strong>باريس ـــ بسّام الطيارة
مع إعلان اللائحة الرسمية للمرشحين للرئاسة الفرنسية، باتت الأجهزة الإعلامية، المرئية والمسموعة، ملزمة بمعاملة المرشحين «بمساواة تامة»، مثلما ينص عليه قانون الانتخابات، وحتى لا يُطعن في نتائجها، أي أن على هذه الوسائل الإعلامية منح المرشحين الاثني عشر «مساحات متساوية» لتغطية أخبار حملتهم وتحركاتهم الانتخابية.
وكان ميزان الزخم الإعلامي مختلاً خلال الأشهر الأخيرة لمصلحة المرشحين الأوفر حظاً. وكان من الطبيعي أن تلهث الوسائل الإعلامية وراء الأسماء التي تضعها الاستطلاعات في رأس قائمة المرشحين للفوز، اي مرشح اليمين نيكولا ساركوزي ومرشحة الاشتراكيين سيغولين رويال ومرشح الوسط اليميني فرانسوا بايرو، الذي قفز من المرتبة الرابعة إلى المرتبة الثالثة خلال أسابيع قليلة، ليتجاوز مرشح اليمين المتطرف جان ماري لوبن.
ويرى العديد من المراقبين أن هؤلاء «الأربعة الكبار يستفيدون من نتائج الاستطلاعات، ويزيدون تقدمهم على المرشحين الآخرين، بسبب هذه الاستطلاعات»، وهو مما يطرح بقوة مسألة الاستطلاعات ودورها في الانتخابات عموماً.
وتدافع مؤسسات الاستطلاع بالقول إنه «يجب التسليم بأن استطلاعات الرأي لا تصنع الانتخابات ولا المرشح، بل تعكس توجهات التصويت لدى المواطنين في لحظة معينة لحظة الاستفتاء».
ولإدراك ما «تقوله أرقام الاستطلاعات»، يجب الاطلاع على آليات وطرق التنفيذ، فالمتغيرات كثيرة، إذ يكفي تغيير صيغة السؤال، كي تتغير طبيعة النتائج.
وتؤدي عملية «استقراء النتائج»، أي عملية تفسير النتائج وشرحها وضبطها قبل نشرها استناداً إلى المعطيات السياسية، دوراً مهماً في عملية الاستطلاع، من دون أن يكون القراء على علم بطريقة الاستقراء المتبعة.
يضاف الى ذلك، ما يمكن وصفه بأنه «تقويل» الاستطلاع إعلامياً، الأمر الذي يؤثر إعلامياً من ناحية التوقيت.
ولا ينبغي التغاضي عن عامل مهم، وهو «جدوى» بعض الاستطلاعات لا كلها، أو جدوى بعض مواضيع الاستطلاعات. وهنا مثلاً يجب الحديث عن أول استطلاع تحدث عن إمكان فوز فرانسوا بايرو في الدورة الثانية، وهو «حالة» دخلت، في رأي كثير من الخبراء، ضمن لائحة اغرب الاستطلاعات؛
فقد خرج الاستطلاع المعني منذ نحو أربعة أسابيع بنتائج تقول إن بايرو مرشح لا أمل له بالوصول الى الدورة الثانية. ومع ذلك يطرح سؤالاً على المستطلعين مفاده «ماذا يحصل إذا وصل بايرو إلى الدورة الثانية؟»، فتأتي النتائج بإمكان كسبه الانتخابات، أياً كان في مواجهته، مما يعني أن النتيجة لا قيمة لها علمياً.
في سياق متصل، يشير آخر استطلاع لمؤسسات «سي إس أ» الى تراجع نسبة المؤيدين لساركوزي إلى ٢٦ في المئة، بما يجعل حظوظه متساوية مع المرشحة الاشتراكية سيغولين رويال التي لم تتغير الأرقام المتعلقة بها. وكذلك الأمر بالنسبة لفرانسوا بايرو، الذي يبقى على نسبة ٢١ في المئة من المؤيدين، بينما تراجعت نسبة التأييد للوبن إلى ١٣ نقطة.