strong>رام الله ــ سامي سعيد
ملف التسوية من منظور أميركي، هو عنوان الجولة الجديدة لكوندوليزا رايس إلى المنطقة. هذا ما عبرّت عنه الوزيرة الأميركية بنفسها، إضافة إلى ما يطرحه برنامج جولتها المتخم بلقاءات متتالية لم يسبق لرايس أن قامت بها خلال زياراتها التسع السابقة

بدأت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس أمس زيارة، يبدو أنها ستكون مكوكية، إلى الأراضي المحتلة، استهلتها بلقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رام الله، حيث أعلنت عن “أسلوب جديد” لإحياء عملية السلام، قبل أن تنتقل إلى القدس المحتلة للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلية إيهود أولمرت، ومن ثم إلى الأردن للقاء عباس مجدداً، والعودة للاجتماع بأولمرت.
هذا التنّقل بين عباس وأولمرت يطرح أكثر من سؤال عن الأفكار التي تحملها رايس و“أسلوبها الجديد”، ولا سيما أن أي معطيات لم تظهر في المؤتمر الصحافي مع عباس، الذي اقتصر على المواقف المعهودة، فيما كان الرئيس الفلسطيني قد التقى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي قاطع رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية.
وأعلن عباس، في مؤتمر صحافي مشترك مع رايس، أن المبادرة العربية وعملية السلام في منطقة الشرق الأوسط بحاجة إلى تفعيل وقيادة. وقال “تحدثنا عن الآفاق المتوقعة من القمة العربية والأمور التي ستدرس فيها، وبالذات ما يتعلق بخطة خريطة الطريق، التي تتضمن المبادرة العربية”.
وأضاف عباس “تحدثنا عن كل التطورات التي مرت منذ الزيارة الأخيرة لرايس حتى الآن، وتحدثنا عن العلاقة مع الإسرائيليين واللقاء الذي تم مع اولمرت، وعن برنامج لقاءات أخرى، ستتم أيضاً بيننا وبينه”.
وأوضح أبو مازن أنه تطرّق في حديثه مع رايس إلى “قضايا النشاطات الاستيطانية التي تتم بشكل مستمر، والتي تعطّل عملية السلام، كما تم الحديث عن قضية الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، والجهود التي تبذل من أجل إطلاق سراحه، وبالتأكيد الحديث عن الأسرى الفلسطينيين”. وقال إنه موقن بأن شاليط “على قيد الحياة”، مشدداً على أنه “وضع أفكاراً مشتركة مع أولمرت من شأنها إطلاق سراحه”.
بدورها، قالت رايس إنها تطرح “أسلوباً جديداً لإحياء عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين ووضعت خطوطاً لمناقشات أميركية متوازية مع الأطراف المنقسمة”. وأضافت “إننا الآن في وضع أعتقد فيه أن الأسلوب الثنائي الذي أتحدث من خلاله بالتوازي مع الأطراف هو أفضل السبل”.
وأعربت رايس عن أملها في وضع جدول أعمال مشترك بين اسرائيل والفلسطينيين يؤدي في النهاية إلى إقامة دولة فلسطينية.
وأشارت رايس إلى أنه على جميع الأطراف المضي قدماً في تنفيذ خطة خريطة الطريق باتجاه تنفيذ رؤية الرئيس الأميركي جورج بوش لحل الصراع في المنطقة على أساس إقامة دولتين.
وقالت إنها متفائلة بأنه، مع الجهود العربية والدولية، “سنصل في النهاية إلى تحقيق حل الدولتين”. لكنها تابعت إن “قضية الوصول إلى تحقيق هذا الهدف صعبة ومعقدة وتحتاج إلى مزيد من الجهود”.
وشددت رايس على ضرورة “تأسيس مسارين متوازيين، وتحديد جدول أعمال موحد من أجل تأسيس دولة فلسطينية، ولكي نقوم بهذا علينا مناقشة الأفق السياسي حتى نستطيع أن نظهر للشعبين الفلسطيني والاسرائيلي أن هناك أملاً من أجل نوع من السلام”.
وأعربت رايس عن اهتمامها الشديد بأفكار عرضها عباس في ما يتعلق بالمبادرة العربية “لأنها تعطي الفرصة بطريقة ما أن يكون هناك أفق لمصالحة عربية ــــ إسرائيلية”.
وبعد لقائها أولمرت أمس، تنتقل رايس اليوم إلى الأردن للقاء الملك عبد الله الثاني إضافة الى عباس قبل ان تعود الى القدس للقاء أولمرت مجدداً.
وكان عباس قد التقى أمس أيضاً الأمين العام للأمم المتحدة، وأشار، خلال مؤتمر صحافي، إلى التزامه التوصّل إلى سـلام شامل وفق قرارات الشرعية الدولية، مشدداً على أهمية القراءة الإيجابية من جانب المجتمع الدولي للبرنامج السياسي للحكومة الفلسطينية.
وبدوره، قال بان كي مون إنه “معجب جداً بكل العمل والالتزام الراسخ للشعب الفلسطيني، الذي كافح بظروف صعبة بشكل غير معتاد نحو تحقيق الدولة المستقلة للشعب الفلسطيني”.
وأضاف بان “إن هذا العمل سيكون عملاً صعباً والعقبات كبيرة جداً، وتحقيق السلام سيحتاج من الأطراف كلها أن تمضي أكثر مما فعلت في السابق، لكن هذا العمل يجب وسيتم، ورسالتي إلى إسرائيل وللعالم من هنا من رام الله، هي: إنني مقتنع بأن الرئيس عباس مستعد لتحقيق السلام”.
وكان بان، قد قال في مؤتمر صحافي في القاهرة أول من أمس، إن “جدول مواعيدي لا يشمل الاجتماع برئيس الوزراء هنية”.
وانتقد المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية، غازي حمد قرار، بان بعدم مقابلته هنية. وقال إن “عدم الاجتماع بـ“هنية” سيكون خطأ لأن هذه حكومة وحدة وطنية تمثل الشعب الفلسطيني بأكمله ويفترض أن تكون الأمم المتحدة منظمة تمثل كل الدول لا منظمة سياسية”. وأضاف إن “هذا لا يخلق مناخاً للاستقرار”. وأعرب عن أمله في أن تقوم الأمم المتحدة بدور أكبر في تضييق الخلافات وفي فتح حوار بين الدول وليس في تبني أسلوب المقاطعة.
وسلّم وفد يمثل ذوي الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية أمس مذكرة إلى الأمين العام للأمم المتحدة تطالبه بالتدخل الفوري والعاجل للإفراج عن أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني وعربي يقبعون في سجون إسرائيل.