القاهرة ــ خالد محمود رمضان
في ما بدا محاولة للتغطية على جريمة قتل الأسرى المصريين «بدمٍ بارد» خلال حرب 1967، التي أظهرها في الفترة الأخيرة بشكل فاضح الوثائقي الإسرائيلي «روح شاكيد»، بثّت القناة العاشرة الإسرائيلية «فيلماً وثائقياً» مضادّاً يزعم «إعدام القوّات المصرية لعشرات الأسرى الإسرائيليين بعد استسلامهم أثناء حرب 1973. ادعاءات قلّلت مصر أمس، وعلى لسان وزير خارجيّتها أحمد أبو الغيط، من أهميّتهاوقالت القناة الإسرائيلية إنّ الفيلم يُعدّ رداً على «روح شاكيد». وظهر فيه جندي إسرائيلي سابق يدعى إيشار بن غافريل وهو يقول «كنت واحداً من 19 جنديّاً إسرائيلياً استسلموا عند قناة السويس ورفعوا أعلاماً بيضاء، وقتل المصريون 11 جندياً منّا بعد الاستسلام».
وقدّم الفيلم جنديّاً سابقاً آخر، هو إيتان مورغان، الذي ادعى أنّه كان واحداً من «عدد من الجنود الإسرائيليين الأسرى الذين جرى صفّهم على حائط»، وأن ضابطاً مصرياً قال لهم قبل إطلاق النار «إنّ الذي سيبقى على الأرض سيُقتل بينما الذي سيتمكّن من القفز سينجو».
وادّعى الفيلم أيضا أن عمليّات إعدام الأسرى الإسرائيليّين لم تقتصر على منطقة سيناء، بل امتدّت إلى مرتفعات الجولان المحتلّ، حيث قامت قوّات سوريّة بإعدام عشرات من الجنود الإسرائيليين المستسلمين.‏
وبعدما رأى أبو الغيط أن هذه المزاعم «لا تحتاج إلى تعقيب»، قال خلال مؤتمر صحافي مع نظيره البلجيكي كارل ديجوش فى القاهرة أمس «إنّنا نعلم لماذا يتمّ إطلاق هذا الأمر حاليّاً، وخصوصاً بعد فيلم روح شاكيد».
ولفت الدبلوماسي المصري إلى أنّ هذه الادعاءات «تأتي في مواجهة ثورة وغضب الشعب المصري، والموقف القويّ الذي اتّخذته الحكومة المصرية، ومطالبة إسرائيل بإجراء التحقيقات اللازمة وتقديم المذنبين إلى المحاكمة، لأنّها جريمة لا تسقط بالتقادم».
وأوضح أبو الغيط، الذي علّق بأنّه «أقل ما يوصف به (الوثائقي الجديد) بأنّه سخيف»، أنّ من يطرحون هذه «الادّعاءات» يحاولون التغطية على الجرائم التي ارتُكبت بحق الأسرى المصريين إلّا أنّ ذلك «مسألة مكشوفة». وتساءل «أين كانوا على مدى 40 عاماً الماضية؟ لأنّ مثل هذه الادّعاءات كان من المفترض أن يتمّ طرحها في وقتها، وخصوصاً أنّ إسرائيل تسلّمت من مصر كل جثامين قتلاها خلال حرب 1973 باستثناء عدد قليل».
واتهمت الصحف المصريّة إسرائيل باختلاق الأحداث التي يتضمّنها الوثائقي، في محاولة للتخلّص من جرمها، مشيرةّ إلى أنّ التاريخ يعرف ما قامت به مصر من الإبقاء على حياة الأسرى الإسرائيليين، وأنّ عملية مبادلة قائد اللواء الإسرائيلي الرقم 190 العقيد عسّاف ياجوري وأفراده، خير دليل على ذلك.
وفي سياق احتواء نواة الأزمة الدبلوماسيّة بين الجانبين، من المقرّر أن يبدأ اليوم السفير المصري لدى تل أبيب محمد عاصم سلسلة لقاءات مع عدد من المسؤولين الإسرائيليين لبحث قضايا مختلفة وخصوصاً تلك المتعلّقة بـ«روح شاكيد».
وكان عاصم قد تغيّب طيلة الأزمة الماضية، التي وصفها في تصريحات صحافية بأنها «صعبة وحسّاسة».