«تعاني» مراكز الاستخبارات الأميركية أخيراً ضغطاً هائلاً في عملها بعد تسجيل تضخّم في «لوائح المطلوبين والملاحقين من جانب الولايات المتحدّة» حول العالم، الذي فاق قدرة المكاتب المختصّة على تلبيته؛ فبعدما استحدثت الإدارة الأميركية، إثر هجمات 11 أيلول 2001، لجاناً ومكاتب استخبارية متخصّصةفي «مكافحة الإرهاب الدولي» بهدف سدّ الثغرات التي وُجدت في وكالات الاستخبارات الفدرالية، ولا سيما في ما يتعلّق بفشل تلك الوكالات في تبادل المعلومات حول تنظيم القاعدة وما كان يخطّط له من عمليات إرهابية، تواجه تلك المكاتب اليوم صعوبة كبيرة في «ضبط» حجم عملها والسيطرة على كميّة المعلومات التي تزوّدها بها مختلف الجهات الاستخبارية الأخرى. ومن بين تلك المكاتب ما يُعرف بـ«قاعدة معلومات الهويات الإرهابية» او TIDE
(Terrorist Identities Datamart Environment)، وهو مكتب تابع لـ«المركز الوطني لمكافحة الإرهاب» الذي أُنشئ عام 2005، وهو يحتوي على جميع المعلومات المصنّفة «سرّية» التي تصدر عن مكاتب مثل الـFBI, CIA, DIA, NSA وقد بلغ عدد ملفاته لهذه السنة 435 الف ملفّ (بعد أن بدأ بمئة الف ملف منذ سنتين) وهو يشمل معلومات شخصية وصوراً وأسماءً مستعارة.
ويحوّل هذا المكتب كمية من تلك المعلومات، بعد أن يصنفّها، الى «مكتب التحقيقات الاتحادي» FBI الذي يمدّ بها مراكز حماية الأمن القومي ولوائح الممنوعين من السفر ومكاتب السفريات وقواعد معلومات جوازات السفر. ويفرز المكتب مئات المعلومات الشخصية، التي ترده يوميّاً حسب الجنسية والعرق والدين، وكلّ شخص يسجّل على لوائحه يأخذ رقماً معيّناً، وترد المعلومات المتعلّقة بأولئك الأشخاص والمجموعات الكترونياً من مختلف مكاتب الاستخبارات، ويقوم بتحليلها حوالى 80 اختصاصياً تابعين مباشرة للمكتب المذكور.
ويشرح مسؤول في «المركز الوطني لمكافحة الإرهاب»، لصحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، سبب تخوّفه من ازدياد عدد الملفات الخاصة التي يتابعها المركز لما في ذلك من «تأثير سلبي على نوعية العمل وضعف القدرة في السيطرة على كل تلك المعلومات في المستقبل القريب» اضافة الى المشاكل التي تسبب بها ذلك الضغط في الفترة الأخيرة «بإيراد معلومات مغلوطة وغير دقيقة أحياناً عن بعض الأشخاص ما يؤدي الى ملاحقة أو حتى توقيف الأشخاص الخطأ». يشار إلى أن ورود بعض أسماء الأموات او المقبوض عليهم في اللوائح الحالية ليس هفوة بل عمل مقصود وذلك، كما يشرح المسؤول، «تنبّهاً لإمكان استخدام الإرهابيين تلك الأسماء مجدداً، معتبرين أنها قد أُزيلت عن تلك اللوائح».
أمّا في ما يتعلّق بمراقبة المواطنين الأميركيين، فيؤكّد المسؤول الأميركي للصحيفة أنّ «المعلومات التي يجمعها المكتب عن المواطنين الأميركيين ليست خاصة جداً أو شخصية بل هي المعلومات التي تملكها الحكومة أصلاً عنهم».
وقد رفعت بعض اللجان في مجلس الشيوخ الصوت أمام ما رأت أنه «جمع مبالغ فيه للمعلومات الشخصية عن المواطنين الأميركيين» كما عارضت مؤسسات حقوق الإنسان في أميركا هذا التعدّي الذي وصفته «بالعمل الذي يفتقد الشفافية». أما معظم المواطنين الأميركيين فيرون، بحسب الصحيفة نفسها، أنّ عمل تلك المكاتب «لا يجدي نفعاً في مواجهة الإرهاب».
(الأخبار)