strong>القمة العربية باتت على الأبواب، واستحقاق المصالحة العربية قد يكون الغاية الأبرز من هذه القمة، التي لا يحمل ما تسرّب من بنود مشروع بيانها الختامي أي جديد، إلا في ما يتعلق بالمبادة العربية، والدعوة إلى “تسويقها”
انتهى المندوبون الدائمون للدول الأعضاء في جامعة الدول العربية أمس من إعداد مشاريع القرارات الخاصة بالبنود المدرجة على جدول أعمال قمة الرياض المقرر عقدها يوم الأربعاء المقبل، وذلك وسط خلافات حول بعضها، منها ما يتعلق بمبادرة السلام العربية وتطورات الأوضاع في العراق.
ومن المقرر أن يعرض المندوبون الصياغات التي تم الاتفاق عليها على وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم اليوم الاثنين لصياغتها في شكلها النهائي ورفعها إلى القادة والرؤساء والملوك العرب لاعتمادها.
وذكرت مصادر دبلوماسية عربية مسؤولة شاركت في الاجتماعات أن هناك عدداً من الموضوعات التي “فشل المندوبون في التوصل إلى صيغة توافقية لمشاريع القرارات الخاصة بها، حيث رُفعت لوزراء الخارجية العرب مباشرة لحسم الخلاف بشأنها، بعدما طالب عدد من المندوبين بالتدخل في صياغات لم يحدث عليها أي توافق من المشاركين في الاجتماع”.
وفي مقدمة هذه البنود البند المتعلق بتطورات الأوضاع في العراق ومبادرة السلام العربية والأمن القومي العربي وكذلك القمم العربية التشاورية.
وساهمت مشاركة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في الجلسة المسائية للاجتماع في إنجاز مشاريع القرارات، حيث وضّح مواقف الأمانة العامة للجامعة، وخصوصاً في ما يتعلق بالمشروع الذي أعدته بشأن مبادرة السلام وطرح في الجلسة المسائية وفوجئ به المشاركون في الاجتماع.
ورد موسى خلال الجلسة على تساؤلات بعض المشاركين فيها بشأن مغزى تقديم الأمانة العامة للجامعة هذا المشروع وارتباطه بنتائج اجتماعات وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس مع وزراء الرباعية العربية أول من أمس في أسوان، نافياً بشدة وجود أي علاقة بين الأمرين.
كما أبدى مندوب سوريا السفير يوسف أحمد ملاحظات على هذا المشروع، الذي طالبت الجامعة فيه بتأليف لجنة للمبادرة لترويجها وتفعيلها لإقناع المجتمع الدولي وإسرائيل بها.
وقرر المندوبون في ضوء ذلك رفع هذا البند إلى وزراء الخارجية العرب بعد الاستماع من الوزراء الذين شاركوا في اجتماع أسوان إلى نتائجه.
وأشارت المصادر العربية المسؤولة أيضاً إلى أن مندوب العراق الدائم لدى الجامعة العربية السفير رعد الألوسي اعترض على مشروع القرار المقدم من الأمانة العامة بشأن بلاده، والذي يستند إلى القرار الأخير للجنة الوزارية العربية المعنية بمناقشة تطورات الأوضاع في العراق، مطالباً بإدخال تغييرات عليه، وخصوصاً في النقاط التي تعتبرها الحكومة العراقية تدخّلاً في شؤونها الداخلية.
وذكرت وكالة الأنباء الألمانية أن مشروع القرار الخاص بتطورات القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي سيشدد على أن “تحقيق السلام في الشرق الأوسط يجب أن يتم عبر مفاوضات مباشرة بين الأطراف على أساس المرجعيات المتفق عليها في قرارات الشرعية الدولية ومؤتمر مدريد ومبدأ الأرض مقابل السلام وعدم جواز اكتساب الأراضي بالقوة ومبادرة السلام العربية وخطة خريطة الطريق”.
ويؤكد مشروع القرار رفض الدول العربية لـ“الحلول الجزئية والإجراءات الإسرائيلية الأحادية الجانب، وكذلك الطرح الإسرائيلي الخاص بإنشاء دولة فلسطينية بحدود مؤقتة”.
وستنظر القمة في مشروع قرار يؤكد “أن الكشف عن الحقيقة في جريمة الاغتيال الإرهابية التي ذهب ضحيتها رئيس الوزراء (اللبناني) الأسبق رفيق الحريري ومثول المتهمين أمام المحكمة ذات الطابع الدولي وفقاً للنظام الذي سيعتمد لها في إطار توافق اللبنانيين يساهم في إحقاق العدالة وتعزيز إيمان اللبنانيين بالحرية، ويساهم أيضا في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة”.
ويدعو مشروع القرار “جميع اللبنانيين إلى بذل كل الجهود للوصول إلى حل للأزمة السياسية الراهنة والاضطرابات والانقسامات مما يمكنهم من درء المخاطر وإعمال القانون وسيادته على كامل الأراضي اللبنانية والالتزام بالدستور اللبناني واتفاق الطائف، بما يحفظ أمن لبنان واستقراره ووحدته ومصالحه”.
وفي ما يتعلق بتطورات الوضع في العراق، يشدّد مشروع القرار على أن “التصوّر العربي للحل السياسي والأمني لما يواجهه العراق من تحديات يستند إلى احترام وحدة العراق وسيادته واستقراره، ورفض أي دعاوى لتقسيمه، وأن تحقيق الاستقرار في العراق وتجاوز أزمته الراهنة يتطلب حلاً أمنياً وسياسياً متوازياً يقتلع جذور الفتنة الطائفية والإرهاب”.
ويشدد مشروع القرار على ضرورة أن “تكون الحكومة العراقية حكومة وحدة وطنية لكل العراقيين وأن حل الأزمة يقع في المقام الأول على الحكومة والقيادات السياسية العراقية بدعم وتعاون الدول العربية ودول الجوار لتفعيل جهود المصالحة الوطنية”.
الى ذلك، تقدّمت الكويت باقتراح، تسانده مصر، يقضي بعقد قمة عربية اقتصادية، إلا أن هذا الاقتراح سيبتّه وزراء الخارجية في اجتماعاتهم التحضيرية نظراً الى صعوبة بناء علاقات اقتصادية عربية “في ظل التوترات السياسية الراهنة” على حد تعبير مندوب عربي في الجامعة.
وأضاف المندوب، الذي رفض الكشف عن اسمه، ان السعودية تقدمت باقتراح لإدراج بند في جدول الأعمال يتعلق “بسبل تعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب”، فيما اقترحت مصر عقد “قمة تشاورية قبل القمة العادية عند وجود حاجة ملحة لذلك”.
وفي السياق، جدّد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أمس التأكيد على رفض أي تعديل للمبادرة العربية للسلام مع إسرائيل. وقال إنه “لا تعديل ولا تبديل على مبادرة السلام العربية، لقد سبق أن أكدت ذلك عشرين مرة وهذه آخر مرة سأقول هذا الكلام”.
وشدد الفيصل، خلال مؤتمر صحافي مع موسى في الرياض، على أنه ليست هناك “أي إملاءات خارجية” على القمة العربية. وقال “إن قمة الرياض هي قمة للتضامن العربي في مواجهة التحدّيات التي تواجه الأمة العربية”.
وفي عمان، أعرب الملك الأردني عبد الله الثاني، لدى استقباله نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي، عن أمله أن تخرج القمة العربية بقرارات تساهم في إعادة الأمن والاستقرار الى العراق.
إلى ذلك، قالت مصادر عربية مطلعة إن القمة التي ستعقد وسط إجراءات أمنية مشددة ستتكلف نحو أربعين مليون دولار أميركي، لا تشمل تكاليف الحشد الأمني الذي وفرته السعودية لتأمين القمة ومنع أي محاولة إرهابية من تعكير صفوها.
(الأخبار، د ب أ،
أ ف ب، أ ب، رويترز)