علي شهاب
صراع خفي تدور رحاه في كواليس الادارة الاميركية على خلفية الاستراتيجية الجديدة في العراق، انعكس سجالاً بين وزارتي الدفاع والخارجية حول بند زيادة عديد فرق اعادة الاعمار في بلاد الرافدين. الدبلوماسيون يطالبون بأن يكونالموظفون في هذا المجال من العسكريين الاحتياط، بذريعة نقص العديد في السلك الخارجي، وفي المقابل، لا ترغب وزارة الدفاع في تحمل المزيد من المسؤوليات في هذا الملف، وهي الغارقة بين سندان النقص الفادح في عديد قواتها داخل الولايات المتحدة نفسها، بسبب الانتشار الكثيف لجيشها في العالم، ومطرقة السياسة التي اقرها الرئيس جورج بوش في العراق، بالاعتماد على الحلول العسكرية المكلفة.
طلبت وزارة الخارجية من البنتاغون «إعارتها» عناصر من قوات الاحتياط لتوسيع فرق إعادة الاعمار، بحسب تعبير كبير مستشاري وزيرة الخارجية ديفيد ساترفيلد.
غير أن مؤشرات الازمة برزت عند حديث وزراة الخارجية عن «مهارات خاصة»، من المفترض أن تتوزع على قطاعات التنمية والتخطيط العمراني والتصميم المدني والقطاع الزراعي في العراق، الأمر الذي وضع الادارة الاميركية أمام تحدّ جدي، بسبب عدم توفر هذه الاختصاصات في صفوف السلك الدبلوماسي، وفي القوات المسلحة الموجودة في الخدمة. وهكذا، قررت واشنطن البحث عن هؤلاء بين أفراد قوات الاحتياط العسكريين، على أن تمتد فترة عمل الأفراد المختارين بين 6 اشهر الى سنة. وهنا، برز عائق آخر امام وزارة الخارجية، اذ تحتاج هذه الخطوة الى موافقة الكونغرس على التمويل، وهو ما يعني عدم توفر الاعتمادات اللازمة قبل منتصف العام الجاري. لكن عقول حكام واشنطن سرعان ما تفتقت عن حل، يعتمد مبدأ «مساعدة العراقيين على إنفاق أموالهم».
فبحسب ساترفيلد، «يعمل المسؤولون الأميركيون المدنيون والعسكريون بشكل وثيق مع السلطات في بغداد لحشد الأموال والموارد والبرامج العراقية، للتعاطي مع جهود إعادة البناء والاستقرار، ذلك أن أيام الإنفاق الضخم من شركات التصميم والبناء الأميركية والمتعددة الجنسيات قد ولّت. أما الآن، فيجرى تنفيذ المشاريع لمساعدة العراقيين على إيجاد الميزانيات وصرفها لتمويل إعادة البناء، كي يتمكنوا من إنفاق أموالهم، لا أموالنا».
وقد حاولت كوندوليزا رايس امتصاص حدة رد فعل البنتاغون، فوضعت طلب طاقمها في اطار «مكافحة التمرد»، في كلمة ألقتها امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، في 7 شباط الماضي. وسار ساترفيلد على الخطى نفسها. قال إن «عمل فرق إعادة البناء الإقليمية الجديدة في العراق بشكل مشترك مع الوحدات العسكرية هو الطريقة العملية الوحيدة لتحقيق التعاون والتآزر المدني والعسكري في ساحات القتال».
كانت فكرة تكوين فرق إعادة البناء الإقليمية قد بدأت أصلاً في العراق في منتصف عام 2005، تحت اسم «مجالس تنمية إعادة البناء الإقليمية»، لكنها تطورت من مجالس إلى فرق في عام 2006، اتخذت من «تشغيل العراقيين» شعاراً لها، منعاً لانضمامهم الى المقاومة. وتعمل ستة فرق حالياً في العاصمة بغداد، من خلال «تدعيم ذوي الاتجاهات السياسية المعتدلة، ومساندة جهود مكافحة التمرد، لأجل تعزيز التنمية الاقتصادية»، بينما ينتشر عدد من الفرق الأخرى في كل من مدن الحلة والبصرة وإربيل وذي قار.
الأموال عراقية، كما هي حال عناصر هذه الفــرق. لكن قيادتها أميركية، كما هي حال أهدافها. شكل جديد من الاحتلال، يكـــــشف بوضوح عجز سلطات بغـــداد، أو قصورها... أور بما تواطؤها؟