رفض رئيس الأركان الإسرائيلي دان حالوتس الدعوات المتجددة إلى استقالته من الجيش الإسرائيلي، وتحمّل مسؤولية إخفاق الحرب الأخيرة على لبنان، متسلحاً بتغطية ودعم كل من رئيس الحكومة إيهود أولمرت ووزير الدفاع عامير بيرتس، وسط غضب أهالي قتلى جيش الاحتلال واتهامهم المؤسسة العسكرية بالتملص من مسؤولياتها.وأفادت صحيفة «معاريف» أمس أن أولمرت طلب من حالوتس عدم الاستقالة وانتظار نتائج لجنة تحقيق فينوغراد، الموكل إليها فحص الحرب الأخيرة على لبنان، قائلاً له «لا يوجد أي سبب لتستقيل الآن، ما دامت لجنة فينوغراد لم تصدر توصياتها بعد».
وأشار مسؤولون رفيعو المستوى في مكتب أولمرت للصحيفة إلى أن الأخير «يؤيد حالوتس ومعنيّ بأن يبقى في منصبه، فحالوتس هو الشخص الأكثر أهلية في هيئة الأركان لقيادة الجيش واستخراج عِبَر الحرب، ليعضّ على الجراح ويهدّئ الأمور».
وقالت الصحيفة إن «أولمرت يؤيد حالوتس من أجل إبقائه كدرع بشري استعداداً لمواجهة استنتاجات لجنة فينوغراد. وإضافة إلى حالوتس، فإن أولمرت معنيّ أيضاً ببقاء وزير الدفاع في منصبه، لأن استقالتهما تعني بقاءه وحيداً على مهداف اللجنة».
من جهته، التقى بيرتس مجموعة من أهالي قتلى الجيش الإسرائيلي، الذين سقطوا خلال العدوان على لبنان، وتعهد أمامهم بأنه «سيستقيل من دون تردد إذا ما أوصت لجنة فحص أحداث الحرب باستقالته»، مجدداً رفضه إقالة حالوتس.
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن عائلات القتلى طلبوا من بيرتس إطلاعهم على نتائج تحقيقات الحرب، وأن تتحمل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية «مسؤوليتها عن الإخفاقات»، وعبّروا عن غضبهم من إقدام حالوتس على تقبّل نتائج تحقيقات معينة ورفضه لأخرى تتهمه بالمسؤولية. إلا أن بيرتس «غطى رئيس الأركان، وقال إنه ليس بنيته إقالته».
وفي هذا السياق، استمر حالوتس بسياسة التمييع وصدّ أي محاولات لتحميله مسؤولية إخفاقات الحرب الأخيرة، فعقد مؤتمراً أمس في قاعدة «حتسيريم» التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي، جمعه مع ضباط رفيعي المستوى في الجيش الإسرائيلي، للتدارس في نتائج التحقيقات واستنتاجات خمسين لجنة تحقيق عسكرية في المجالات كافة.
وأعلن حالوتس، في مؤتمر صحافي أعقب انتهاء المؤتمر، أنه «لم يسمع أحداً من رؤسائه يدعوه إلى ترك منصبه، لكن إذا طالبته لجنة رسمية مثل لجنة فينوغراد بالاستقالة، فإنه سيفعل ذلك».
وعدّد حالوتس، خلال المؤتمر الصحافي، الإخفاقات الأساسية التي ارتكبتها هيئة أركان الجيش خلال الحرب على لبنان. وقال إنه «كان يتوجب أن يكون وقف إطلاق الصواريخ (على إسرائيل) ذا أفضلية علينا منذ بداية الحرب، لكن الأمور لم تكن على هذا النحو». وأضاف انه «كان لا بدّ من الاستعداد لتنفيذ عملية برية في وقت سابق، وقد استمر أداء الجيش ضمن سياسة الأمن الجارية وقتاً أكثر مما يجب».
وأشار حالوتس إلى أن «الحوار مع قيادة الجبهة الشمالية كان خاطئاً، الأمر الذي أدى إلى انعدام التنسيق في إدراك الوضع، وفي تنفيذ العمليات العسكرية المطلوبة في ضوء الوضع الحاصل»، مشدداً على أنه «كان يجب أن تكون الأوامر التي صدرت أكثر صرامة».
وتابع أنه «اتضح أن جهاز قوات الاحتياط ضروري، ولا يمكن خوض حرب من دونه. والاهتمام بتحسينه هو أحد الأهداف المركزية التي سيعمل الجيش على تحقيقها».
وأفادت تقارير إعلامية إسرائيلية أن حالوتس ركّز في المؤتمر، الذي حضره 600 ضابط، على «وجوب تنفيذ التوصيات وإصلاح ما يجب إصلاحه والتطلّع إلى الأمام». ورأى أن مسؤولية الإخفاق «موزّعة على سنوات قبل وقوع الحرب، وبالتالي من غير المنصف اتهام قيادة الجيش الحالية بأنها هي المسؤولة عن الفشل».
وذكرت صحيفة «هآرتس» أمس أن «عدداً كبيراً من ضباط الجيش الإسرائيلي الرفيعي المستوى، الذين شاركوا في المؤتمر، يعتقدون بوجود أزمة ثقة عميقة في قيادة الجيش، وأن قدرة حالوتس على السير بالجيش نحو الترميم ستكون موضع اختبار في الأشهر المقبلة». وقال ضابط رفيع المستوى في هيئة الأركان العامة لـ«هآرتس» إن «جزءاً كبيراً من الأشخاص، الذين شاركوا في المؤتمر يتشككون بقدرة القيادة الحالية».
ونقلت صحيفة «معاريف» أمس عن مصدر عسكري إسرائيلي قوله إن الجيش الإسرائيلي يريد «إنزال موضوع الحرب من دائرة الاهتمام والتخلص من الانشغال بها». وأضاف ان «قادة الجيش اجتازوا فترة قاسية، رافقتها اهتزازات قاسية جداً. لقد تعلمنا منها الكثير، وعلينا الآن التطلع إلى الأمام».
وتواصلت أمس ردود الفعل الشاجبة لمحاولات حالوتس الالتفاف على إخفاقات الحرب. وقال ضابط رفيع المستوى لصحيفة «معاريف» إن «الكثير من الضباط الذين فشلوا في الحرب بشكل فظيع، ولا يعقل أن يستمروا في مناصبهم وكأن شيئاً لم يحدث».
(الأخبار)