في ما يلي أبرز ما جاء في كلمة الملك السعودي عبد الله خلال افتتاح القمة العربية:
«منذ أكثر من ستين سنة أنشئت الجامعة العربية، لتكون نواة للوحدة العربية الحقيقية، وحدة الجيوش، ووحدة الاقتصاد، ووحدة الأهداف السياسية، وقبل ذلك كله وحدة القلوب والعقول.
ولا شك أن السؤال الذي يطرح نفسه علينا: ما الذي تحقق من ذلك كله؟ إن الجواب على هذا يكشفه واقعنا الذي يؤكد أننا اليوم أبعد عن الوحدة من يوم أنشئت الجامعة.
في فلسطين الجريحة، ما زال الشعب الصامد يعاني القهر والاحتلال محروماً من حقه في الاستقلال والدولة، وكما تعلمون جميعاً، فإن الأشقاء الفلسطينيين اجتمعوا في مكة المكرمة بجوار بيت الله الحرام ونجحوا بفضل الله وتوفيقه في إنهاء خلافاتهم والاتفاق على حكومة وحدة وطنية تم الإعلان عنها، وفي ضوء هذا التطور الإيجابي فإنه أصبح من الضروري إنهاء الحصار الظالم المفروض على الشعب الفلسطيني الشقيق بأقرب فرصة ممكنة، لكي تتاح لعملية السلام أن تتحرك في جو بعيد عن القهر والإكراه على نحو يسمح بنجاحها في تحقيق هدفها المنشود في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وفي العراق الحبيب، تراق الدماء بين الإخوة، في ظل احتلال أجنبي غير مشروع، وطائفية بغيضة تهدد بحرب أهلية. وفي لبنان الذي كان يضرب به المثل في التعايش والازدهار، يقف الوطن مشلولاً عن الحركة، وتتحول شوارعه إلى فنادق وتوشك الفتنة أن تكشر عن أنيابها.
وفي السودان أدى التراخي العربي إلى التدخل الخارجي في شؤونه. وفي الصومال، لا تكاد حرب أهليه تنتهي حتى تبدأ أخرى. كل ذلك يحدث ونحن عاجزون عن تقديم العون لأشقائنا.
«السؤال: ماذا فعلنا طيلة هذه السنين لحل كل ذلك؟ لا أريد أن ألقي اللوم على الجامعة العربية، فالجامعة كيان يعكس أوضاعنا التي يراها بدقة، إن اللوم الحقيقي يقع علينا نحن قادة الأمة العربية، فخلافاتنا الدائمة، ورفضنا الأخذ بأسباب الوحدة، كل هذا جعل الأمة تفقد الثقة في مصداقيتنا، وتفقد الأمل في يومها وغدها.
إن الفرقة ليست قدرنا، وإن التخلف ليس مصيرنا المحتوم... لا ينقصنا إلاّ أن نطهّر عقولنا من المخاوف والتوجس، فلا يحمل الأخ لأخيه سوى المحبة والمودة ولا يتمنى له إلاّ الخير الذي يتمناه لنفسه.
... إن أول خطوة في طريق الخلاص هي أن نستعيد الثقة في أنفسنا، وفي بعضنا البعض، فإذا عادت الثقة عادت معها المصداقية، وإذا عادت المصداقية هبت رياح الأمل على الأمة، وعندها لن نسمح لقوى من خارج المنطقة أن ترسم مستقبل المنطقة، ولن يرتفع على أرض العرب سوى علم العروبة.
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإني أدعوكم، وأبدأ بنفسي إلى بداية جديدة، تتوحد فيها قلوبنا، وتلتحم صفوفنا، أدعوكم إلى مسيرة لا تتوقف إلاّ وقد حققت الأمة آمالها في الوحدة والعزة والرخاء...».