strong>أثار الملك السعودي عبد الله أمس حفيظة الولايات المتحدة، خلال افتتاح القمة العربية، بوصفه وجودها في العراق بأنه احتلال، ورفضه تقرير مستقبل المنطقة عبر قوى من خارجها، وهو ما استدعى رداً أميركياً
أقرّ القادة العرب أمس، في ختام اليوم الأول من قمتهم التاسعة عشرة في الرياض، مشاريع القرارات التي صاغها وزراء الخارجية العرب، وفي مقدمتها مبادرة السلام العربية بـ“بنودها كافة”، فيما حفلت أروقة قاعة الاجتماعات بلقاءات جانبية، أبرزها اجتماع الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، في مؤشر جديد على مضي المصالحة بين سوريا والسعودية قدماً، بعدما عقد أول من أمس اجتماعاً مغلقاً مع الملك السعودي عبد الله.
وصادق القادة العرب أمس على إعادة تفعيل مبادرة السلام العربية “بعناصرها كافة” عبر اتصالات ستقوم بها فرق عمل خاصة على كل المستويات.
وأكد نص القرار، الذي حمل عنوان “تفعيل مبادرة السلام العربية”، “التأكيد على تمسّك جميع الدول العربية بمبادرة السلام العربية كما أقرتها قمة بيروت عام 2002 بكافة عناصرها”. وتقرر أيضاً “تكليف اللجنة الوزارية الخاصة بمبادرة السلام العربية بتشكيل فرق عمل لإجراء الاتصالات اللازمة مع الأمين العام للأمم المتحدة والدول الأعضاء في مجلس الأمن واللجنة الرباعية والأطراف المعنية بعملية السلام من أجل استئناف عملية السلام وحشد التأييد لهذه المبادرة العربية”.
وحول البند الخاص بعقد قمم عربية تشاورية، أيد القادة في قرارهم انعقاد قمة عربية تشاورية لمعالجة قضية هامة أو عاجلة تستدعي التشاور لاتخاذ مواقف متجانسة أو مشتركة تجاهها.
وأوضح القرار أنه يحق لأية دولة عضو في الجامعة الدعوة إلى عقد هذه القمة التشاورية وللأمين العام للجامعة العربية الحق نفسه. وتنعقد هذه القمة بموافقة ثلثي الدول الأعضاء.
وأكد القرار أنه ينبغي ألا يحول عقد قمة تشاورية في أي وقت دون الالتزام بعقد القمة الدورية فى شهر آذار من كل عام، مشيراً إلى أن النقاش في هذه القمم يجب أن يقتصر على الموضوع الذي دعيت من أجله وأن تكون جلساتها مغلقة وألا تلقى فيها بيانات عامة.
وفي ما يتعلق بتطورات الوضع في العراق، أكد القادة العرب في قرارهم أن التصور العربى للحل السياسى والأمني لما يواجهه العراق من تحديات يستند إلى احترام وحدة وسيادة واستقرار العراق ورفض أي دعاوى لتقسيمه مع التأكيد على عدم التدخل في شؤونه الداخلية، وأن “تحقيق الاستقرار فى العراق وتجاوز أزمته الراهنة يتطلب حلاً أمنياً وسياسياً متوازياً يعالج أسباب الأزمة ويقتلع جذور الفتنة الطائفية والإرهاب”.
وشدد القرار على أن “الدعم العربي لجهود المصالحة الوطنية يهدف إلى العمل
على توسيع العملية السياسية ومواجهة النعرات الطائفية والعمل على إزالتها نهائياً وعقد مؤتمر الوفاق العراقي الشامل في أقرب وقت ممكن ومراجعة قانون اجتثاث البعث، بما يعزز جهود المصالحة الوطنية، وقيام الحكومة بحل مختلف الميليشيات وإنهاء المظاهر المسلحة العدوانية وتسريع بناء وتأهيل القوات العسكرية والأمـــنية على أسس وطنية ومهنية، وصولاً إلى خروج القوات الأجنبية كافة من العراق”.
وأفادت مصادر من الوفود المشاركة في القمة أنه لن يكون هناك جلسة مغلقة أخرى، وأن الجلسة الختامية ستعقد قبل ظهر اليوم الخميس.
وكان الملك عبد الله قال، في كلمة أمام القادة العرب في افتتاح قمة الرياض: “في العراق الحبيب تراق الدماء بين الإخوة في ظل احتلال أجنبي غير مشروع”. وأضاف أن “الطائفية البغيضة تهدد بحرب أهلية في هذا البلد” الغارق في العنف.
ورأى الملك السعودي، الذي تسلم رئاسة القمة من الرئيس السوداني عمر البشير، أن “أول خطوة في طريق الخلاص (العربي) هي أن نستعيد الثقة في أنفسنا وفي بعضنا البعض فإذا عادت الثقة عادت معها المصداقية وإذا عادت المصداقية هبت رياح الأمل على الأمة”. وأضاف: “عندها لن نسمح لقوى من خارج المنطقة أن ترسم مستقبل المنطقة ولن يرفع علم على أرض العرب سوى علم العروبة”.
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في خطاب عند افتتاح القمة، إن “منطقة الشرق الأوسط باتت أكثر تعقيداً وضعفاً وخطراً من أي وقت مضى”. وتطرق إلى لبنان، مؤكداً أن “عدم الاستقرار السياسي يهدد بتدمير أحد أكثر المجتمعات حيوية في المنطقة”.
ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى، الذي قدم تقريراً استعرض فيه ما قامت به الأمانة العامة خلال العام الماضي، إسرائيل إلى قبول مبادرة السلام العربية بدلاً من أن تطلب تعديلات فيها. وقال إن “المنطقة على مفترق طرق فإما التحرك قدماً نحو سلام حقيقي أو تصعيد للموقف”. ودعا الإسرائيليين إلى “ميدان التفاوض للوصول إلى حل عادل ومقبول من الجميع يتماشى مع صحيح القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ومبدأ الأرض مقابل السلام”.
وشدد موسى على “أن الوضع في العراق بحاجة إلى حل سياسي وليس إلى معالجة أمنية فقط”، محذراً “من استمرار في الانقسام والصدام في العراق بين طوائفه، والسياسات التي تعمل على تأجيجه أو استثماره والتي يمكن أن تشعل حريقاً إقيليماً هائلاً لن يخرج أحد منه منتصراً”.
وفي ردّ على كلمة الملك عبد الله، نفى المتحدث باسم البيت الابيض غوردون جوندرو أن تكون الولايات المتحدة تحتل العراق. وقال إن “الولايات المتحدة موجودة في العراق بناء على طلب العراقيين وبتكليف من الأمم المتحدة، ومن الخطأ افتراض العكس”.
وعلى هامش القمة العربية، عقد الرئيس السوري لقاء مع وزير الخارجية السعودي بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية. وقال مصدر في الوفد السوري إن “المحادثات بينها تطرقت لمتابعة المواضيع التي أثيرت في لقاء الملك عبد الله والرئيس الأسد”.
وذكر المصدر أن اللقاء الذي عقد أول من أمس “ركّز على البحث في سبل إعادة العلاقات السعودية السورية إلى طبيعتها وعلى الأوضاع في المنطقة”. ووصف اللقاء بأنه “ايجابي”، مشيراً إلى أن الأسد سيلتقي اليوم الخميس نظيره المصري حسني مبارك.
وشارك في أعمال قمة الرياض بصفة مراقب كل من الرئيس الباكستاني برويز مشرف ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان والمنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ووزير الخارجية الإيراني منوشهر متكي.
(أ ب، أ ف ب، رويترز،
يو بي آي، د ب أ)