القمة العربية تنطلق اليوم في الرياض. الزعماء العرب بدأوا يتوافدون. مشاريع القرارات باتت جاهزة للمصادقة، وتجنّب أي خلاف قد يعكّر على السعودية استضافتها للقمة

شهدت التحضيرات للقمة العربية، المقرر انعقادها اليوم في الرياض، أول لقاء بين الملك السعودي عبد الله والرئيس السوري بشار الأسد، بعد القطيعة التي استمرت أشهراًفيما أقر وزراء الخارجية مشروع البيان الختامي للقمة وإعلان الرياض، الذي يعيد تبني مبادرة السلام العربية، في وقت برزت فيه بوادر استياء عراقي من البند المتعلق بالدعوة إلى تعديل الدستور، وهو ما رد عليه وزير الخارجية هوشيار زيباري بأن بلاده “تسير بالإصلاح ولا تنتظر إملاءات عربية”.
واستقبل الملك السعودي أمس الرئيس السوري لدى وصوله إلى مطار الرياض للمشاركة في القمة العربية. واجتمع الزعيمان لبضع دقائق في صالون الشرف، حيث تبادلا حديثاً قصيراً، قبل انتقال الأسد إلى مقر إقامته.
وكانت العلاقات بين البلدين قد توترت إثر وصف الرئيس السوري الصيف الماضي بعض القادة العرب بـ“أنصاف الرجال”، رداً على وصف السعودية ومصر والأردن عملية حزب الله لأسر جنديين إسرائيليين في تموز الماضي بأنها “مغامرة”.
في هذا الوقت، كشفت مصادر دبلوماسية عربية في الرياض أن هناك ملاحظات عديدة أبدتها الدول العربية على مشاريع القرارات التي ستعرض على القادة العرب، مطالبة بتعديل بعض الفقرات والصياغات فيها، وخصوصاً تشديد سوريا في مشروع القرار الخاص بمبادرة السلام العربية على توضيح بنود المبادرة وثوابتها في القرار في ما يتعلق بحق العودة واللاجئين والتوطين والقدس.
وقالت المصادر إن سوريا “رفضت أيضاً الصياغة التي طرحها العراق بإقامة هيئة قضائية للتثبت من اجتثاث العناصر البعثية والتحقق من عدم وجود أي عناصر فاعلة من النظام السابق قد تدخل في العملية السياسية الجديدة”، موضحة أن الهيئة تهدف أيضاً إلى متابعة عملية اجتثاث العناصر البعثية من الساحة السياسية. وأشارت إلى أن الاعتراض السوري جاء على هذه الهيئة “لأن ذلك يعني أن معظم الشعب العراقي سيكون مستهدفاً والجميع متهمون”.
وأضافت المصادر إن الوفد العراقي تقدّم باقتراحه عقب اطّلاعه على مشروع القرار، الذي أعدته الأمانة العامة للجامعة العربية، والذي يدعو إلى توسيع المشاركة في العملية السياسية وعدم استثناء أي فئة من الشعب العراقي بما فيها العناصر البعثية.
وكشفت المصادر أن بعض الدول العربية الأخرى اعترضت على الأسلوب الذي تدار به القمة العربية وأن الاجتماعات والمناقشات ابتعدت عن أسلوب المكاشفة والمصارحة. وأضافت إن الوزراء الذين شاركوا في اجتماعات أسوان لديهم تصوّر يختلف عن تصور باقي الدول العربية، وأنهم يرفضون تمثيل هذه المجموعة للدول العربية أو أن تتحدث بأسماء الغائبين بل تتحدث باسمها فقط، مشيرين إلى أن عدم الحديث عن الخلافات لا يعني عدم وجودها في أروقة المؤتمر.
وفي تعليق له على البند المتعلق بالعراق، قال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أمس إن “تعديل الدستور ضرورة نص عليها الدستور نفسه، ونحن مصممون على القيام بهذ الأمر من دون أن يقول لنا أحد ذلك”. وأضاف “لدينا واجبات تجاه شعبنا. لسنا بحاجة إلى إملاءات من الدول العربية. نقول لهم إن المصالحة الوطنية فكرتنا وليست فكرتهم، فالعراق ينتظر من الدول العربية مساعدته على مكافحة الإرهاب ومراقبة حدوده للحؤول دون دخول أسلحة إلى أراضيه”.
إعلان الرياض
وتشير بعض بنود “إعلان الرياض”، الذي سيصدر في ختام القمة العربية، إلى ضرورة “حماية الأمن القومي العربي سياسياً واقتصادياً وأمنياً وتفعيل مواجهة المخاطر والتحديات والإرهاب الذي يواجه الأمة”. كما يؤكد الإعلان “اتفاق مكة المكرمة بين الفلسطينيين باعتباره موقفاً يستند الى الثوابت العربية. والتأكيد على مبادرة السلام العربية كإطار أساسي ووحيد لبلوغ الحل الشامل والعادل ليس فقط للمشكلة الفلسطينية، بل لمجمل النزاع العربي الإسرائيلي”.
وفي الشأن العراقي، يدعو الإعلان إلى “التأكيد على وحدة واستقلال وسيادة العراق والنأي به عن التدخلات الخارجية والتوجه الجاد من أجل تحقيق مصالحة وطنية حقيقية يتمتع في ظلالها جميع أطياف الشعب بالمساواة”.
ويحث الإعلان “الفرقاء في لبنان على تغليب مصلحة لبنان العليا ووضعها فوق كل اعتبار وتحقيق الحل السلمي للأزمة اللبنانية”. كما يؤكد على “ضرورة الوصول إلى حل سياسي للملف النووي الإيراني مع الأخذ في الاعتبار ضرورة إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية”.
ويشير الإعلان إلى ضرورة “النهوض بمفهوم الأمن القومي العربي المشترك على نحو يجعل هذا المفهوم أكثر اتساعاً وشموليةً بما يضمن استيعاب البعد العسكري والتحديات الأمنية والاقتصادية والثقافية وهو ما يستدعي التأهل لذلك والاستعداد له”.
من جهة ثانية، قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لدى وصوله إلى الرياض مع رئيس وزرائه إسماعيل هنية، إن خطة السلام العربية قد تكون آخر فرصة لإسرائيل كي تعيش في “بحر من السلام” ولا يتعين تفويت هذه الفرصة. وقال إن “المبادرة تقول ببساطة لإسرائيل إن عليها مغادرة الأراضي المحتلة وستعيش في بحر من السلام من موريتانيا غرباً إلى إندونيسيا شرقاً”.
من جهته، شدد الملك البحريني حمد بن عيسى ال خليفة، في بيان له لدى وصوله إلى الرياض، على ضرورة قيام القمة العربية باتخاذ خطوات ملموسة لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. وعبّر عن أمله في دفع عملية السلام واستئنافها بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي استناداً إلى مبادرة السلام العربية التي يمكن من خلالها توفير مظلة السلام الدائم والعادل والشامل في المنطقة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لتتعايش بسلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل.
وشدد ملك البحرين على “ضرورة معالجة عملية السلام لجميع المسارات بما فيها المساران السوري واللبناني لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة”. وأشار إلى “تضامن مملكة البحرين مع لبنان لأجل تعزيز وحدته واستقلاله”.
وكان القادة العرب قد بدأوا بالتوافد على الرياض أمس للمشاركة في القمة، فوصل الرئيس المصري حسني مبارك وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح والملك الأردني عبد الله الثاني والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
وأعلنت وزارة الخارجية الماليزية أن رئيس الوزراء عبد الله بدوي، الذي تتولى بلاده رئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي سيحضر القمة العربية. كما أعلنت وزارة الخارجية الباكستانية أن الرئيس الباكستاني برويز مشرف سيحضر أيضاً.
(أ ف ب، أ ب، رويترز، د ب أ)