strong>علي شهاب
انفجرت أول عبوة خارقة للدروع بدورية للاحتلال الأميركي في شهر آب من عام الغزو 2003. يومذاك، لم يدرك الأميركيون حقيقة ما يواجهونه.
استمر الجيش الأميركي في الإيحاء بأنه يواجه عدواً غامضاً، حتى تشرين الأول 2005، عندما أعلن السفير البريطاني في العراق وليام باتي أن إيران تزوّد المقاومة العراقية بـ«تكنولوجيا مميتة» ضد القوات البريطانية في جنوب البلاد. ثم دعم رئيس الوزراء طوني بلير هذه الاتهامات بالقول إن طبيعة العبوات تقود إلى الإيرانيين أو عناصر من حزب الله».
انتظرت واشنطن حتى 20 أيلول 2006 لتكشف الواقع المحرج: العبوات الخارقة والمتطورة المستخدمة في العراق «إيرانية الصنع»، بحسب تعبير قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي آنذاك جون أبي زيد. تتخطى قضية العبوات حدود العراق. من منظور إقليمي، هي جزء من مواجهة «غير تقليدية» بين طهران وواشنطن، كما يقول أبي زيد.
قبل يومين، ذكر تقرير استخباري، كشفت النقاب عنه صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أن الهجمات بالعبوات الخارقة للدروع أدّت إلى مقتل 30 في المئة من القتلى الأميركيين في العراق خلال الربع الأخير فقط من العام 2006، مع الإشارة إلى «عدم وجود آثار لهذه العبوات في محافظة الأنبار السنية».
فما هي الميزات الخاصة التي تجعل من هذا السلاح سلاحاً فتاكاً، يستدعي من قادة الاحتلال تحويل خطر العبوات، من غير قصد، الى ورقة ضغط بيد طهران؟
تكمن خطورة العبوات الخارقة للدروع في كونها تُزرع بجانب الطرق، ولا تحتاج للحفر في الأرض، بالاستفادة من قابلية التمويه، بحيث تتخذ أشكال صخرة أو أي عنصر موجود في الطبيعة، ما يعقّد اكتشافها. كما تمتاز هذه العبوات بكونها غير قابلة للتعطيل بواسطة التشويش الإلكتروني.
كذلك، تستخدم بعض أجهزة إرسال إشارات التفجير لهذه العبوات «الموجة نفسها التي تم استخدامها ضد القوات الإسرائيلية في لبنان»، بحسب خبير عسكري أميركي.
وفي هذا الإطار، تنقل «نيويورك تايمز» عن محلّلين في أجهزة الاستخبارات الأميركية قولهم إن «أجزاء العبوة الخارقة للدروع المستخدمة في العراق موجودة في مكان واحد في العالم: لبنان، حين سلمت إيران في عام 1998 السلسلة نفسها من هذه العبوات إلى حزب الله».
وتعتمد مزاعم الأميركيين على الاستجوابات التي خضع لها أفراد في ميليشيات شيعية عراقية يتهمها الاحتلال بأنها على علاقة بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله.
وبحسب تقارير استخبارية أميركية فإن «أهم هذه الشبكات تلك التي يقودها أبو مصطفى الشيباني، والتي يزوّدها فيلق القدس وحزب الله بالعبوات». كما «ينشط القيادي السابق في جيش المهدي أحمد أبو سجاد الغراوي في محافظة ميسان».
غير أن العبوات ليست هي السلاح الوحيد الذي يعاني الجيش الأميركي من خطره في العراق؛ ففي الأسبوع الماضي، اعتقل الاحتلال قيس وليث الخزعلي بتهمة «خطف وقتل خمسة جنود أميركيين في مدينة كربلاء في كانون الثاني الماضي».
من بين العتاد العسكري الإيراني الذي تم العثور عليه في العراق، صواريخ مضادة للدروع، وبالتحديد قاذف «بي 29»، الذي استخدمه حزب الله ضد القوات الإسرائيلية في الحرب الأخيرة. هذا الاكتشاف دفع أبي زيد الى الحديث عن «صلات بين عناصر حزب الله الذين تدرّبوا في إيران والمجموعات الشيعية العراقية التي تتدرب كذلك في إيران»، مضيفاً أنه «تم كذلك العثور في العراق على صواريخ صينية الصنع يمكن أن تصل إلى مسافات بعيدة». ودائماً إيران المتهمة، إذ تعدّ الحدود الشمالية الشرقية للعراق خطاً أمامياً هاماً لـ«تهريب السلاح»، بحسب تحقيق أجرته الإذاعة الكردية، في 11 آذار الجاري، وكشفت فيه أن «180 شاحنة على الأقل تعبر يومياً الحدود الإيرانية ـــ العراقية، محمّلة بالفاكهة والخضروات»، من دون أن تخضع للتدقيق أو التفتيش.
وبحسب تعبير مسؤول استخباري أميركي، تقول إيران ببساطة لـ«الشيطان الأكبر» إن «هذا نموذج عمّا ستواجهونه إذا قصفتمونا أو هاجمتم مفاعلاتنا النووية».