حيفا ــ فراس خطيب
كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس عن اتصالات سرية جرت بين كل من السعودية والولايات المتحدة وإسرائيل أفضت إلى بلورة مبادرة سياسية ــ اقتصادية لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين


أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية أمس عن وجود مبادرة ترتكز على مبدأ دفع التعويضات المالية للاجئين الذين يوافقون على البقاء والتوطن في البلدان التي يقيمون فيها، فيما يُسمح لمن لا يقبلون بالتعويضات بالعودة إلى أراضي السلطة الفلسطينية، على أن يتم تنسيق عودتهم مع السلطات الفلسطينية منعاً لحصول حالات تدفق بشري ولتدارك نشوء مشاكل اقتصادية نتيجة عدم القدرة على استيعاب القادمينوبحسب «يديعوت»، فإن الاتصالات التي أدت إلى تبلور المبادرة أجراها موظفون رفيعو المستوى أميركيون وإسرائيليون، وأن مستشار الأمن القومي السعودي، الأمير بندر بن سلطان، والسفير السعودي لدى واشنطن، عادل جبير شاركا فيها.
وذكرت الصحيفة أن الاتصالات التي أفضت في النهاية إلى صياغة المبادرة، بدأت مع ممارسة الإدارة الأميركية ضغوطاً على الرياض لاستضافة القمة العربية، بعدما كان الملك عبد الله قد تنازل عنها لمصر. ويعود هذا المسعى الأميركي، وفقاً لـ«يديعوت»، إلى العلاقات المتشعبة التي تربط السعوديين بالعالم العربي، ولوجود مصلحة أميركية ــــــ سعودية مشتركة في مواجهة الخطر الإيراني. وعلى هذا الأساس، تطورت الاتصالات لتُنتج في مراحل متقدمة «الرباعية العربية» وتعيد الحياة لاحقاً إلى مبادرة السلام السعودية وتجد حلاً لمشكلة اللاجئين فيها من خلال خطة مبادرة التعويضات المذكورة.
وتنص المبادرة على أن تقوم السعودية ودول خليجية نفطية وكذلك الولايات المتحدة بتأمين الاعتمادات المالية لخطة التعويضات، إضافة إلى قيامها بتمويل مشاريع إنمائية لتحسين الشروط الحياتية للاجئين وإيجاد فرص عمل لهم.
وفيما قدرت الصحيفة حجم المبالغ التي سيتطلبها تمويل المبادرة بعشرات مليارات الدولارات، توقعت أن تلقى المبادرة معارضة، وخاصة من الرئيس الليبي معمر القذافي «الذي سيهدّد بطرد عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في ليبيا في حال تنفيذ الخطة».
وتمنح الخطة الجديدة، بحسب «يديعوت»، الأولوية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذين وصفت حالتهم بـ«السيئة للغاية»، والذين يصل عددهم إلى أكثر من 300 ألف.
وأشارت الصحيفة الإسرائيلية إلى أن تفاصيل هذه المبادرة لن تُكشف في البيان الختامي للقمة العربية، وسيُكتفى بإيراد بند يتحدث عن أن «حل مشكلة اللاجئين سيتم بالتوافق، انطلاقاً من احترام الاحتياجات الأمنية لكل الأطراف ذات الصلة».
وبرغم إعلان وزراء الخارجية العرب رفضهم إدخال أي تعديل على مبادرة السلام العربية، إلا أن «يديعوت توقعت» أن تقر القمة العربية المبادرة مجدداً مع «إضافات جوهرية» عليها، موضحة أن البيان الختامي سينص على «إقامة لجان مشتركة يشارك فيها ممثلون إسرائيليون وسعوديون لتأسيس آلية من أجل إقرار جدول أعمال للتقدم في المبادرة».
من جهة أخرى، رأت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني أن «الحل الدائم غير ممكن في الأوضاع الحالية»، معلنة، في كلمة أمام مؤتمر لحزب «كديما» عقد في نتانيا أول من أمس، أن إسرائيل ستتحاور مع الفلسطينيين في «الأفق السياسي» كمقدمة للعودة إلى المرحلة الأولى من خريطة الطريق التي تنص على محاربة «الإرهاب» كمقدمة للتقدم في العملية السياسية. وأضافت: «لقد حددنا الأفق المشترك لنا وللفلسطينيين، لكن أوضحنا لهم أنه بعد انتهاء الحوار في الأفق السياسي سنعود إلى تطبيق المرحلة الأولى من خريطة الطريق التي تطالب الفلسطينيين بنبذ الإرهاب».
ورأت ليفني أن الوضع ليس ميؤوساً منه، مشيرة إلى نقطتين رأت أنهما تعبران تعبيراً حقيقياً عن مفاهيم الحكومة الإسرائيلية: «الأولى وردت في حديث وزيرة الخارجية الأميركية، كوندوليزا رايس، وهي الاتفاق على الشروع في حوار سياسي مع الفلسطينيين مع ضمان الحفاظ على المصالح الإسرائيلية، بالتوازي مع حصول إسرائيل على ضمانات، وبحيث يتمحور الحوار في إطار الخطوط والمواقف الإسرائيلية». والثانية: «ما جاء على لساني في مؤتمر آيباك. ويتلخص بأنه يجب البدء في تطبيع العلاقات الآن (مع العرب). وسيعتبر ذلك رسالة سلام أيضاً للفلسطينيين ويؤدي إلى دفع العملية السياسية».
وهاجمت ليفني رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس واعتبرته «مخيبا للآمال، وخاصة في قضية إطلاق سراح جلعاد شاليط. فقد كانت أمامه فرصة لاشتراط إقامة حكومة الوحدة بإطلاق سراحه، لكنه لم يقم بذلك».
وكانت ليفني قد قالت في لقائها مع وفد من البرلمان النروجي إن «السبيل لمنع الجمود في ظل عدم وجود إمكان للحل الدائم، هو الحوار حول الشروط لإقامة الدولة الفلسطينية ومواصفاتها». ورأت أن إسرائيل يمكن أن تعرض «في هذا الإطار احتياجاتها الأمنية ومصالحها الحيوية المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية، لكن التنفيذ بطبيعة الحال سيكون خاضعاً لخريطة الطريق».