طهران ـــ محمد شمص
«المواقف الخاطئة» تؤجّل إطلاق البحّارة البريطانية


تصاعدت حدة الأزمة بين لندن وطهران أمس، على خلفية استمرار السلطات الإيرانية باحتجاز 15 بحاراً من بريطانيا، التي لجأت إلى مجلس الأمن في محاولة لاستصدار بيان رئاسي “يستنكر” الاحتجاز، وكثفت ضغوطها على إيران للسماح لها بالاتصال بالمعتقلينوقال وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي، للتلفزيون الرسمي امس، انه يجب على لندن أن تعترف بأن بحارتها الـ 15 انتهكوا المياه الاقليمية الايرانية لكي تساعد على حل الأزمة.
وأضاف “يجب على المسؤولين البريطانيين ان يعترفوا بأن هذا الانتهاك قد حصل وهذا الامر سيساعد على حل القضية”.
أما أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الايراني علي لاريجاني فقال من جهته ان بلاده لن تفرج عن الجندية البريطانية فاي تورني، المحتجزة مع 14 بحاراً آخرين، بسبب “مواقف” بريطانيا “الخاطئة”.
ونسبت وكالة الانباء الايرانية للجندية البريطانية رسالة ثانية جاء فيها انه “حان الوقت لسحب القوات البريطانية من العراق”.
وأعرب لاريجاني عن استغرابه لتصريحات بعض المسؤولين الاوروبيين الذين “اتخذوا مواقف مسبقة قبل دراسة القضية بالوسائل الفنية، وادّعوا أن الزوراق المحتجزة كانت في المياه الاقليمية العراقية”. وأضاف ان‎ “الحكومة‎‎ البريطانية عـلى‎ يقين‎‎ أن اتباع الطرق‎ القانونية‎‎ سيؤدي الى‎‎ كشف‎‎ حقيقة‎ أن جنودها انتهكوا فعلاً مياهنا الاقليمية”، مشيراً الى وجود صور وخرائط تثبت ذلك. وكشف لاريجاني عن مساعي ووساطات من دول صديقة مثل تركيا والعراق وسلطنة عمان لحل الأزمة.
ورفض المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية محمد علي حسيني بشدة تدخل مسؤولين اوروبيين غير معنيين بقضية اعتقال البحارة البريطانيين، مشيراً بذلك الى تصريحات كل من المستشارة الالمانية انجيلا ميركل والمنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الاوروبي خافيير سولانا وأمين حلف الاطلسي شيفر هوب، حيال قضية البحارة. وقال إن “هذا الموضوع هو شأن يخص البلدين فقط”.
ورأت وزارة الخارجية الايرانية، في مذكرة بعثت بها الى السفارة البريطانية في طهران، أن “تقديم الضمانات بشأن عدم تكرار انتهاك المياه الاقليمية الايرانية أمر ضروري”.
ونقلت وكالة الانباء الايرانية الرسمية عن مسؤول عسكري ايراني، طلب عدم كشف هويته، ان “هؤلاء الجنود الـ15 على متن زورقين والمجهزين بمعدات كاملة، دخلوا ست مرات المياه الاقليمية الايرانية، قبل أن يتم اعتقالهم في 23 آذار”، مضيفاً أنه “وفق تسجيلات لأنظمة تحديد المواقع (جي بي اس)، فإن دخول البحارة البريطانيين الى المياه الاقليمية لإيران امر اكيد”.
غير أن المندوب البريطاني لدى الامم المتحدة امير جونز بيري، اتهم ايران بتغيير معطيات انظمة (جي بي اس) بالنسبة الى موقع اعتقال البحارة، لتؤكد انهم كانوا في المياه الاقليمية الايرانية.
وأظهرت لقطات تلفزيونية امس ما قالت إنها عملية للقبض على 15 من أفراد البحرية البريطانية قبل أيام، وأشارت إلى ان هذا دليل على أن البريطانيين كانوا في المياه الإيرانية.
وفي لندن، قال رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، في حديث الى شبكة “آي تي في” التلفزيونية البريطانية، “ما علينا فعله بطريقة حازمة هو زيادة الضغوط” على ايران.
وأضاف ـــ تعليقاً على بث شريط مصور الأربعاء تضمن صوراً وكلاماً للجندية البريطانية فاي تورني ـــ: “اعتقد أنه امر سيئ تماماً، لا بل إنه عار أن يتم التلاعب بالناس بهذه الطريقة”.
وقالت التقارير إن بريطانيا وزعت بياناً مقترحاً على أعضاء مجلس الأمن الـ15، يشدد على أن البحارة المحتجزين كانوا ينتشرون بموجب تفويض من الأمم المتحدة.
ويقول مشروع بيان صاغته بريطانيا، إن مجلس الامن المؤلف من 15 دولة “يستنكر استمرار احتجاز حكومة ايران لأفراد بحرية المملكة المتحدة الـ15”.
وناقش الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مع وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي أزمة البحارة البريطانيين، الذين تحتجزهم ايران، وذلك على هامش قمة الجامعة العربية في الرياض.
وفي بروكسل، دعا سولانا إيران إلى اتخاذ خطوات لإنهاء المواجهة مع بريطانيا بشأن أفراد البحرية البريطانية المحتجزين لديها وإحياء المفاوضات النووية.
وفي واشنطن، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية توم كايسي “ما نتمناه هو الافراج عن البحارة البريطانيين من دون شروط”، مضيفاً “نريد أن تحل (القضية) سلمياً وأن تحل من خلال إفراج الايرانيين عن هؤلاء الاشخاص”.
وأعلنت البحرية الأميركية أنها أمرت حاملة طائرات بالتوجه إلى الخليج لتحل محل إحدى اثنتين تجوبان المنطقة، في الوقت الذي اختتمت فيه امس الولايات المتحدة، المناورات البحرية على مسافة غير بعيدة من إيران.
وقال مساعد وزيرة الخارجية الاميركية المكلف الشؤون السياسية، نيكولاس بيرنز، امام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، إن الولايات المتحدة “لا تملك اي سبب لاختيار طريق المواجهة” مع ايران في الوقت الحالي.
وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد طلب من الولايات المتحدة أن تتوخى الحرص حتى لا يتصاعد التوتر مع إيران بسبب الوجود البحري الأميركي في الخليج.
وفي ما يتعلق بالملف النووي، افادت مصادر دبلوماسية في فيينا بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية حثّت ايران على السماح قبل نهاية الاسبوع الجاري بوضع كاميرات مراقبة في مصنع تخصيب اليورانيوم في ناتنز (وسط). وأكد دبلوماسي، لوكالة “فرانس برس”، أن المفاوضات متواصلة لكن اذا لم تتحرك ايران، فقد يؤدي ذلك الى عقد اجتماع طارئ لمجلس الحكام وربما لمجلس الامن الدولي أيضاً.



تجمّع حشد من الطلاب الجامعيين أمام مبنى وزارة الخارجية الإيرانية في طهران أمس احتجاجاً على طريقة التعاطي مع قضية البحارة البريطانيين، مطالبين المسؤولين بـ “محاكمتهم كجواسيس وقطع كل العلاقات الدبلوماسية وغيرها مع بريطانيا”.