اتفقت واشنطن وطوكيو أمس على تعديل القيود العسكرية المفروضة على اليابان إثر هزيمتها في الحرب العالمية الثانية، وذلك لإعطائها دوراً عسكرياً دولياً في مواجهة تصاعد قوة الصين، وذلك في اجتماع لوزراء خارجية ودفاع كل من البلدين في نيويورك، سبق زيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي اليوم إلى واشنطن.
وشكلت "الخطوط التوجيهية" الجديدة للسياسة العسكرية اليابانية التي جرى التوافق عليها يوم أمس، التفافاً على دستور اليابان الذي كُتب تحت الاحتلال الأميركي في أعقاب الحرب العالمية الثانية، حين فُكِّك الجيش الياباني الإمبراطوري واكتُفي بـ«قوات الدفاع الذاتي». وفتحت الباب أمام هذه التعديلات التفسيرات الجديدة للدستور الياباني التي اقترحتها حكومة آبي، بما يتيح للقوات المسلحة اليابانية المشاركة في عمليات عسكرية في الخارج «بهدف مساعدة حلفاء»، أي بما يمكن اليابان من مساندة القوات الأميركية أو "نشر كاسحات الغام في الشرق الاوسط"، أو "إسقاط صاروخ متجه نحو الولايات المتحدة، حتى ولو كانت اليابان نفسها غير مستهدفة"، بحسب مسؤول أميركي.

وتأتي زيارة آبي لواشنطن بعد فوزه في انتخابات محلية اعتُبرت بمثابة استفتاء حول سياساته؛ ويستثمر الأميركيون بطموح آبي لإعادة الاعتبار لليابان كمركز قوة في آسيا، في مواجهة النفوذ السياسي والعسكري المتزايد للصين. وأعلن بن رودس، مستشار السياسة الخارجية لأوباما، أن الزيارة تاتي "في سياق جهودنا لإعادة التوازن في منطقة آسيا - المحيط الهادئ"، وأن بلاده ترحب "بتطلع اليابان إلى دور بنّاء أكثر في تعزيز السلام والاستقرار" في المنطقة نفسها، موضحاً أن "ذلك ينسجم تماماً مع سياسة إعادة التوازن الأميركية". وتشمل سياسة «إعادة التوازن» توقيع اتفاقات شراكة تجارية عبر المحيط الهادئ مع 12 دولة، بينها اليابان وغيرها من الدول الراغبة في مواجهة المشاريع الصينية الاقتصادية العملاقة ذات الأبعاد الاستراتيجية، وتحديداً مشروع «طريق الحرير الجديد» و«الحزام الاقتصادي» الأوراسي «الواحد» الناتج منه.
وكان أوباما قد تعرض لانتقادات من بعض أعضاء حزبه (الديمقراطي) الذين أعربوا عن خشيتهم من أن يؤدي الاتفاق إلى خسارة وظائف أميركية وانتقالها الى الخارج. وبدا أوباما في الأسبوع الماضي شديد الحرص على دحض هذه المخاوف، وقال في كلمته الاسبوعية، "أفهم شكوك الكثيرين من الاتفاقات التجارية لأن الاتفاقات السابقة لم تكن دائماً بالمستوى المتوقع... نحن نتعلم دائماً من دروس الماضي، لكن محاولة إيقاف الاقتصاد الدولي عند حدودنا ليس أحد هذه الدروس". ولا يزال المفاوضون من البلدين يعملون على مسائل خلافية مرتبطة بالتجارة بالسيارات والمواد الزراعية؛ وفي السياق، قال السفير الياباني لدى واشنطن كنيشيرو ساساي إن "هناك إرادة قوية جداً من الجانبين للتوصل إلى اتفاق"، وأن "المفاوضات مستمرة منذ فترة"، وأن أوباما وآبي سيحتفيان بـ"التقدم الكبير" الذي تم تحقيقه على هذا الصعيد.

(أ ف ب، رويترز)