القاهرة ــ الأخبار
اتفقت غالبية قوى المعارضة المصرية أمس على مقاطعة الاستفتاء على التعديلات الدستورية. وأعلنت كل من جماعة الإخوان المسلمين وأحزاب «التجمع» و«الوفد» و«الناصري» و«الغد» و«كتلة المستقلين» في البرلمان وحركة «كفاية» وعدد من منظمات المجتمع المدني، أنها ستدعو المصريين إلى عدم الذهاب يوم الاثنين المقبل للتصويت على الاستفتاء حول تعديل 34 مادة من الدستور.
وأصدرت جماعة «الإخوان» بياناً شددت فيه على أن قرارها بالمقاطعة «نتيجة خبرة بأن كل الاستفتاءات السابقة تمَّ تزويرها، وبالتالي فليس هناك معنى للمشاركة في الاستفتاء المقبل؛ لأن التعديلات التي سيتم الاستفتاء عليها تُعتبر إملاءاتٍ من طرفٍ واحد فقط، وهو النظام الحاكم». وأضاف البيان أن «التبكير في موعد الاستفتاء جاء لقطع الطريق على المعارضة ومنعها من شرح أسباب رفضها لتلك التعديلات، التي تُعدُّ انقلاباً دستورياً صريحاً وإهداراً للحريات الشخصية التي كفلتها الدساتير السابقة جميعاً، ومنعاً للإشراف الحقيقي والتام للقضاء المصري على الانتخابات والاستفتاءات، وتركيزاً للسلطة في شخص رئيس الجمهورية ومنحه صلاحياتٍ أكثر مما كان سابقاً».
كما قررت الهيئة العليا لحزب «الوفد»، بإجماع 37 صوتاً من إجمالي 39 عضواً حضروا اجتماعها، مقاطعة الاستفتاء، ودعوة الشعب المصري إلى المقاطعة. وستنظّم الهيئة الوفدية حملة جمع مليون توكيل من الشعب المصري على غرار الحملة التي جعلت من سعد زغلول زعيماً لثورة شعبية تطالب بالاستقلال عن الاحتلال الإنكليزي.
ومن جهته، قال جورج إسحاق، عضو لجنة تنسيق «كفاية»، إن الحركة ستقاطع الاستفتاء وتنظم تظاهرات يوم التصويت في جميع محافظات الجمهورية «ولن ترهبنا الأساليب البوليسية التي تتخذها الحكومة ضد المتظاهرين».
إلى ذلك، دعت 12 منظمة أهلية إسلامية ومسيحية الرئيس المصري حسني مبارك إلى ارجاء الإقرار النهائي للتعديلات الدستورية، وطرحها للاستفتاء في الدورة البرلمانية المقبلة خلال عام 2008، لإتاحة الفرصة لمناقشات أوسع تشارك فيها كل طبقات المجتمع لإعادة بناء الثقة بين الجماهير والنخبة والسلطة.
وفي السياق، نشرت صحف مصرية إشارة إلى افتتاحية «هيرالد تريبيون»، التي طالبت بالضغط الدولي، وخصوصاً الأميركي، على مبارك، لإلغاء ما سمته «المواد الخطيرة في التعديلات».
لكن مسؤولاً مقرباً من الرئاسة المصرية قال لـ«الأخبار» إن إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش تخلت عن ممارسة ضغوط حقيقية على نظام مبارك لحثه على إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية جذرية في البلاد لإفساح المجال نحو المزيد من الديموقراطية والحريات العامة.
وقال المسؤول المصري، معقّباً على انتقادات خجولة وجهتها وزارة الخارجية الأميركية أمس للتعديلات، إن «واشنطن لم تعد مهتمة على ما يبدو بمتابعة التطورات السياسة في مصر في ما يتعلق بالدستور».
وقال المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، إن انهماك الإدارة الأميركية في الوضع الراهن في العراق مع وجود محاولات لاستعادة الزخم المفقود على صعيد عملية السلام في الشرق أوسطية جعلت واشنطن في حاجة ماسة إلى دور مصري فاعل في الملفين العراقي والفلسطيني. وأقر أن الأمر نوع من المقايضة.
وخففت واشنطن بشكل ملحوظ حدة مطالبتها باحترام الديموقراطية في مصر. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية شون ماكورماك: «يجب وضع هذا الأمر في إطار الإصلاحات السياسية والاقتصادية في مصر».
ورأى ماكورماك أن «بعض تلك التعديلات يتناقض مع ما ذكرته الحكومة المصرية حول نيتها اتخاذ إجراءات في ما يتعلق بإلغاء حالة الطوارئ المفروضة في البلاد والسلطات الممنوحة لقوات الأمن وقدرة الأفراد في النظام السياسي على تنظيم أنفسهم بحرية في أحزاب سياسية والتعبير بحرية عن أنفسهم». وشدد على ضرورة أن يتمكن المواطنون من التعبير عن أنفسهم بحرية خلال الاستفتاء الشعبي على تعديلات الدستور.