محمد بدير
دخلت الحلبة السياسية الإسرائيلية في دوامة محمومة من حراك الاستعداد لتلقّي صدمة تقرير فينوغراد المرحلي الشهر المقبل، وبدأت مؤشرات بورصة الرهانات على مصير الأشخاص، والأحزاب، بالارتفاع في ظل توقعات بسقوط البعض ووراثة آخرين لهم.
ووقع بيان لجنة فينوغراد أول من أمس وقع الحجر في المياه الراكدة لحزب كديما، فأحدث تموجات يتوقع أن تزيد اتساعاً مع الأيام.
وفور صدور البيان انطلقت ورشة تكهنات داخل الحزب بشأن مصير رئيسه، إيهود أولمرت، بل ومصير الحزب نفسه في ضوء حداثة عهده على الساحة السياسية في إسرائيل وعدم تبلور وضعه المؤسساتي والشعبي بعد. وبرغم محاولة بعض المقربين من أولمرت التقليل من أهمية التوتر الحاصل من خلال إشاعة التقدير بأنه سيجتاز قطوع التقرير من دون أن يضطر إلى ترك منصبه، بدا أن الجو السائد في أوساط الحزب يراوح بين اليأس من مستقبله، والقناعة بضرورة الاستعداد لاستبدال أولمرت أو حتى لانتخابات نيابية مبكرة.
وعلى وقع تساؤل بعض المسؤولين في كديما عن جدوى الاستمرار في مأسسة النشاط الميداني للحزب وجدوى مواصلة الاستثمار السياسي فيه، بدأ قادة آخرون بدراسة نظامه الداخلي للوقوف على الآليات القانونية المتاحة، سواء لجهة إقالة أولمرت، أو لجهة انتخاب خليفة له في حال اضطراره إلى الاستقالة.
ووسط حالة الترقب لما سيحصل في «مجلس الحزب»، الذي سيعقد اليوم اجتماعاً كان مقرراً من قبل، نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن أحد كبار المسؤولين فيه قوله إن «معركة الوريث الجديد (لأولمرت) في كديما بدأت»، مشيراً إلى أن هناك داخل الحزب «من لن يسمح لأولمرت بمواصله تحطيمه، إذا قرر عدم الاستقالة».
ويعيش قادة كديما هاجس أن يسعى حزب الليكود إلى استغلال حالة الاهتزاز التي يمر بها حزبهم فيعمل على شقه. وكان رئيس الليكود، بنيامين نتنياهو، قد أعلن أخيراً أن نواباً في كديما أجروا اتصالات من أجل انتقالهم إلى الليكود. وقال رئيس كتلة الليكود في الكنيست، غدعون ساعر، أمس، إنه ينبغي تنظيم انتخابات مبكرة، لكن بما أنه لا أغلبية في الكنيست تؤيد هذا الأمر، فإنه «إذا توفر إمكان تأليف حكومة حول حزب الليكود في الكنيست الحالية، فمن المؤكد أن هذا ما سنقوم به». ولم يستبعد أحد نواب كديما أن يسارع بعض أعضاء كتلته إلى الاتصال بالليكود بهدف العودة إليه.
ويمكن أن يتحقق سيناريو تسلم نتنياهو رئاسة الحكومة إذا حصل على دعم 61 نائباً في الكنيست، ولكي يحدث ذلك، فإنه بحاجة إلى انشقاق ثلث أعضاء كتلة كديما، أي عشرة نواب (وهو الحد الأدنى لعدد المنشقين الذي يسمح به القانون) والتحاقهم بالليكود. وتداركاً لسيناريو كهذا، بدأ اسما كل من وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، ونائب رئيس كديما، شمعون بيريز، يترددان في أوساط الحزب كأبرز المرشحين لخلافة أولمرت.
أما في حزب «العمل»، فلم تكن درجة التوتر أقل حدة منها في كديما. وبرغم أن مقربين من رئيس الحزب، عامير بيرتس، أكدوا أن الأخير ينوي في كل الأحوال خوض انتخابات الرئاسة في أواخر أيار المقبل، فإن منافسيه الأساسيين على المنصب، إيهود باراك وعامي أيالون، بدآ يستعدّان لإمكان ألا يكون بيرتس وأولمرت في موقعيهما الحكوميين حتى موعد الانتخابات.
وفيما طالب مسؤولون في الحزب بيرتس بـ«إعادة المفاتيح» حتى قبل أن تصدر اللجنة تقريرها، فإن مسؤولين آخرين قللوا من ضرورة الانقضاض عليه لأن انتخابات رئاسة الحزب ستفضي، بتقديرهم، إلى خسارته للمنصب في كل الأحوال.
ويمكن تلخيص السيناريوهات التي ستنتج من نشر تقرير فينوغراد بأربعة: أولاً: حل الكنيست والتوجه نحو انتخابات مبكرة، وهو سيناريو مستبعد نظراً لعدم وجود مصلحة لدى حزب كديما ومعظم الأحزاب الصغيرة الأخرى في ذلك؛ ثانياً: تأليف حكومة جديدة بزعامة شخصية قيادية من حزب كديما، بديلة لأولمرت؛ ثالثاً: تأليف حكومة ليكودية يرأسها نتنياهو بعد إعادة فرز للخريطة الحزبية وحصول انشقاق داخل كديما وانضمام الكتلة المنشقة إلى الليكود؛ ورابعاً: إصرار أولمرت على البقاء في منصبه، وذلك ممكن إذا لم تكن استنتاجات اللجنة ضده حادة إلى درجة تجعله يرضخ لضغوط حزبه والرأي العام.