ولايته، والمكسيك على حدودها. وفيليبي كالديرون آت هو أيضا من ولاية تعرف ماذا تمثل الهجرة في يوميات الحياة المكسيكية، وخارج من انتخابات صعبة ومشكوك في شرعيتها، أدى فيها دور المرشح المفضل للولايات المتحدة؛ فكان عليه أن يرفع وتيرة صوته: «كيلومتر واحد من الطريق من طرف المكسيك يقلص الهجرة أكثر من عشر كيلومترات من الجدار من طرف الولايات المتحدة».
والجدار الذي بُدئ ببنائه على الحدود بين البلدين يشعر به الرأي العام الأميركي اللاتيني كـ“إهانة». لكن كالديرون يعرف أيضاً أن خصمه الحقيقي في هذا الملف بالذات ليس جورج بوش، الذي يمكن تصنيفه بـ “المعتدل”، وهو من أنصار ما يسمى بـ“الحل الشامل”، بل من يروّج لـ“الحل الأمني”، كما تطالب أقسام شاسعة من أكثرية بوش الجمهورية، التي أصبحت أقلية، إضافة إلى اقلية «أمنية» في الحزب الديموقراطي. المشكلة لها علاقة برغبة بوش في هذا الظرف بالذات في معاداة قسم محترم من الأقلية التي لا تزال تؤيده.
مع وصوله إلى المكسيك، يصل بوش إلى أميركا الشمالية: إلى محيطه الإقليمي، إلى سوقه المشتركة. لم يعد هناك حدود بالمعنى الدقيق للكلمة. المهاجرون المكسيكيون حوالى 12 مليوناً، أكثريتهم في وضع غير قانوني.
«هذا الواقع لن يجد حلاً إدارياً، ولو بمرسوم رئاسي”، قال الرئيس كالديرون، “ما دام هناك اقتصاد يفيض بالرساميل وإلى جانبه آخر يفيض باليد العاملة الرخيصة».
المشكلة تزداد حدة كل يوم، والكونغرس منكب على بلورة تسوية جديدة منذ سنوات في الوقت الذي أصبح فيه «اللاتينوس» المجموعة الثانية في الولايات المتحدة على حساب الزنوج، وتحولوا إلى «الخطر الداخلي» حسب صموئيل هنتنغتون.
كل شيء بين المكسيك – واميركا الوسطى- والولايات المتحدة إقليمي: تطالب واشنطن بمنع تسلل العمال غير الشرعيين إليها، فيما تطالب مكسيكو سيتي بمنع تصدير الأسلحة إليها. تطالب الولايات المتحدة بمحاربة إنتاج وتسويق المخدرات من المكسيك، التي تطالب في المقابل بمحاربة الاستهلاك في الولايات المتحدة وتصدير مواد تحويل المخدرات إليها. إنها قصة الدجاجة والبيضة، وفي هذه الحالة قصة البيضة و“البطة العرجاء”.
يقول بيتر حكيم، مدير مؤسسة الحوار الأميركي، إن «زيارة بوش إلى المكسيك هي المحطة الجدية الوحيدة في جولته». على كل حال، كانت الوحيدة الضرورية لأن بوش لم يكن قد زار بعد رئيس المكسيك الجديد. ربما لهذا السبب، وأيضاً لأسباب أمنية –ولو أثارت غيظ المقيمين- وللابتعاد عن المنطقة الحدودية بين البلدين، تمّت استضافته في ميريدا، عاصمة اليوكاتان، ذلك المكان الخلاّب المطل على خليج المكسيك وبحر الكاريب. لم يكن في الحسبان أن يكون الرئيس الفنزويلي هيوغو تشافيز على مرمى حجر من مكان الاجتماع، في هايتي حيث استقبله أنصار الرئيس المخلوع جان بتيست أرستيد كـ“بطل”.