المشهد الحزين ذاته يتكرر كل عام. يتجمع المئات من الطلاب السوريين من مرتفعات الجولان في قرية عين التينة الجبلية ليحتفلوا بعيد الأم على طريقتهم البسيطة. وسيلة الاحتفال هي مكبر الصوت الذي يمثل أداة الاتصال الوحيدة المسموح بها بين سوريا وأراضي الجولان المحتلة. وتبث المكبّرات أصوات الطلاب، الذين يدرسون في الجامعات السورية، ليصل صداها إلى أمهاتهم عبر ما يعرف بـ“وادي الصراخ”، وهو شريط حدودي يصل عرضه إلى نحو 300 متر يفصل بين قرية عين التينة السورية وقرية مجدل شمس المقابلة، التي تخضع مع باقي قرى الجولان السوري إلى الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967.
وللاحتفال بهذه المناسبة، أقام الاتحاد النسائي أمس مهرجاناً خطابياً في عين التينة في محافظة القنيطرة شارك فيه ممثلو الاتحاد العام النسائي ونساء من الجولان المحتل وعدد من الطلبة.
وتجمع أكثر من 500 طالب وطالبة في عين التينة يحملون اللافتات ويبثون عبارات التهنئة لأمهاتهم ممتزجة بدموع الفرح والشوق والحنين على وقع موسيقى فرقة “شبيبة الثورة”، التي كانت تعزف أغاني وطنية سورية تتحدث عن الجولان.
ووقفت أمهات الطلاب وذووهم في الجهة المقابلة من الحدود ليتبادلوا التحية معهم.
وكتب على إحدى اللافتات: “تحية إلى كل أمهات الجولان”.
وقال مدحت صالح، وهو عضو سابق في مجلس الشعب السوري وينحدر من
مرتفعات الجولان: “إنها مناسبة حزينة لنا لأننا نعايد الأهل من خلف الأسلاك وحقول الألغام. إنها مأساة حقيقية بالنسبة إلينا”.
أما محمد فؤاد المصطفى (30 عاماً)، وهو طالب جامعي من مجدل شمس، فقال: “أنا هنا لأقول لأمي: كل عام وأنتِ بخير، لكن الموقف الذي نحن فيه غريب عن باقي العالم”. وأضاف: “أمي على بعد 500 متر مني ولا أستطيع أن أقبّل يدها”.
وقال الطلاب، في كلمة لهم خلال الاحتفال، إن هذه الأسلاك “لن تستطيع أن تنتزع ما نحمل للأم من محبة ووفاء وشوق. إننا على ثقة أن هذه الأسلاك الشائكة المصطنعة زائلة لا محالة وأن يوم اللقاء قريب بإذن الله”.
(د ب أ)