موسكو ـــ حبيب فوعاني
أثار القرار 1747، الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي يوم السبت الماضي فارضاً عقوبات مشددة على إيران بشأن أنشطتها النووية الحساسة، جدلاً واسعاً في الدوائر السياسية والإعلامية الروسية، حول مقاربة الدب الروسي، الذي حاول التوفيق بين دعم موسكو وصداقتها القديمة لطهران وبين تصويتها لمصلحة العقوبات.
في هذا السياق، نوّه رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الدوما، قسطنطين كوساتشوف، باتخاذ القرار بالإجماع «ما يؤكد غياب الاختلاف بين أعضاء مجلس الأمن بالنسبة لطابع البرامج النووية الإيرانية”.
وأشار كوساتشوف إلى أن “القرار ليس إشارة يأس، بل هو عَرْضُ برنامجِ خطواتٍ محددة على إيران في المستقبل في حالة موافقة طهران على التعاون (مع المجتمع الدولي)”.
ونوه كوساتشوف بأن القرار يستند إلى المادة 41 من ميثاق الأمم المتحدة، “ والتي تستبعد استخدام القوة العسكرية”. وتلك، برأيه، إشارة مهمة يرسلها المجتمع الدولي إلى طهران.
ونوه بيان لدائرة الإعلام والصحافة في وزارة الخارجية الروسية، صدر الأحد الماضي، باتخاذ مجلس الأمن القرار 1747 بالإجماع. وقال إنه “يعكس القلق العميق للمجتمع الدولي بشأن البرنامج النووي الإيراني”.
وأضاف البيان نفسه “نعرب عن الأسف لأن إيران لم تستطع تنفيذ القرارات السابقة لمجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وندعو من جديد إيران إلى الالتزام الكامل بتعهداتها الدولية.. ونؤكد اقتراحاتنا السابقة، التي قدمناها إلى إيران في حزيران 2006، والتي تشتمل على التعاون مع إيران في مجال الطاقة النووية المدنية، والملزِمة قانونياً بضمان توريد الوقود النووي إليها، والتعاون بشكل أوسع في المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية. وتبقى هذه الاقتراحات كما في السابق على طاولة المفاوضات”.
وتابع البيان “لعل اقتراحاتنا ستعود بالنفع البعيد المدى على كل المنطقة، وتهيئ الإمكانية لإزالة مخاوف المجتمع الدولي، وفي الوقت نفسه تراعي مصالح إيران المشروعة”.
ويفسر مراقبون هذه السرعة في اتخاذ القرار في يوم العطلة، عدم رغبة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في رؤية الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي كان ينوي إلقاء كلمة في جلسة مجلس الأمن، بين جدران الأمم المتحدة.
وبحسب مصادر إعلامية روسية، فقد لجأ الأميركيون إلى “الحيلة” لإعاقة وصول نجاد إلى نيويورك.
وقال المندوب الروسي الدائم لدى الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، إن “النص النهائي كان أكثر توازناً من مشروع القرار الأوّلي”. وحسب المراقبين، فقد كان القرار كذلك بالنسبة لروسيا، لكن ليس بالنسبة لإيران، إذ إن موسكو لم توافق على القرار إلا بعد التوصل إلى صيغة لا تمس تنفيذ عقودها التسليحية وغيرها مع طهران.
وقد أشار تشوركين إلى أن تجميد الأصول المالية للهيئات الإيرانية المرتبطة بالأنشطة النووية لا يعوق تنفيذ العقود الموقعة قبل اتخاذ القرار السابق رقم 1737. وبعبارة أخرى، وكما تشير صحيفة “كوميرسانت” الروسية، لا تخضع العقود الروسية حول توريد منظومات الدفاع الجوي الصاروخية “تور-1” و “إس-300” للعقوبات الجديدة. وبحسب تشوركين، لا تسري العقوبات على بناء مفاعل بوشهر النووي أيضاً، ما يعتبر انتصاراً دبلوماسياً لموسكو.
وقال المدير العام للمركز الروسي لدراسة إيران المعاصرة، رجب صفاروف، والمقرب من الأوساط السياسية والدبلوماسية الإيرانية، إن “إيران تنظر إليه (القرار) كمؤامرة من الدول الكبرى أدت فيها روسيا دوراً غير لائق”. وأضاف “على طاولة الرهان فكرة إيران القومية الرئيسية، وهي تطوير البرنامج النووي، والإيرانيون في السابق أيضاً لم يثقوا بروسيا، أما الآن فقد اقتنعوا بصورة نهائية بأنْ لا وجود للشركاء المضمونين في الوصول إلى التكنولوجيا العالية، ولعل طهران تريد الآن بسرعة أكبر بلوغ الاستقلالية في هذا الحقل”. وتوقع رجب صفاروف “ركوداً في العلاقات الروسية ـــ الإيرانية في جميع المجالات”.